تاريخ قبيلة النارا - الجزء الاول

بقلم الدكتور: عمر همد - ممثل نارا الثقافية

سلسلة المكونات السودانية القديمة (1) مجموعة النارا: قبيلة النارا البجاوية الكرمية التاريخ الموثق.

قومية النارا الباريا

مقدمة علمية:

• اسم نارا يعني "السماء السماء"، ويتحدثون لغة تسمى "نارا - بانا"؛ بمعنى "نارا - نقاش" (1976، مارفن ليونيل بندر، ص 599).

• ان مجموعة نارا تصنف من ضمن المجموعات الكوشية البجاوية القديمة حيث يتم تقديم ادلة على وجود نارا من قبل الكتاب الكلاسيكيين اليونانيين والرومانيين (1997، Pankhurst ،p.27).

• يذكر المؤرخ اليوناني ديودوروس أنهم حملوا دروعًا مستديرة مغطاة بالنخيل الخام والأندية ذات المقابض الحديدية، وبليني أنهم عاشوا "فوق مروي"، وشملوا البدو الذين تناولوا لحم الفيلة (1997، Pankhurst ،p. 27).

• وفقا لمردوك (1959، 170-171)، زار المسافر العربي ايوا (بالقرب الخرطوم، السودان) في عام 872 م، وترك ذكرًا لقبائل (نارا) و(كوناما) الذين كانوا يعيشون على حدود مملكة علوة (1967، علم اللغة الأنثروبولوجي، v. 10، ص 1).

• قال ستابو قبل فترة وجيزة من بداية الألفية الأولى أن روافد النيل بالقرب من مروي من السودان كان يسمى أستوراس، الذي يجمعه بانكهورست هو النهر الذي عرف فيما بعد باسم عطبرة، وهو الاسم الذي يظهر دلالة أستفا، أو النهر، أو بورا، أي (Bara ،or hager) (1997 ،Pankhurst ،p.27).

• يصف Pankhurst هذا بأنه "المجموعة التي Diodorus من صقلية في نفس الوقت المشار إليها باسم Megabari ميقباري/ميجباري أو Adiabari ادباري، وكلمات الثلاث على أساس مصطلح بارا اي نارا هقر ـ فهي نوات نارا" (1997، Pankhurst ،p.27).

• كما يتم تقديم أدلة على القتال ضد نارا بعد بضعة قرون في نقش من قبل حاكم آخر في أكسوميت يدعى حساني دانيل، وقد ادعى أنه وصل إلى كسلا، بالقرب من الحدود الإريترية السودانية، وبعد ذلك ذكر أنه "نهب نارا" (1997، بانكهورست، ص 28).

• ويضيف أنهم عاشوا في الجبال والوديان، حيث قاموا بزراعة الأرض ورفعوا "الماشية الكبيرة والصغيرة" (1997، بانكهورست، ص 27).

• نارا الذين يعيشون في منطقة قاش بركاء إريتريا حول شمال وشرق بارنتو (2002، شيفينا هايلي ماريام، ص 75).

• من بين التقاليد الشفهية لشعب Biher-Tigrinya، والمعروفة باسم Mashaf Nay 'Alitat، أو تاريخ الشعوب، يدعي أن شعب Nara نارا كان يملك البلاد منذ "بداية الخلق" (1997، Pankhurst ،p.27).

• وفقا لتقاليد نارا الشفهية، فإنها تشير إلى أنهم عاشوا في يوم من الأيام بالقرب من كيرين (1991، أوكبازغي يوهانس، ص 8).

• هناك مؤشر آخر على سكان نارا في القرن الرابع الميلادي، وهو موجود أيضًا في ميثاق أكسوميت في الملوك إيلا، وقد أعطيت كنيسة سيون العظيمة في أكسوم "بريا ديماه"، وكانت الأخيرة إقليمًا شمالي نهر ميريب (1997، بانكهورست، ص 28).

• في عام 1876، وصف سفر أوروبي باسم ديرموت روبرت بورك نارا بأنه "ليس لديهم أسلحة نارية، ويصطادون ويدمرون فقط بالرماح والسكاكين" (1876، ديرموت روبرت بورك، ص. 147).

البداية:
وتعتبر من القبائل الأم فهي من اقدم القبائل، واسلاف النارا الحاليين ينحدرون من سلالة ملكية كغيرهم من اخوانهم النوبيين فهم أحفاد ندح ملك كرمة وبيعانخي موحد القطرين وترهاقا منقذ يهود القدس من استعباد الآشوريين والملكة اماني ريناس محررة اسوان من قبضة الرومان وغيرهم من الملوك، ولا يخفي علي القارئ الكريم ان هنالك بطون او مجموعات ذات اصول عربية داخل النارا مايعني امتزاج الدماء الملكية التي تجري في عروق النارا بالدماء العربية امر واقع داخل قبيلة النارا، واسم (النارا-النرا) يعني (السماء).

