الفاتح المنسي

بقلم المناضل الأستاذ: إبراهيم محمود قدم - أبوحيوت

في الفاتح من سبتمبر ومن أدال التحدي قال عواتي سجل يا تاريخ ميلاد ثورة من أجل الحرية والاستقلال،

ومن تلك اللحظة التاريخية بدأ مشوار الكرامة ليدفع الشعب الغالي والنفيس مهراً لعيون الحرية كما قال الشاعر الكبير كجراي، حتى تحقق النصر باندحار الجيش الإثيوبي لتخرج إرتريا من بين الرماد دولة ذات سيادة ولكن وللأسف لم يتحقق النصف الثاني من حلم عواتي، وهو الأهم والأكبر، حرية الإنسان الإرتري، عندما سرقت الثورة من قبل مجموعة القتلة والمجرمين لتموت الفرحة في مهدها وتتحول حياة الشعب إلى الجحيم الذي يعيشه اليوم.

لو لم يكن الطاغية هو الذي يحكم لعمت الاحتفالات الشعبية إرتريا من الحدود إلى الحدود و زحفت الجماهير من كل حدب وثوب إلى أدال لإحياء الذكري هناك ولكن حكام اسمرا الذين أتوا في غفلة من الزمن لا يعترفون بهذا التاريخ لأنه ليس تاريخهم.

للشعوب أعياد وطنية متفق عليها تحتفل بها وتكرم فيها شهدائها وروادها إلا نحن حيث نختلف في تحديدها والأمثلة كثيرة:ـ

يوم انطلاقة الكفاح المسلح، يوم الشهداء وحتى العلم مختلفون حوله ولا نعترف بالمواطنة، الكل يقصي الكل مع أن الكل يقول أن الكل دفع مهر الحرية الغالي من دمه وعرقه وماله. ولهذا مر اليوبيل الذهبي لثورة الشعب الارتري دون احتفالات وندوات إلا من مقال هنا وهناك أو احتفالات صغيرة هنا وهناك والسؤال لماذا هذا التجاهل لمناسبة عظيمة كهذه ؟

أن تتجاهله جماعة نحن وأهدافنا مفهوم، وذلك لأنهم لا يعترفون بما قبلهم حتى لا يذكر الماضي الذي يدينهم ولكن ما استغرب له هو تجاهل التحالف لهذه المناسبة ؟

لا أجد مبرر يحول دون تنظيم احتفالات واسعة في كل الفروع فما المانع أستاذ تولدي ؟

لم يبقى لنا إلا الاعتذار للشهيد البطل حامد إدريس عواتي ورفاقه الأشاوس وكل الشهداء عن التقصير في حقهم وأقول صدق علينا ما تغنى به الفنان حامد عبد الله بما معناه ”لم يكن من أتوا بعدك قدر الأمانة التي تركتها لهم نعم لم نكن في مستواها ولكن الشعلة لن تنطفئ وإرهاصات الغد المشرق مقبلة على أيد الشباب الذي يتعلم من تجارب ثورات الشعوب في تونس، مصر واليمن والتحية لشعبنا في الداخل الذي يعاني من المجاعة المقنعة والغلاء الفاحش والواقع بين الخيار الصعب والمر البقاء في السجن الكبير أو النزوح إلى المجهول عبر الصحاري والبحار حيث قطاع الطرق من الرشايدة والذئاب والثعابين والحيتان.

أوضاع المعارضة سيئة والصورة قاتمة لا مكان فيها للأمل، علامتها المميزة التشرذم والتناحر وانعدام الثقة بين مكوناتها والمراوحة في مكانها والتردد والخوف من اتخاذ القرارات الحاسمة لإزاحة نظام فقد كل مقومات الاستمرار ولكنه هناك لأن المعارضة حالتها أصعب.

كانت للشعب الإرتري مكانة واحترام من كل الشعوب المنطقة وبالذات من شعوب إثيوبيا التي كانت تراه مثلها الأعلى لأنه ثار ضد الأمبرطور الذي كان معبوداً ولكن هذا الرصيد من الاحترام، الذي تراكم من أيام البطل عواتي، بدأ يتآكل وينقص نتيجة سياسات افورقي الرعناء في افتعال الحروب مع دول الجوار وفقدنا جله بعد هزيمة جيش النظام في بادمي وانسحابه إلى مشارف أغردات الباسلة. والباقي قضت عليه قيادة التحالف عندما جلست أمام رجال الأمن الإثيوبي لسماع الموعظة ومناقشة قضايانا الداخلية بإشرافهم، بالرغم من أن بنود الأجندة، التي هي من الأبجديات لم تكن في حاجة إلى معلمين ومحاضرين.

وتأتي الضربة القاضية قبل استيعابنا الأولى بدعوة إثيوبيا لأصحاب الألقاب والأعيان والمثقفين إلى اجتماع لا تعرف أجندته على الأقل بالنسبة لي. من حيث المبدأ أنا لست ضد مثل هذه الاجتماعات لدعم قيادة التحالف بالرأي والمشورة ولكنني ضد أن تدعو له إثيوبيا لآن هذا من مهام قيادة التحالف فأين هي يا ترى ؟. أما أن نترك الحبل على القارب لإثيوبيا لتتدخل في شؤوننا الداخلية يضرنا ولا ينفعنا بل يطول ليل شعبنا الطويل.

يا قيادة التحالف، ليس شرطا أن تعقد مثل هذه الاجتماعات في مكان واحد بل يمكن عقدها في مواقع كثيرة يربط بينها، بوسائل التقنية الحديثة، ولكن وبصراحة وحتى لا أظلم قيادة التحالف أقول أن الغالبية من الذين لبوا الدعوة وتوجهوا إلى اديس، لما قبلوها لوكانت من التحالف وهذه مصيبة. ولكن بالرغم من هذا أقول من فضلكم لا تحشروا إثيوبيا في كل صغيرة وكبيرة وحافظوا على ماء وجهنا حتى يأتي جيل الشباب ويرفع راية عواتي عالياً ويستعيد كرامتنا المهدورة.

موضوع أخر وذات صلة بعلاقة المعارضة بإثيوبيا، هو موقف حزب الشعب الغير واضح والممانع في الشكل لسياسات إثيوبيا ولكن واقع الحال يقول بأنهم ضد مشاركة الآخرين لهم في تلك العلاقة لا غير. ومن جانب أخر لماذا كل هذه الضبابية والهروب إلى الأمام من الرد على ما يتردد من اتهامات بعلاقة بينهم وبين نظام الهقدف و لقاءت جرت هنا وهناك؟ السكوت لن يفيد بل يغذي أجواء البلبلة والشكوك فقولوا ما في جعبتكم لأن الشعب يريد أن يعرف الحقيقة وبس.

في الختام وقفة تقدير واحترام لعواتي في يوم عيده ولكل الشهداء الأبرار

ووقفة إجلال وإكبار لكل جرحى حرب التحرير وللشعب الإرتري في الداخل والخارج.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. 

Top
X

Right Click

No Right Click