المقاومة الوطنية الإرترية بين التطلع نحو الوحدة والعمل المشترك وتحديات القصور الذاتي والأجندة الخارجية التحالف الديمقراطي والمجلس الوطني نموزجا

بقلم المناضل الأستاذ: بشير إسحاق عبدالله

التطلع نحو الوحدة والعمل السياسي المشترك: منذ فجر سماح وتشجيع إدارة الإنتداب البريطاني على إرتريا بممارسة العمل السياسي

مطلع اربعينيات القرن الماضي في إرتريا، والمزاج العاطفي العام لعامة الجمهور الإرتري وطلائعه المستنيرة كان ينزع نحو الوحدة والعمل السياسي تحت سقف سياسي واحد ويتململ من التعددية السياسية وكثرة الأحزاب ويتذمر من التنافس السياسي بينها ولا يحترمه.

وإن أول كيان جنيني للعمل السياسي الذي نشأ حينها كان يعكس هذه النظرة الوحدوية للعمل السياسي في كيان وطني جامع تجلى مضمونه وأهدافه وبرنامجه في إسمه "جمعية حب الوطن" وكان في تكوينه يتجاوز خطوط الأخاديد الفاصلة بين ثقافات التنوع الإجتماعي الإرتري. وربما تولد ونمى هذا الإحساس المبكر الذي يتضجر من التعدد السياسي وقيام الأحزاب على اساس فكري وإيدولوجي - ضمن أسباب أخرى - تزامن مرحلة تقرير المصير (حيث تكون إرتريا أو لا تكون) مع قيام التعددية والعمل السياسي إجمالا كممارسة لم يعهدها الشعب الإرتري من قبل ولم تدخل ثقافته. إذ واجه الشعب مسألة حق تقرير المصير الحيوية عبر ممارسة سياسية لا يعرفها ولا يتقن ممارسها ومن حيث الحرص على وحدة الصف الوطني في وقت تتهدده مطامع هيلي سلاسي التوسعية والخوف من قيام الأحزاب على أساس التنوع الإرتري الثقافي والديني القائم توجس من العملية الحزبية والتعددية برمتها حيث رأى فيها بعثرة لوحدة الشعب يترتب عليها خمود الأمل في الإستقلال وقيام دولة إرتريا ومن ثم أحد الأمرين، إما الإنضمام إلى إثيوبيا وإما التقسيم، وهذا للأسف الشديد ما أمسى واقعا بالفعل.

ولولا أن تمكنت منها الأجندات الإثيوبيا ربما لكانت "جمعية حب الوطن" تتطور تدريجيا إلى حزب إجماع وطني يقود البلاد بأسرها نحو تحقيق الإستقلال والسيادة الوطنية الناجزة مثلها مثل ما جرى في كثير من الدول الإفريقية التي مرت بتجارب مماثلة ولم تكن أكثر تطورا ولا تمتلك تجربة اكبر في الممارسة السياسية مما كان عليه واقع الحال في إرتريا. وربما لتفرعت عنها (أي عن "جمعية حب الوطن") - وبشكل طبيعي تمليه ممارسة العملية السياسية والعمل الفكري الذي يقود إلى برامج وروأى مختلفة للحكم والإدارة والتنمية - أحزاب وطنية اخرى دون ان تثير رفضا أو تبرما أو شكوكا من قبل الشعب (تنزانيا، وغانا، ومؤتمر الخريجين في السودان مثالا). لم تصمد "جمعية حب الوطن" أمام طموحات الإمبراطور هيلي سلاسي وإمكاناته المادية وخبرته وحنكته السياسية ونفوذ وقوة حلفاءه في الغرب وعلى راسهم الولايات المتحدة الأمريكية. كما لم تصمد مشاعر الأخوة والمواطنة والتعايش التي بدت علي منتسبي "جمعية حب الوطن" أمام نفوذ الكنيسة الأرثدوكسية الإرترية التي استحوز عليها الإمبراطور من خلال دغدغة المشاعر الدينية للمسيحيين المؤمنين وإستغلال فقرهم وجهلهم بجانب إستغلاله لبعض طموحات المتعلمين منهم المتطلعين إلى المنافع الشخصية من المهاجرين إلى إثيوبيا.

وجاء إجتماع بيت جرجيس المشؤوم لكي يقنن الإنقسام وكانت ردة الفعل كراهية الحزبية والتحزب في ذاكرة العوام من الشعب الإرتري، وقامت على إثره وكرد فعل له الرابطة الإسلامية الإرترية. وأستمرت الرغبة في الوحدة السياسية الإرترية عميقة في نفوس الشعب حتي بعد أن حسمت الصراعات الدامية بعقلية الغالب والمغلوب وبعد أن اصبحت الهيمنة الإثيوبية واقعا من خلال الفيدرالية حيث تجلت الرغبة في الوحدة في مظاهر هلل لها الشعب بأكل الزعماء المسلمين والمسيحيين من ذبيحة واحدة وغيرها من المظاهر.

