أمسية حوارية في المنتدى الثقافي الإرتري في برمنغهام
بقلم المناضل الأستاذ: حامد ضرار - رئيس سابق لحزب الشعب الديمقراطى الارتري - برمنغهام، المملكة المتحدة
استضاف المنتدى الثقافي الإرتري مساء اليوم الأحد
الاستاذ عبدالرزاق كرار الإعلامي والباحث الذي يزور بريطانيا هذه الأيام.
فقد امتلأت قاعة المنتدى عن آخرها بتوافد المهتمين وتدفقهم ومن جنسيات مختلفة من داخل مدينة برمنغهام ومن لندن وبورتون وغيرها من المدن المجاورة.
قدم رئيس المنتدى أحمد محمد صالح الضيف إلى الحضور وبعد أن قدم تعريفاً شخصياً عنه توجه إليه نيابة عن الحضور وأعضاء المنتدى بالتحية والشكر لتشريفه مدينة برمنغهام والمنتدى الثقافي الإرتري فيها.
الضيف من جانبه شكر المنتدى ورواده على الدعوة والاستضافة وعرفهم بعنوان ورقته "إرتريا دولة على مفترق طرق: مساهمة في تحديد طريق آمن".
وقبل تحديد محاور الورقة شدَّد الإستاذ عبدالرزاق على أنه لا يزعم بأنه قد أتى بحل سحري أو قد حدد مساراً آمنا لإخراج البلاد مما هي فيه، بل قال أنه مجرد مجتهد يحاول ويسعى للمساهمة بتصوره في الإتيان والبحث عن الحلول التي تنتشل البلاد من الورطة التي توجد فيها.
من ثم قام الإستاذ عبدالرزاق بتحديد بعض محاور ورقته على النحو الآتي:-
1. خلفية موجزة عن إرتريا؛
2. الاستفتاء والفرص المفقودة
3. العلاقات الخارجية لإرتريا بعد الاستقلال؛
4. الحرب الإرترية الإثيوبية ومآلاتها الخطيرة؛
5. الوضع الراهن للنظام الإرتري؛
6. ملامح الإستراتيجية التي من المفترض أن توصل إلى الطريق والمخرج الآمن.
وقد تناول بالشرح النقاط أعلاها نقطة فنقطة بشيء من التكثيف والشمولية.
فعند تناوله الاستفتاء، شدد الضيف قائلاً: "على أنه - أي الاستفتاء - كان خاتمة لتضحيات شعب عظيم وكان برهاناً ودليلاً ناصعاً على حب الإرتريين لوطنهم وتناسيهم كل الجراحات التي مر بها واستعدادهم القوي لبناء إرتريا وتعويضها حقب الحروب والمعاناة". إلا أنه: هنا أيضاً يستطرد الاستاذ عبدالرزاق، بقوله "أنَّ نظام الجبهة الشعبية اعتقد أن نتيجة الاستفتاء هي الموافقة على سياساته وكل ما تبناه من مواقف على الصعيدين الداخلي والخارجي، حيث أكد رأس النظام وعلى عكس كل التوقعات، إن إرتريا لا يمكن أن تكون مكاناً "لهرجلة التنظيمات الإرترية وتخبطاتها".
قال السيد ضيف الأمسية ذلك بعد أن أشار إلى البعد التاريخي للبلاد مؤكداً من أن إرتريا أسوة ببقية دول إفريقيا وآسيا، كانت نتيجة لسياسات الدول الاستعمارية التي شكلت الإطار البشري والجغرافي لتلك الدول دون استشارة شعوبها أو موافقتها، على عكس دول أخرى في العالم كأستراليا (أي الدولة التي يعيش فيها ضيف المنتدى) والتي كما قال: "لعبت الطبيعة والمياه المحيطة بها، دوراً كبيراً في تحديد ملامح تشكلها ووجودها".