وترجع اصول النارا الي كرمة وجزيرة صاي في شمال السودان فعند انهيار كرمة هاجر بعض النارا واتجهوا شرقاً والبعض الاخر بقية ولم يهاجر (كلود رايللي).

و جزيرة صاي هي ثاني اكبر جزيرة في السودان تبعد تسعة كيلو مترات عن مدينة عبري طولها 12 كيلو متر وعرضها 7 كيلو متر.

ان سكان جزيرة صاي في شمال السودان من النارا هاجروا بعد انهيار (حضارة كرمة 2500) وبعضهم بقية علي الجزيرة ولم يهاجر. ومنطقة جزيرة صاي معروفة بالدفوف والمدافن في فترة كرمة والمسيحية والاسلام وغيرها من الآثار.

كانت الهجرة الاولي الي (آد بُرو - وتعني اليد الكبيرة) التي حرفت الي عطبرة.

محمد أرَيْ

اورد الشيخ اري: ان النارا اصلهم يرجع الي شمال السودان دنقلا ومنطقة مروي بصورة اساسية حتي الداخل المصري ومنها هاجروا الي (آد بروا) وكسلا التي اخذت اسمها منهم مروراًحتي ارتريا منطقة (مبا ارينكو ــ وتعني الماء الابيض) وماحولها ومنطقة (نارو) التي حملة اسمهم وهذه دلالة علي قدمه.

اصبح شعب النارا السوداني الاصل منقسم ومتواجد في دولتين:-

1. المجموعة الاولي: في وطنها الام السودان (نارا سودانيين من اصول سودانية).

2. المجموعة الثانية: في دولة اريتريا (نارا ارتريين من اصول سودانية وهم الاقدم عليها).

اعتقد ان حركة وانتشار النارا في حوض القاش وما حوله قديم جداً وتعتبر مجموعة النارا اول من سكان تلك الارض (التي تعرف حالياً بارتريا) اي قبيل مفهموم الدولة وترسيم الحدود وقبل جميع القبائل الموجودة حالياً والتي طرئة وفدت بعد النارا، وتعتبر مجموعة (الكناما) قديمة بقدم النارا علي تلك الاراضي. ثم تلتها مجموعة الاقو التي حكمة اكسوم 200 عام ـ حسب رواياتهم ويعرفون اليوم ب (البلين)، وحدث اختلاط في ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ بما يعرف اليوم ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ‏(ﻛﺮﻥ) ﺍﻟﺘﻰ ﻳﻌﺘﺒﺮ فرعي‏ (ﻃﻨﻔﺎﻯ) ﻭ ‏(ﺷﺒﺎﺧﺎﻯ) وهما ﻣﻦ (النارا) ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﺍﻷﺻﻠﻴﻴﻦ. ﻭﻗﺪ ﻧﺰﻝ ﺑﺴﻨﺤﻴﺖ ‏(ﺟﻮﻳﻨﺎﻯ ﺃﻭ ﺟﻮﻳﻦ ‏ثم ﺳﻤﺮﺋﻴﻦ)، ﻓﻤﻨﺤﻬﻢ ﻃﻨﻔﺎﻯ ﻭﺷﺒﺎﺧﺎﻯ ﻣﻨﻄﻘﺔ ‏(ﺣﻠﺤﻞ) ﺃﻭ ﺩﻛﺎ ‏(ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﻠﻴﻦ) وتصاهر فرعي طنفاي وشبخاي مع من جوارهم من البلين، كما ان ام الجد الاكبر لفرع سليمون من النارا وايضا هنالك اراضي الحباب وغيرهها من الارضي كانت ملك للنارا.

اورد الاستاذ عبدالرحيم هايتين: ان النارا الى فترة قريبة كانوا يقيمون فى معظم المناطق المنخفضة فى ارتريا ففى سنحيت هم حلفاء طرف من اطراف الصراع بين طوقى وترقى.
اما فى الساحل هم خيلان (الحباب) حيث تزوج اجداد (الحباب) ـ (بأمنت) و(اسقدوم) من النارا باعتبارهم القوى المسيطرة فى تلك الفترة.