ولم يكن الأمر يختلف كثيرا إبان حقب الكفاح المسلح حيث كانت قلوب الجماهير تتطلع وتنبض بالرغبة الجامحة لوحدة فصائل الثورة وتتغني بكلمات "سمرت ووحدت" وتسمي بها أبنائها تيمنا. وكما يقال بأن "من الحب ما قتل" تجد حتي في الوقت الراهن يقف بعض البسطاء من الناس مع النظام الجائر كرها في التعدد الحزبي مع إقرارهم بجوره وطغيانه. ومما يدعو للآسى والحزن أيضا يجد المتصفح فيما يسمي بــ"وسائل التواصل الإجتماعي" بعض الشباب من متوسطي التعليم والذي يفترض فيهم نسبة من الوعي والإدارك بحكم سنهم وتواجدهم الجغرافي في بلاد متاح فيها الإطلاع والتعلم تكاد لا تميز تفكيرهم عما هو متجذر في العوام حيث لا يزالون يفكرون بعاطفتهم وبشكل تقليدي موروث، يروجون بدون وعي عن رفضهم لإي فكر إنساني أو إيدولوجية سياسية وينكرون على الكيانات السياسية حق الإختلاف في البرامج والوسائل. ويتهمون جزافا المدارس السياسية والإنتماء إلى الأحزاب أو التنظيمات المناضلة في مرحلة الكفاح المسلح وإلى الوقت القائم وكأنها جريمة ضد الوطن لا تغتفر، والشخص الجيد بمعاييرهم هو المجرد من أي إنتماء حزبي أو فكر سياسي، ومن هذا المنطلق يهاجمون بلا هوادة كل التجارب البشرية (ليبرالية، رأسمالية، يمين، يسار، بعث، إشتراكية، إسلام...الخ) ويحملونها كل إخفاقات الماضي والحاضر وكأنهم يريدون إرتريا جزيرة معزولة عن العالم وعن محيطها البشري والإنساني يصطف اهلها في رأي واحد كما يصطفون للصلاة لا يؤثرون ولا يتأثرون. هذه النزعة إلى الوحدة بمنظورها السالب (حادي هزبي حادي لبي) والإصطفاف السالب وراء الواحد هو ايدولجية النظام المتخلفة التي نعاني منها والذي لا يمكن أن ينكرأحد بأنها متجزرة في المجتمع الإرتري. وارجوا ان لا يفهم كلامي هذا وكانه دعوة "للتزرر" أو التمزيق، ولكنها دعوة للإقرار بالتعدد والإقرار بالتنوع الإيجابي مع مراعات ترتيب الأولويات حسب متطلبات المراحل التي تمر بها البلاد، والوصول إلى توازن عقلاني بين هذا وذاك. وربما فشل المظلات الجامعة للمقاومة وإخفاقها من العمل المشترك ضد ضد النظام رسخ تردد معظم الجماهير من الإنتماء للتنظيمات والأحزاب ورفض مبدء التددية بصفة عامة.

محاولات الوحدة الإندماجية بين التنظيمات:

نزولا لرغبة الجماهير الإرترية الواسعة وكسب تعاطفها - كما تقول دوما الجهات التي تتوحد -أو للإستقواء ببعضها البعض ضد الآخر أو في بعض الحالات نضوب عوامل الإستمرار لأحدها ورغبة جلب منفعة ما للآخر، قامت عدة محاولات لوحدة إندماجية بين تنظيمات سياسية في أوقات مختلفة.

ويمكن تلخيض أبرزها كالتالي:-

أ) وربما كانت أولها وأكثرها شهرة وإثارة لعواطف الجماهير دعما وتاييدا كانت إتفاقية 7 أكتوبر 1977 الفاشلة بين جبهة التحرير الإرترية والجبهة الشعبية لتحرير إرتريا. وقد مثلت تلك الإتفاقية لدي قطاعات واسعة من الشعب الإرتري آمالا عريضة في تجاوز الخلافات التي عصفت بالثورة الإرترية ووصلت لحد الإقتتال الداخلي وبعثرت طاقات الشعب والثورة، وعززت تلك الإتفاقية ثقة الشعب والثوار بانفسهم وزادت إيمانهم بقرب النصرالحتمي. وقد فشلت تلك الإتفاقية نتيجة للمخططات الشريرة لإساياس أفورقي قيادة ونهجه المعادي لتطلعات الشعب الإرتري، وتبدد معها أخر أمل لوحدة الشعب الإرتري وتوحيد فصائل ثورتة. وكانت نتائج فشل تلك الإتفاقية البحث عن حليف خارج الحدود للإستقواء به على الآخر الوطني. وهكذا تمت تصفية جبهة التحرير ومعها تصفية المشروع الوطني، وذلك ما يتم تبيانه يوما بعد يوم من حكم إسياس افورفي.

ب)ضمن الوحدات التي تمت - ربما على أساس إنعدام عوامل الإستمرار لطرف من اطراف الوحدة - هي تلك التي تمت بين الجبهة الشعبية (الأقوى) ومجموعة من "ساقم" (الأضعف)، وتمت العملية الإندماجية بنجاح وأنصهرت المجموعة الأضعف تماما في الشعبية بدون صعوبة.