العلاقات الخارجية لإرتريا والأزمات المفتعلة مع دول الجوار:
قال عبدالرزاق كرار عند حديثه عن العلاقات الخارجية بعيد الاستفتاء وإعلان الاستقلال، "من إن إرتريا كان أمامها فرص كبيرة للنجاح والتطور السريع، فقد رحب بها المجتمع الدولي وقواه المؤثرة. إذ عولت الإدارة الأمريكية على رؤساء إرتريا وإثيوبيا وكينيا وبروندي والكونغو الديمقراطية أو ما أطلق عليهم حينئذ "نادي الشباب الأفارقة"، بسبب صغر سن قيادات تلك الدول وتعليق الآمال الكبرى عليهم لتحقيق الاستقرار والتطور لعموم إفريقيا "بيد أن": واصل السيد المحاضر كلامه "خسرت إرتريا ورئيسها تلك الفرص بدخول البلاد في حروب مع اليمن والسودان وجيبوتي وأخيراً مع إثيوبيا. وكنتيجة لتلك الحرب أضحت إرتريا دولة معزولة وتعاني من أوضاع اقتصادية واجتماعية خطيرة دفعت شبابها بالمآت وبل بالآلاف لهجرها والبحث عن فرص أفضل في دول أخرى. وهكذا خسرت إرتريا القدرات الشبابية التي تبنيها وتدافع عنها".
الوضع الحالي للنظام:
عند حديثه عن النظام في أسمرا، أجمل المحاضر مشكلته في أنه يعاني من جملة من الاشكالات أولها كونه يحكم البلاد دون دستور ولا توجد فيه مؤسسات من أي نوع والمشكلة الأخطر في اعتقاده تتمثل وكما أكدت على ذلك الورقة المقدمة في كون الرئيس إسياس أفورقي يعاني من جملة أمراض ولا نائب له وحدوث أي أمر طاريء سواء بالوفاة أو عجزه عن أداء مهامه لأي سبب سيُدْخِل البلاد في كوارث قد تفاقم من مشكلاتها وتهدد وجودها.
المعارضة الإرترية:
أكد السيد عبدالرزاق كرار أن المعارضة الإرترية ضعيفة وغير مؤثرة لجملة أسباب منها كونها امتداداً واستمراراً لتاريخ صراعات الثورة الإرترية وأسيرة تجربة جبهة التحرير الإرترية والجبهة الشعبية لتحرير إرتريا وثاني أسباب الضعف محاولة تصويرها لنفسها وكأنها المنقذ والمخلص للشعب الإرتري في الداخل دون أن تمتلك أي أدوات فاعلة لجلب التغيير المزعوم.
وأكبر مشكلة تواجه المعارضة، حسب ورقة الاستاذ عبدالرزاق كرار هي عدم قدرتها لكسب الشعب في الداخل وذلك بسبب القبضة الأمنية القوية للنظام ومن جهة أخرى بسبب عدم امتلاك تلك المعارضة للوسائل التي توصل بها المعلومات التعبوية والتنويرية للشعب. فاعتماد الفضائيات أو الإذاعات ووسائل التواصل الإجتماعي غير ذات جدوى وذلك لكون فقط 71000 مواطن من أصل حوالي 5 ملايين هم الذين لهم إمكانية الوصول إلى النت وعدم تجاوز عدد الذين لهم إيميلات الـ 63000 فقط. فضلاً عن عدم وجود احصائية دقيقة من قبل المعارضة حول عدد الذين يمتلكون تلفزيونات مرتبطة بالأقمار الصناعية ليتابعوا ما يذاع وما ينشر من قبلها.
بالتالي يقول عبدالرزاق كرار: " أن هناك معارضة كامنة وفي حالة سكون passive opposition في الداخل وهو ما يجب التعويل عليها لكونها والشعب في الداخل العاملان الرئيسان في جلب التغيير المنشودة وكونهم هم المستفيدون الأكثر من جلب ذلك التغيير، وذلك على عكس المعارضة في الخارج فهي قد تلعب دوراً مساعداً يحول تلك المعارضة الداخلية إلى إيجابية عبر تفعيلها أي جعلها to push them to be positive and interactive مع ذلك فإن المعارضة في الخارج دورها ليس حاسماً بأي حال من الأحوال فهي مكملة للداخل وبالتالي من الخطأ الاستهانة بدور الداخل والاعتقاد أن الشعب هناك ينتظر الفرج والخلاص من الخارج".