بروفیسور: برکات الحواتی - فقد اشار الي النارا فی ورقته البحثیة - سکان الرقعة باعتبارهم شعوب مرویة مثلهم مثل الکرسا والفرتیت. هذا وقد اشارت اخر نتائج معملیة للحمض النووی بأنهم ینتمون (للقروب a‏) اتحفظ علیه حالیا بناءاً علی رغبتهم بعد ان اجریت علیهم الاختبارات المعملیة. وکما هو معلوم فهذا القروب یضم اقدم شعوب العالم طرءً (مرفوع).

هوية النارا:

كل قبيلة لديها هوية مصاحبة لها وهوية النارا (كرمية - بجاوية) اما كرمية لانهم ممن اسسوا حضارة كرمة في الشمال جزيرة صاي. وبجاوية لانهم تكونت لديهم الهوية البجاوية عندما سكنوا حوض القاش. والنارا قوم معروفين بشدة البئس في القتال وبشجاعة منقطعة النظير يشهد لهم بها الغير وكأن الامر متعلق بجيناتهم الفرعونية، فالنارا قوم محاربون سلاحهم الدروع والرماح والسيوف والسكاكين بأنواع خناجرها (نرا هندر) ويحملون العصا بأنواعها في حالاتهم العادية، وايضا عرفوا بإحتواء الجناة الذين تعجز قبائلهم عن حمايتهم نسبة لكبر جنيته (وهنالك روايات عن افراد احتموا بالنارا بعد ان تبرئت منهم قبائلهم لخوفها اوعجزها).

تعريف بٲصل اسم Nara:

(نرا) هو الاسم الاصلي منذ ان طرئوا. اسم نرا يعني السماء وهو خاص بقبيلة النارا التي يرجع اصلها الي صاي وكرمة.
اما بخصوص الاسماء التي يتم تداولها في بعض المناطق فهي حديثة نسبياً بالنسبة للاسم الاصلي نرا ولا تمثل النرا.
وليست لها دلالات اومعاني في لغتيهم بالٳضافة الي انه ليس لها وجود لا اسماً ولا معني عند عموم النرا ولايحبذونها ويعتبرونها مسيئة لهم لأنها دخيلة عليهم.
بعكس اسم (نرا-Nara) كلمة نرا التي تنطق احياناً (نارا - وتحمل نفس المعني - سماء).
وكلمة (نرا) لها دلالاتها ومعانيها في لغة النارا وتستخدم في كثير من التعابير في لغة النارا.

علي سبيل المثال: "نرا لوق"، نرا تادا، نرا كتّا، نرا كبور، نرا وول، هذه مسميات موروثة اباً عن جد وليس كلمات استعمارية بالاضافة الي ذلك: هنالك مصطلحات اخرى في لغة النرا ومعانيها مع اللغة العربية العريقة يستخدمه النارا فيما بينهم مثال:-

"نركابتا = الاهل او العشيرة".
"نقو نركابتا قينينيا = كيف حال اهلكم".
"نر نا = هل انت نراوي (سماء)".
"نر تي نا = هل انت من ابناء النرا (السماء)".
"نرا بنا ٳشدا = هل تعرف لغة النرا (السماء)".
"نرا لتا = هل رٲيت النرا (السماء)".
"نرا هينن = اين النرا (السماء).

والانسان الناراوي الذي تربي في بيئة ناراوية ولا يجيد سوي (نرا بنا = لغة النرا). اذا سٲلته عن جنسه مثلاً:-
ق جنس دانن = ما هو جنسك ؟
يرد عليك: اق نرني =انا من قبيلة السماء.
هذة كلها كلمات مرتبطة بي كلمة "نرا".
الخلاصة هي ان النراوي الذي لايعرف سوﻯ لغة النرا ـ لا يعرف اسم غير (نرا).
وتجد النرا في الرقصات الاستعراضية يوجهون رماحهم الي (النرا = السماء) واحياناً يقذفونها نحوها.
وهنالك مناطق يعتقد انهم كانوا من سكانها بجوار اخوانهم النوبيين قديماً بخلاف كرمة وشيي ـ الا وهي المناطق التي تحمل اسم (نارتي = ابن السماء):-

1. موسي نارتي.
2. حامد نارتي.
3. سو نارتي.
4. منطقة نارو في ارتريا.

وٲورد الباحث: بخاري عبداللطيف عبد الحميد ـ التفسير التالي: ان ارتي بمعنى الجزيرة عند اهلنا في دنقلا ودائما تسمى الجذر بٳسم الجد المؤسس فتنسب إليه الجزيرة مثال لذلك: موسى نارتي و حامدناتي واحيانا هنالك جزر كثيرة باسماء اخرى ومختلفه مثل مروارتي وارتقاشا كبرنارتي.