ج) ومن التجارب الإندماجية الوحيدة في ساحة المعارضة التي صمدت حتى اللحظة كانت تلك التي تمت بين جبهة التحرير الإرترية وبين جبهة التحرير الإرترية - اللجنة الثورية، وقامت تحت وطائة متغيرات إقليمية قاهرة ونضوب الدعم الخارجي، مع ان البعض يتهمهما بأن الجهتين طيلة فترة الوحدة يسيران جنبا إلى جنب دون الإندماج وبينهما برزخ لا يبغيان. كما يعزوا آخرون صمود تلك التجربة دون غيرها لعوامل إجتماعية لم تتوفر لغيرها من التجارب.

د) تجربة جادة ومثيرة للجدل كانت تلك التي أنبثقت عن تجمع ما عرف بـ4+1 وتوجت بوحدة إندماجية بين جبهة التحرير الإرترية/المجلس الوطني، الجبهة الثورية الديمقراطية الإرترية "سدقي"، والحركة الشعبية الإرترية، ونتج عنها جبهة الإنقاذ الوطني الإرترية. ولكن وللأسف لم تدوم تلك الوحدة وصارت تعود إلى مكوناتها الأولى مع بعض الإثتثناءات هنا وهناك، ويعتبر فشلها سببا في تفريخ عدة تنظيمات بتوجهات مختلفة من الصعب إحصائها بالضبط.

هـ) تجربة أخري مثيرة للجدل وجديرة بالإهتمام ولم تنتهي فصولها بعد، هي الوحدة الإندماجية بين حزب الشعب والحزب الديمقراطي والحركة الشعبية، ولا يبدوا إن مصيرهذه التجربة أيضا سيكون أفضل من سابقاتها، حيث غادرتها الحركة الشعبية مبكرا وتترنح العلاقة بين الطرفين المتبقيين بشكل جلي بالرغم من الحملات الإعلامية الكبيرة التي سبقت تكوينها ووضعت فيها أمنيات وأحلام ربما تتجاوز واقعها الحقيقي مثل تجاوز تجربتي الجبهة والشعبية وبناء تنظيم طليعي وإقامة ملتقي حوار وطني حقيقي...الخ.

خلاصة:

إن كل تجارب الوحدوية الإندماجية الإرترية - ما عدا تلك التي تقوم بين قوي مطلق وضعيف مطلق - لم تنجح وحسب بل كانت نتائجها كارثية تمثلت في تفريخ تنظيمات عدة تنفصل عن التنظيم الرئيس ثم تبدء تنقسم في ذاتها إنقسامات اميبية يصعب حصرها، وتتميز هذه التنظيمات في غالبتها بأنها تكن العداء الشديد لمن أنشقت عنه وتتملكها عقلية الكراهية وروح الإنتقام من الجميع وتصبح من ضمن المعاول التي تنخر في وحدة قوى المقاومة وتتسبب في تعميق خلافاتها وضعفها.

ومن ضمن أسباب فشل الوحدات الإندماجية بين التنظيمات:-

1. يبني أغلبها على قرارات عاطفية وأحيانا على مزاجات فردية آنية للقيادات

2. تحميل الوحدة برامج نظرية أكبر من قدرة أطرافها ومساحة رؤاهم الفكرية وقدراتهم العملية وعدم التفريق بين الواقع والمأمول والممكن والمقدور عليه وخارج ذلك.

3. تقوم على تأثير ودفع طرف داعم تكون رغباته الآنية وتوجهاته هي الدافع الأساس

4. تقوم على وشائج إجتماعية يصعب عليها الصمود في الواقع العملي أمام إختلاف البرامج والقناعات السياسية وربما يكون لإحدى أطرافها ولاءات اخرى خارج التنظيم

5. يكون دافعها الرئيس هو الإستقواء على ثالث وبعيدا عن تقارب البرامج والأهداف

6. مهما أدعت الأطراف المندمجة (وهذا ينطبق على كل القوى السياسية والمدنية وحتي معظم الجمهور الإرتري بما فيهم الشباب) مبرمجون في تفكيرهم وتنظيمهم ووحدتهم وخلافاتهم وإنشقاقاتهم على نمط ما كان معمولا به في فترة الكفاح المسلح، ولا يوجد وحتي اللجظة من أبتدع (الخروج من الصندوق) نمط آخر مستحدث وغير مألوف.

محاولات بناء مظلات جامعة بين الكيانات السياسية الإرترية:

إن ما يعرف بـ "الكتلة الإستقلالية" كان اول تحالف سياسي إرتري أو قل مظلة جامعة لقوى الإستقلال حينها. قامت من عدة أحزاب سياسية متباينة في طرحها وبرامجها وأحجامها وأوزانها، جمعها هدف واحد دون غيره وهو مقاومة الإلحاق الإثيوبي أو التقسيم، وتحقيق الإستقلال الوطني على كامل التراب الإرتري. وقد تم تشتيتها وإضعافها بفعل فاعل خارجي وذلك من خلال إستهداف وتمزيق مكوناتها الأساسية مما أدى إلى هزيمتها (وما اشبه اليوم بالبارحة). وتميزت الكتلة عن المظلات القائمة بخاصيتين رئيسيتين وهما:-

1. تواجدها الطبيعي بين جماهيرها وممارسة نشاطاتها أنطلاقا من داخل الوطن

2. إعتمادها على تمويل ذاتها وإستقلالها من أي تأثير خارجي مباشر وظاهر عليها

وظلت جدلية العلاقة بين تحقيق النصر السياسي والوحدة والعمل المشترك هي السائدة في سيكولوجية الجماهير الإرترية وقواه السياسية (وهي فرضية صحيحة لا جدال فيها) حتي بعد التحرير. ومن الصعب جدا تتبع وإحصاء المحاولات العديدة التي جرت لتوحيد الأطراف المتناثرة لجبهة التحرير الإرترية - قبيل الإستقلال وبعده - في مواجهة هيمنة الجبهة الشعبية وإنفرادها بالساحة، وكان جزء منها بمبادرات ذاتية فيما شارك في بعض منها جهات إقليمية معروفة، وكانت أبرزها قبل الإستقلال هي ما تعرف بالتنظيم الموحد، ولكن انتهت جميعها بفشل زريع.

