معفيت تطلق على المرآة بلهجة التقرايت في بعض مناطق ارتريا وشرق السودان
بقلم الأستاذ: ضرار علي ضرار، أبو أدال - مدريد اسبانيا
في المقهى السويدي في شمال مدريد في الصباح الباكر تجد امام المركز التجاري
جميع شرائح المجتمع في طوابير طويلة والأكثر أناقة فيهم كبار السن لأنهم يستمتعون ببقية العمر بعد سن التقاعد فيلبسون ماركات غالية من معاطف الصوف والاحذية الجلدية اما ملابس السيدات فحدث ولا حرج ويتباهون بهواتفهم الغالية رغم ان الهاتف كثيرا ما يحرجهم اما اذا لمسوه دون قصد وغالبا دون انتباه فيغلق خدماته الذكية فيعجزون عن معرفة المشكلة فيطرون الذهاب إلى أماكن الصيانة فيفتح الفني الهاتف بكلمة سر ساهلة جدا هي في الغالب أربعة أرقام متتالية فيجد ان كل المشكلة الهاتف كان في وضع الطيران او صامت فتبتسم السيدة وتنظر إلى زوجها او رفيقتها ثم تنظر إلى الفني... كم يمكن أن ادفع لك... فيرد عليها لا ليس ضروريا فتحمر وجنتيها خجلاً وتذهب في حال سبيلها.
رحم الله جدتي لم تحضر هذا العصر الرقمي ولا تعرف الهاتف غادرت الدنيا قبل كثير من التطور الذي حدث في عالم اليوم الثلاجه والتليفزيون وكل الرفاهية وقبلها الراديو كان حدث مهم في آخر حياتها.
ولكن عندما كانت جدتي فتاة أدوات الحياة كانت سهلة الماء والكلاء للراعي والمطر وخصوبة التربة للمزارع ومجتمعنا كان يعتمد على هاتين الحرفتين من الناحية الاقتصادية وخلفيتنا رعوية ضاربة في البداوة لنا قيمنا واخلاقياتنا لا نتجاوزها ونقف عند كلمتنا حتى ولو كانت التكلفة عالية جدا.
في الصباح الباكر خرجو كل اهل القرية على صراخ جدي وهو يهدر في ساحة القرية لقد سرقت ابقاري فاندهش الحضور من هول الخبر فجدي كان يمتلك سلالة نادرة تعرف بولت بيلول هي نوع من الأبقار شرسة الطباع ليس من السهل ترويضها لا تعرف إلا راعيها واصاحبها وفي الغالب يتركوها ترعى لوحدها لانها لديها قدرة الدفاع عن نفسها وتميز بين الناس اذا كان يريد بها خير أم شر.
فتجهز جدي لرحلة البحث بكل ادواتها من زاد طريق وما توفر من من أسلحة سيف ودرع مصنوع من اذن فيل من أعالي القاش ورمح طويل عوده من القنا ملبس بجلد زيل البقر من اوله إلى آخره وعصى متينة وركب جمله وقبل المغادرة وبينما الجمل راكع من الامام وساقاه الخلفيتين واقفتين القى بنظرة سريعة إلى مضارب القرية فلاحظ هناك طرحة حمراء تنازل الريح على رأس فتاة تجري نحوه وعندما بلغت ركاب الجمل مدت بيدها اليه ودست شى في جيب صديريته وغادرت على الفور فاسرع ليعرف ماذا دست له فاخرج من جيبه ليجد غطاء راس (طاقية) سناري حمراء اللون مصنوعة من خيط حرير عليها زيق اخضر في نهايتها عند الاذنين وغادر القرية دون اى تعليق وكل ذهب في حال سبيله.
طاف جدي المناطق الحدودية ابتدأ بالحبشة واستمرت رحلته إلى أن وصل البطانة فوجد أثر قطيعه وهو يتنقل من قرية إلى قرية حتى تأكد أن ولت بيلول هاهنا فاعد العدة لذلك الصباح ونزل قريب من القرية وتلك الليلة لم تنم البقر عند بزوق الشمس صرخ عليها فتبعته ومعها بعض بقر القرية ولم يتوقف إلا عندما بلغ مامنه وبعد جولة حتى تخوم القضارف تأكد انه غير ملاحق.
بدأ يمني نفسه بالعودة والأهل وصانعة الطاقية السناري وعندما وصل في طريق عودته استراح في ضواحي التاكا وطاف بسوقها فوجد رجل يبيع مرآة صغيرة بحجم كف اليد وكان كل من يراها تبهره ان يرا وجهه فيها فاشتراها جدي ودسسها في جيبه وغادر بلاد التاكا.
استقبل استقبال الأبطال انه اعاد بقره المسروقة بعد سنوات ويعد فارسا.
وبعد أيام تقدم رسميا لخطبة جدتي ووافق الاهل وتم العرس فدس جدي العين السحرية ضمن هدايا العروس من عطور وملابس وزينة وحلي اغلبه من الفضة فتلك المرآة الصغيرة شغلت الرأى العام لنساء القرية والقرى المجاورة كلما التقين في بير الماء يحكينا لبعضهن انها عين سحرية تريك شخص يشبهك من العالم الآخر وكل نساء القرية يطفن بخيمة جدتي للتكحل والنظر إلى وجوههنا للمرة الأولى في حياتهن وكذلك بعض النسوة ياتينا من القرى المجاورة الغرض المعلن المباركة ورؤية العروس.
وهكذا العين السحرية كانت شؤم على القرية وعلى المجتمع لان أغلب بنات القرية رفضنا الزواج إلا أن يكون ضمن مهورهن العين السحرية.