تبنى الاستاذ عبدالرزاق كرار مصطلح الدور المحفز a catalyst role لتحريك الشعب في الداخل والخارج حيث دعا المعارضة ومن خلال إقرارها بدور الشعب في الداخل، دعاها بضرورة تحمل أعباء النضال من أجل التغيير وتقاسمها لتلك الأعباء من جهة مع أطراف المعارضة في الخارج والتي تتمتع بحرية الحركة ومن جهة أخرى مع معارضة الداخل المتمثلة بالشعب والقوى المنظمة هناك وضرورة البحث عنها انطلاقاً من حركة فورتو وحركة مجموعة ال 15 وغيرها من حركات موطنها ومكانها داخل البلاد، جاءت وحدثت تحركاتها التغييرية دون أي تواصل من الخارج بالداخل.
وفيما يتصل بالطريق الآمن، ودون أن يجازف بالتصريح بما يحمله من تصور محدد، ترك عبدالرزاق كرار الباب مفتوحاً للاجتهاد، وقال: "أن تحفيز الشعب وإعطاءه الثقة في كونه القادر على جلب التغيير المطلوب هو المدخل الصحيح".
وأردف قائلاً وفي ذات المضمار: "أن هناك ثمة سيناريوهات لجلب التغيير" منها على سبيل المثال: "رحيل الطاغية أو حدوث تدخل من المعارضة أو عبرها تدخل قوى خارجية تزيل النظام ولكن حدوث إحدى السيناريوهات المتخيلة دون تخطيط واستعداد، ستعقّد المشهد الوطني وتزيده قتامة". "فالمشكلات الحالية (يواصل عبدالرزاق كلامه): وحالة القهر والاستلاب سواء ما يتعلق بقضايا اللغة أو الأرض أو الإنسان أو اللاجئين وغيرها هي جميعها قنابل تحتاج إلى حلول وليس إلى صب الزيت على النار وزيادة أوار تلك المشاكل بدلاً عن اجتراح الحلول الناجعة".
سواء خلال استعراض محاور الورقة أو في الرد على المداخلات سُمعَ الاستاذ عبدالرزاق كرار وهو يقول: "لإيجاد الحل الذي يرضينا جميعاً علينا أن نفكر على أساس المواطنة ونتجنب الاصطفافات الطائفية من شاكلة مسيحي ومسلم أو اعتماد النزعات الإقليمية والمناطقية وغيرها، فوحدتنا الوطنية هي صمام نجاحنا اليوم كما كانت بالأمس".
ومن جانب آخر: أردف عبدالرزاق في لقاء المنتدى الثقافي الإرتري"علينا أن لانخلط بين مرحلة التغيير التي تتطلب: كما قلت آنفاً وفي غير مرة، تقاسم الأعباء من الجميع في الداخل والخارج وبين مرحلة السلطة والصراع السياسي على أسس دستورية وعلينا التذكر من أن الأكاديميين والنخب يقدمون حسب قراءاتهم تصورات وحلول للسياسيين الذين سيتصارعون ويتنافسون أمام الشعب ببرامجهم السياسية، فأولئك السياسيون والحالة تلك، لهم خيار أن يأخذوا بآراء وتصورات الباحثين والنخب الأكاديمية والعلمية أو يتركوها فهم ليس مجبورين على تبنيها. ولكن يجب أن لا يطالبوا الأكاديميين والباحثين بضرورة الانضمام إلى الأحزاب والتظيمات السياسية القائمة أو تبني منطلقاتهم، فأمر اختيار التحزب هو خيارٌ فردي".
تنبيه هام:
الأسطر الواردة في هذه المقالة هي مجرد ملامح عامة استوعبتها (الكاتب) كمستمع أسوة ببقية الحضور وكتبتها هنا كما سمعتها ولكنها ليس بالضرورة أن تعبر لا عن رأي ضيف المنتدى السيد عبدالرزاق كرار في الجلسة التي انتهت قبل حوالي ثلاثة ساعات من الآن، ولا عن رأي المنتدى الثقافي الإرتري في برمنغهام والذي لم يخولني بكتابة أي شيء عن أمسية اليوم، فهي في حالة تناقضها مع ورقة الأمسية، يكون العزاء أنَ ما كتب وسطر هنا ما فهمه أحد الحضور وهو أنا في هذه الحالة.