التحالف الديمقراطي الإرتري:-

أ) سبقت قيام التحالف الديمقراطي الإرتري وحدة ثلاثية بمبادرات ذاتية بين حركة الخلاص وجبهة التحرير واللجنة الثورية، ثم تلاها قيام "تجمع القوى الوطنية الإرترية" الذي تأسس في السودان ربما بتشجيع سوداني ومباركة إثيوبية في1999، والذي ضم في صفوفه معظم التنظيمات السياسية القائمة في تلك المرحلة، كما ضم إليه لاحقا ولأول مرة التنظيمات القومية (تنظيم عفر البحر الأحمر والكوناما) بالإضافة إلى بعض التنظيمات التي تكونت تباعا في إثيوبيا بعد الحرب الإثيوبية الإرترية في العام 1998وكونت ظاهرة فريدة لا تنسجم في ثقافتها النضالية ولا في ولاءاتها السياسية مع بقية المنظومة المشكلة من ثقافة فترة الكفاح المسلح بشقيه والمجموعة الإسلامية، وصار التجمع يعقد جل إجتماعاته في إثيوبيا مما يدل على الدعم والمساندة الإثيوبية له. وقد كسب هذا التجمع الكثير من تعاطف الجماهير المعارضة للنظام، ونشطت جاليات عدة وقامت جماعات وافراد من المثقفين والنشطاء في اروبا وأمريكا واستراليا تضامنا وتفاعلا معه، وصارت رقعة المعارضة تزداد توسعا كما وكيفا، كما راهنت عليه قوى إقليمية ودولية عدة ذات إهتمام بالمنطقة.

وفجأة عصفت به خلافات مدوية ومثيرة للجدل في مؤتمره في 2002 حول إنتخاب رئيسا له وانسحبت منه جبهة التحرير الإرترية/ المجلس الثوري - إحتجاجا - والتي كانت حينها بحق تمثل التنظيم الأكثر فعالية والأكثرإنتشارا وتأثيرا في جماهير المنافي الإرترية -. وبررت إنسحابها من التجمع بأن الشخص الذي تم تنصيبه رئيسا لم يكن جزءا من التجمع بل أتي به إملاءا من خارج منظومة التجمع في عملية "إنزال بالباراشوت" خارج القرار الحر لعضوية التجمع. وللحقيقة فإن موقفهم هذا لقى تعاطفا وتفهما واسعا من الجماهير.

ومن يومها، وبقبول معظم تنظيمات التجمع بالأمر الواقع الذي حصل، فقد التجمع الثقة فيما بين مكوناته وفقد مصداقيته وهيبته لدي الجماهير الإرترية كما فقد تماما رهان القوى الإقليمية والدولية عليه كبديل إرتري فاعل يمكن الإعتماد عليه، وأعتبرته كثير من الجهات ملحقا وحالة ناتجة عن الصراع الإثيوبي-الإرتري وملحقة به وتنتهي بنهايته. وإن حالة عدم الثقة البينية والإرتهان لتوجيهات الداعم وفقدان الهيبة وإحترام الذات الذي نتج عن تلك الحالة المشينة أصبحت ثقافة سائدة ولا زالت تلقي بظلالها على كل عمل جماعي تقوم به المعارضة الإرترية في إثيوبيا. وعاش التجمع في وضعيته الجديدة في حالة مزرية من الفوضي الإدارية والمالية والخلافات السياسية الداخلية، كما طفحت على جسمه - تماهيا مع الوضعية الجديدة التي وجد التجمع نفسه فيها - تكتلات تنظيمية لتجاوزه وتجاوز بعض مكوناته، ابرزها ما عرف في الإعلام الإرتري بظاهرة (4+1) والجبهة الديمقراطية والـ(4+2) التي نشطت كرد فعل للاولى، وغيرهما من التكتلات التي نخرت في جسد التجمع، واسست للحالة التي تمر بها المعارضة في الوقت الراهن.

بـ) مبادرة زناوي والبشير وقيام التحالف الديمقراطي الإرتري فاحت رائحة الإنحراف عن ماهية المقاومة وبان الغسيل الوسخ على الملئ، وأرتفعت أصوات الإستنكار ووصلت إلى القمم في إثيوبيا والسودان. والتقى السيدان الرئيس السوداني عمر البشير والفقيد السيد ملس زناوي في قاعة الزبير في الخرطوم، حيث اعلن ملس انه أجرى تحقيقا في إثيوبيا عن تعاملهم مع المعارضة وبأنه قد أستبدل المشرف على ملف المقاومة بآخر وأن ما جرى في السابق لن يتكرر، وحث كل اطراف المقاومة من هم في التجمع أو خارجه بإقامة مظلة جامعة لهم بإشراف الإخوة في السودان، ووعد الرئيسين بالدعم والمساندة للمظلة الجديدة. وهكذا قام التحالف الديمقراطي الإرتري بمبادرة سودانية إثيوبية كعامل دافع، ودخله بجانب عضوية التجمع شطر من المجلس الثوري الذي ظل منسحبا عن التجمع بالإضافة إلى الحزب الديمقراطي والحركة الفيدرالية الديمقراطية. وبالرغم من تحرك التحالف من السودان ومحاولة زناوي لتغيير طريقة التعامل في إثيوبيا إلا ان الحال لم يستقيم بشكل كامل وعادت العلاقات لتتشكل بطريقة أخرى بعد إنسحاب السودان من دعم المعرضة الإرترية وإعتماد التحالف بشكل كامل على إثيوبيا التي أنتقل إليها مقر التحالف ونشاطاته الرئيسية.

قام التحالف فور تكوينه بعمل جاد في شتى المجالات وحقق نجاحات باهرة بالذات في العمل الخارجي والجماهيري واإلاعلامي ولكنه لم يستطيع إعادة الثقة البينية التي فقدت ولا الهيبة والتأييد الجماهيري الواسع التي تميز بها التجمع في بداياته. ولكن سرعان ما عصفت به في مؤتمره التأسيسي الألحاح على تحديد أوزان للتنظيمات وأحجامها مما تسبب في مغادرة عدد كبير من التنظيمات والشخصيات من بين صفوفه، ودخل في حرب باردة فيمن تبقى فيه تمثلت في ظاهرها حول فقرات الشرائع والقوميات (فقرات 4و5 من الميثاق)، والتمثيل النسبي، وكيفية إتخاذ القرارات بالتصويت أم بالإجماع أو بالتوافق، ولكن في حقيقتها كانت صراعا على السلطة والنفوذ على التحالف وإنعكاسا للصراع الذي أودى بالتجمع في 2002 وأدى إلى قيام التحالف بديلا له. ومن الإنصاف القول بان التحالف الديمقراطي وبالرغم من كل عيوبه فيظل أفضل وانجح تجربة للعمل الجماعي الإرتري في مظلة مشتركة مقارنة بمن سبقة أو بالمجلس الوطني الذي لحق به بالذات في إنجازه لميثاق سياسي نظري يعتبر من أفضل ما انتجه إي إئتلاف سياسي في المنطقة، كما أنه أبلى بلاءا حسنا في كشف وتعرية النظام أمام الرأي العام الدولي.ويعيش اليوم في سبات شتوي إلى أجل غير مسمى وذلك بسبب خلافات عضويته على مستقبل المجلس الوطني.

ومن ضمن أسباب فشل التحالف الديمقراطي الإرتري:-

1. عدم التوصل لصيغة مناسبة ومقبولة لحل "معضلة السلطة السياسية" في مرحلة النضال ضد نظام إستبدادي ومن أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان. أو كما أفهمها أنا "معضلة السلطة السياسية الشعبية في النضال المرحلي للجبهة الوطنية الديمقراطية".

2. تجذر ماضوي للخلافات التي نشأت بعد هزيمة جبهة التحرير ومحاولة البعض تسوية الحسابات القديمة كلما سنحت الفرصة لذلك.

3. تجميع كم غير متجانس تماما فكريا وثقافة سياسية في سلة واحدة.

4. تقديم المصالح التنظيمية على برامج التحالف.

5. تحين الفرص لجني مصالح تنظيمية وشخصية.

6. فشل بعض التنظيمات التي تفرعت عن جبهة التحرير في تجديد نفسها ورفض قياداتها التقليدية للتحديث والتجديد وتخوفها من المبادرات، وبالتالي سادت معايير الأبوية والأقدمية على معايير الكفاءة والإنجاز والقدرة على إستيعاب الأحداث.

خلاصة:

عصفت بالتحالف في مؤتمره التأسيسي تحديا تمثلت في ظاهرها في تحديد أوزان التنظيمات وأحجامها وحول فقرات الشرائع والقوميات (فقرات 4 و5 من الميثاق)، والتمثيل النسبي، وكيفية إتخاذ القرارات بالتصويت أم بالإجماع أو بالتوافق مما تسبب في، ولكن في حقيقتها كانت صراعا على السلطة والنفوذ على التحالف وإنعكاسا للصراع الذي أودى بالتجمع الوطني في 2002 وأدى إلى قيام التحالف بديلا له. ومن الإنصاف القول بان التحالف الديمقراطي وبالرغم من كل عيوبه فيظل أفضل وانجح تجربة للعمل الجماعي الإرتري في مظلة مشتركة مقارنة بمن سبقة أو بالمجلس الوطني الذي لحق به بالذات في إنجازه لميثاق سياسي نظري يعتبر من أفضل ما انتجه إي إئتلاف سياسي في المنطقة، كما أنه أبلى بلاءا حسنا في كشف وتعرية النظام أمام الرأي العام الدولي.ويعيش اليوم في سبات شتوي إلى أجل غير مسمى وذلك بسبب خلافات عضويته على مستقبل المجلس الوطني.

المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي:

كما تم ذكره أعلاه فإن التجمع الوطني قد شد إنتباه الكثير من الجماهير الإرترية والناشطين والمهتمين والكتاب في مهاجر الإرتريين المختلفة وصاروا يتفاعلون معه كل من موقعه وبطريقته الخاصة، واصبح البعض يكتب في المواقع الإلكترونية التي تأسست ضمن هذا التفاعل الإيجابي (موقع عواتي.كوم مثالا). وكرد فعل للخلافات التي مزقت التجمع كان كثير من الكتاب يدعون إلى مواجهة النظام من خلال توسيع ماعون المقاومة وتفعيل طاقات الإرتريين في المهجر بإشراكم في أوعية ومؤسسات العمل النضالي المقاوم، بمعني آخر دعم ومؤازرة التنظيمات السياسية كمحور للمقاومة يلتف حولها حراك جماهيري واسع من خلال مؤتمر للمصالحة الوطنية الإرترية. وقد تبنى عدد من التنظيمات هذه الفكرة بقوة وفي مقدمتهم الحركة الفيدرالية، وتم إقرار الفكرة في المؤتمر التاسيسي للتحالف الديمقراطي في 2005 وتكونت لجنة لدراسة كيفية عقد مؤتمر المصالحة والحوار تراستها الحركة الفيدرالية.

وخلصت اللجنة إلى أن:-

1. إن عملية المصالحة الوطنية لا تكتمل إلا بمشاركة كل الأطراف فيها - حكومة ومعارضة -، ولا يمكن إتمام مصالحة وطنية حقيقة في ظل نظام لا يؤمن بالحوار ولا بوجود الراي الآخر ولا يؤمن بالتعددية السياسية ولو في حدها الأدني، ويعمل في هدم كل فرصة للحوار والمصالحة والتعايش والتعاون من اجل الوطن. وعليه فإن ما هو ممكن ومقدور عليه هو "مؤتمر حوار" بين الأطياف السياسية والمدنية المقاومة للنظام في الخارج بهدف العمل معا في إسقاط النظام.

2. لا بد لجهة ما يكون لها ملكية " Ownership" "لمؤتمر الحوار" تتحمل مسؤوليته وتحضر له وتشرف عليه وتكون مرجعيته السياسية والقانونية، وبما أن الشعب هو صاحب المصلحة الحقيقية في نجاح الحوار وإسقاط النظام، وإن التحالف الديمقراطي هو الجهة المنظمة الوحيدة الأقرب بمواقفه إلى تمثيل الشعب من حزب الهقدف، وبالتالى هو صاحب ملكية "مؤتمر الحوار".

وتم إقرار ذلك في إجتماع للقيادة المركزية للتحالف وتكوين لجنة تحضيرية له برآسة الحركة الفيدرالية ممثلة بشخصي وعضوية كل تنظيمات التحالف وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والأقاليم.

ملتقى الحوار فور بدء اللجنة التنحضيرية أعمالها واجهت تحديات القت بظلالها على مجمل عملية التحضير ونتائج الملتقي عموما، ومنها:-

1. تلى التحضير لملتقي الحوار ما سمي "المؤتمر التوحيدي للتحالف" وهو المؤتمر الذي جمع التحالف بعد إنشقاقه في 2007، وكانت الثقة بين طرفيه في حدها الأدنى، يحصي كل جانب كل شاردة أو واردة من الأخطاء للإنقضاض على الآخر.

2. كانت عملية الوحدة الإندماجية - بين حزب الشعب والحركة الشعبية والحزب الديمقراطي- في قمتها، وكانت عملية مثيرة للجدل، وأثار قيامها الكثير من الشكوك وعدم الثقة بين مكونات التحالف.

3. وجاء قيام جبهة التضامن الذي اثار بدوره جدلا واسعا وشكوك كبيرة من الجهات الأخرى وصلت لدرجة تبادل الإتهامات البينية في إجتماعات التحالف.

4. ثم انسحب حزب الشعب الديمقراطي من التحضير للملتقى ومن التحالف بعد ان انشقت الحركة الشعبية عنه، وشن حملات إعلامية ضدها ووصفها بشتى الأوصاف مما اربك العملية برمتها.

5. تزامن بدء عملية التحضير مع الإنشطارات في جبهة الإنقاذ، مما جعل طيف المنشقين يوجه جام غضبه على التحضيرية مطالبا لها بمعاملة كل طيف بصفة متساوية مع جبهة الإنقاذ، وينبري في دعاية إعلامية أستهدفت التحضيرية ورئيسها بصفة خاصة متهمة أياه بالتواطئ مع جبهة الإنقاد.

تلك الأحداث مع غيرها أضعفت التحالف واصبح غير قادرا وغير مؤهلا على قيادة عملية التحضير وضبط نتائجها المرجوة، وقضت عملية الإصطفافات التي جرت في صفوفه على كل أمل لرأب الصدع وتأكيد وحدة التحالف الذي كانت عملية نجاح التحصير للملتقي في أمس الحاجة اليها، ولهذا تراجع دور التحالف في قيادة العملية نتيجة الإنشقاقات والإصطفافات والتراشق الإعلامي المشين بين قواه التي كان من المفترض أن تكون "المالك والمرجعية الضامنة" للملتقي ونتائجه. وكانت هناك ظواهر أخرى بين مكونات التحالف والجمهور بصفة عامة، حيث ساد أعتقاد بأن إثيوبيا تعمل على هذا الملتقي لتجعل قياداته بديلا للنظام، مما خلق نوعا من التشنج والتسابق ومحاولة القضاء على المنافسين المفترضين وإتهامهم بالإقصائية والديكتاتورية بغرض إبراز الذات كبديل، كما أتهمته بعض الجهات بالطائفية وأعتبرته تجمعا إسلاميا.

خلاصة:

بغض الطرف عن تقييمنا لملتقى الحوار الوطني ونتائجه إلا إنه كان محطة فارعة في تاريخ المقاومة الوطنية الإرترية، وكانت الفكرة في حد ذاتها طفرة نوعية نحو الديموقراطية والسلوك المدني، كما أن مخرجاته النظرية في جانبها الحقوقي والإنساني وفي تعرية النظام وفضحه من أفضل ما خرجت به تجمعات قوى المقاومة الإرترية، ولكن أن تراجع الدور الموحد للتحالف وغياب دوره "كمالك" وقائدا وموجها للعملية كان مغريا للمغامرين والمغمورين أو المدفوعين والمجندين لإثارة الفوضي والصيد في المياه العكرة والإنحراف بالملتقى ونتائجه المرجوة وتحويله إلى ميدان للكسب الشخصي ومكان للإستقطابات التي فعلت فعلتها فيما بعد.

مؤتمر اواسا:

لقد اتضح جليا بان الملتقي لا يستطيع تحقيق ما خطط له ولذا يمكن القول تم الخروج منه بعملية الهروب إلى الأمام أملا في تحقيق المرجوا في مؤتمر يعقد لاحقا، وأختيرت لهذا الغرض مفوضية وطنية بمحاصصات عجيبة وكلما تذمر طرف أو شخص اضيف فيها حتي بلغ عددها (53) شخصا أو يزيد أغلبهم من الغائبين. وتم أختيار رئيسها بترشيح من الحركة الفدرالية، مما أثار الكثير من الجدل نابع من عواطف ونزعات دينية - وكان أختيارا غير موفقا بحكم النتائج وما حصل لاحق، ولكن هدف ترشيحه كان من منطلق وطني ولكونه كان نائبا للرئيس في تحضيرية الملتقي ولعب دورا بارزا في مواجهة الإتهامات والتحريض الطائفي ضد الملتقي، ولكن وللاسف الشديدة لقد كانت المسؤولية عليه ثقيلة والإغراءات والإستقطابات كانت أكبر من إدراكه وقدرته وتجربته وسقط فريسة لها، وكان أول ما ذهبت إليه المفوضية - أو بالأحرى تنفيذيتها المقيمة في أديس أبابا - هو رفضها للعمل والتنسيق مع التحالف الديمقراطي وإعلان إستقلاليتها وفك إرتباطها بالقوى السياسية. وهكذا إكتملت الحلقة وأصبحت القوى السياسية التي يفترض عليها أن تكون "مالكا وراعيا" للعملية صار ينظر إليها كخصم معيق، لقد كانت خطة محكمة دبر لها بليل، ومن حينها لم يعرف لا للمفوضية ولا للمؤتمر الذي عقدته مرجعية تطالب بإلتزام سياسي أو سلطة تضبط المخرجات.

وساد المؤتمر الذي جُلبت إليه قوائم معروفة للمفوضية وأخرى غيرها الفوضي، وفي غياب دور التحالف صار مسؤول مكتب ملف المعارضة هو المرجعية والموجه للعملية برمتها. وكان هناك تشجيعا قولا وعملا لتهميش دور التحالف وتنظيماته وإبراز ما سمي بتنظيمات "خارج التحالف ومنظمات المجتمع المدني". ونتيجة لهذا كان على بعض تنظيمات التحالف الخروج نهائيا عن الهيكل القيادي للمجلس الوطني وتنفيذيته لإتاحة المجال للآخر إحتجاجا، وكانت هذه تنظيمات عملت لملتقى الحوار منذ كان فكرة في الأذهان - بل كانت من بادر بها - وقادت كل مراحله، ومنها الحركة الفيدرالية والحزب الديمقراطي والحزب الإسلامي.

كما سادت عقول المؤتمرين والجمهور بصفة عامة بأن المولود القادم (المجلس الوطني) سيكون البرلمان الإرتري المرتقب وتنفيذيته هي الحكومة الميمونة التي تخلف حكومة أفورقي!! ولا أدري من اين جاء هذا الفهم - الذي قاومناه ولا زلنا نقاومه - مع أنه لم يرد في وثائق المؤتمر. ومن جانب آخر ايضا في حين كان البعض يصارع من أجل إنجاح المؤتمر وتصحيح مساره كان البعض الآخر يحشد لعملية إنتخابية تجلت في المؤتمر.

وورثت قيادة المجلس الوطني مفهوم الحكومة الذي ساد المؤتمر وطالبت بمنحها صلاحيات رئيس برلمان وحكومة - بل اكثر من ذلك صارت تولي وتعزل ما تشاء - كما أظهر آخر عدم رضاه عن وجود رؤوس اخرى بجانبه. واصبح أمر المجلس كخناقة في الشارع لا تعرف فيها الجاني من المجني عليه، ولكن في نهاية المطاف الكل فيها جاني والكل فيها خاسر، والخاسر الأكبر وبلا أدنى ريب كان الشعب والوطن.

وكان اجتماع المجلس الطارئ في دبرزيت محاولة لإصلاح الحال ولكن في الحقيقة وبدل النظر في الإشكالية الحقيقية تمت معالجة الظواهر ولم يتم علاج المرض مما فاقم المشكلة وانحدر المجلس إلى وادي سحيق ويحتاج إلى قرار سياسي شجاع لإنتشاله منها.

خلاصة عامة:

إن تعثر المجلس الوطني الذي انتظره الكثيرون ليكون عامل للوحدة وتحقيق التغيير الديمقراطي المنشود، ومن قبله فشل كل المحاولات الوحدوية سواء كانت الوحدات الإندماجية بين التظيمات أو فشل العمل المشترك في المظلات الجامعة (التجمع والتحالف) تشير بجلاء على ان الجمهور الإرتري وكذا تنظيماته السياسية ليست فقط راغبة في العمل الوحدوي والمشترك فحسب بل هي مؤمنة إيمانا راسخا بجدلية إرتباط الوحدة بالنصر. إذا أين يكمن الداء ؟؟ نستنتج من الأحداث المسرودة أعلاه بأن الأحزاب والتنظيمات السياسية هي بكل تأكيد نتاج واقعها المجتمعي، وأن مجتمع محدود القدرات والامكانات، ضعيف, يغلب عليه الجهل والفقر، أسنتزفت طاقاته في ثورة غير متكافئة لقدراته ضد عدو قوي ومتربص دوما، لا يمكن ان يخرج بتنظيمات وأحزاب ومنظمات قوية ومتماسكة، وواقع الإنقسامات وفشل العمل المشترك ما هو إلا ضعف بنيوي في تركيبتها وجماهيرها. وان ضعف المقاومة الحقيقي يكمن في :-

1. عملها خارج حدودها وفي بلدان من الطبيعي أن يكون لها مصالحها وأجنداتها الخاصة.

2. عدم قدرة جماهيرها على تمويلها وإعتمادها على تمويل الآخر الذي له شروطه.

تفاقم نتائج الضعف:

ضعف الكيانات السياسة وإنشقاقاتها المتكررة ونشر غسيلها المتسخ على الجمهور - بحكم العولمة والطفرة المعلوماتية - تسببت في إحباط عام - بالذات في الشباب - أستغلته جهات شعبوية تجزيئية متخلفة وعناصر طموحة إنتهازية متطلعة لجني مكاسب فردية وجهوية بدون ماضي او حاضر نضالي يذكر، توجهها من خلف الستار جهات معادية لسيادة إرتريا الوطنية لتصطاد في المياه العكرة وترقص على نغمات اليأس والإحباط العام السائد لتنحدر بالخطاب السياسي الإرتري والعملية السياسية المقاومة برمتها، ولتعود بها القهقري عن المشروع الوطني الإرتري الذي ضحى من اجله الشعب ما ضحي، الرجوع للمكونات الاولية للمجتمع وشرعنة التناحر الديني والاثني والقبلي وإرساء خطابات الكراهية وإعلاء روح الإنتقام. إن هذه الحركات والروابط التي لم يعد اليوم مصادر تمويلها بخاف على أحد، ما هي إلا تعبيرا عن ضعفنا وظواهر سالبة لعدم قدرة الشعب وقواه الوطنية النضالية من توحيد صفوفها، إنها دمامل تعبر عن الحالة المرضية للقوى الوطنية، ولا يمكن تجاوزها وإخمادها إلا بمراجعة الواقع والإنطلاق نحن تجاوز حالة الضعف والمرض بتشخيص صحيح لأسبابها ومسبباتها.

مقترح:

الحوارر قيمة حضارية ولبنة أولى في البناء المعرفي للمجتمعات، الحوار حامل للتبادل الثقافي والفكري ووسيط للتعايش الاجتماعي في الحياة المدنية، وعليه أدعوا لتجاوز كل الجراحات البينية القديمة التي تسببنا فيها جميعا وبدء حوار جاد بين القوى الوطنية لترميم البيت الداخلى، يرتكز على:-

1. الإلتفاف حول المشروع الوطني ونبذ كل الدعوات الشعوبية التضليلة التي تسعي لبذر الفتنة والإحتراب بين مكونات شعبنا.

2. السلطة للشعب، وحل مسالة السلطة في النضال المرحلي للجبهة الوطنية الديمقراطية.

3. تحديد قوى التغيير، والتركيز على بناء قوة يمكنها العمل سويا دون التقيد بتشابة البرامج.

4. الإتفاق على إستراتيجية واضحة للتغيير.

5. تحديد الخطاب السياسي الداخلي والخارجي بشكل واقعي.

6. التحرر من عقلية الإعتماد على الدعم الخارجي والإرتهان له وإيجاد بدائل متعددة.

Top
X

Right Click

No Right Click