النون للملكية واﻻشارة لشخص (مثلاً موسي + ن + ارتي) او الصفة المتعلقه بالجزيرة مثلا (ارتيقاشا) ارتي + قاشا - (قاشا) يقال انها الجزيرة المدللة) قاش في لغة الدناقله المدلل، المدلع (انتهي).

بحث من اجل اثبات اسم اطلقه تحالف التجري علي النارا بعد معركة تعرف بمعركة (هيكوتا = مجموعة كبيرة) التي كانت بين النارا والتي لم يساندها في تلك المعركة سوي البلين وكانت ضد حلف التجري والايليت وانضمت لهم التجرينيا فيما بعد فيما يعرف بالمرتفعات، وانتصر حلف النارا والبلين في هذه المعركة وسميت المنطقة بهيكوتا ومعظم سكانها الحاليين من النارا.

وكل المراجع التي يذكر فيه النرا بإسم اخر هو لان بعض النرا في الشرق تمسكو بالاسم الدخيل مع اعترافهم بحداثته، وعندما تتم اعادت كاتبة هذه المراجع علي النت غالباً مايستخدمون الاسماء الحالية، فمثلا البلمين والمزا حاليا هم بعض البجا ولذلك يوثق لهم بالاسم الحالي بجا اياً كان عمره.

وهذا التوثيق يضحد ويبتر ويقطع دابر بعض الروايات الشفهية المغلوطة ممن لاينتمون لأمة النارا ولايحيطون بتاريخها ولا بالحضارة العريقة التي تنتمي اليها امة النارا.

المصدر لجزئية التسمية: رواية شعبية شفهية من ( شيخ ناروي كبير في السن) اذ يعتبر ذلك من اوثق المصادر عند اجماع العلماء وذلك دأب اهل العلم في شتي التخصصات العلمية حيث ان انتقاء المعلومة الموثوقة تكون من اصحابها، وذلك من باب اسمع مني ولا تسمع عني وبتراً لكل ما هو مغلوط شائعات.

اما عن فروع (النارا) الرئيسية فهي تتكون من أربع عشائر كبيرة وهي:-

1. البارا ويعتقد انه الفرع الذي ذكر في نقش عيزانا. (ميقبارى - بارا، وهنا الالف منقلبة ياء وتنطق (بارا) وهم (الهجر - الهقر).
2. المقرايب
3. الكويتا
4. السان تورتا.

يتوزع النارا لغوياً على وحدتين هما المقراييب والهجر ولكل وحدة لغتها الخاصة، ولكل وحدة زعيم يسمى (ماسينقه) أو العمدة ولكل فرع نائب يسمى (نادا) أو الوكيل، وللنارا قيادة موحدة بإشراف زعيم أعلي يدعي (ناظر).

واسم النارا يطلقونه على أنفسهم، وإذا قابلت أحدهم وهو لا يعرف أي لهجة أخرى، يسألك (نرا بنا إشدا) (هل تعرف لغة النارا) وكذلك تطلقه عليهم باقي قبائل البجا، إذا تحدثت عنهم في الزراعة بالبداويت ناركاب، وبالتقرى ناركاباي، فمصدر الاسم هو الرجل المتمسك بالزراعة.

وكما سبق ذكره فالنارا ينقسمون لغوياً إلى فرعين رئيسين ولكل فرع لغته لخاصة، فرع يعرف ب نارا (هجر) وهم في غالبيتهم سكان قاش بركة، وفرع أخر يعرف ب نارا مقراييب ويمتد من نهر سوسينا إلى أخر القاش وسيتيت، فنجد هنا كلمة هجر تطلق على فرع من القبيلة ولكنها منطقة موجودة في الساحل، وكذلك حسب المراجع التاريخية فإن هجر كانت عاصمة البلو، ويقول عثمان صالح سبي هي مدينة أم حجر على نهر السيتيت، فما علاقة هذا الاسم بهذه المدينة فهل كانوا كذلك من ضمن سكانها ؟ أسئلة قد ترد إلى الأذهان، كذلك الفرع الآخر المعروف ب نارا مقرايب نجد أن الاسم هو اسم لفرع من القبيلة ولكنه كذلك اسم لنهر مقرايب وقد نجد الأسماء المحيطة بنهر مقرايب، مشابهة لهذه التسمية مثل هريساتيب، منطقة ليست بعيدة عن النهر ولكوييب، وساسريب، وهمشكوريب، وهي تسميات باللغة البداويتية، من هنا نجد أن النارا كان يربطهم التاريخ العريق مع باقي قبائل البجاوية في العيش معهم في حياة مشتركة منذ آلاف السنين، ولكنهم حافظوا على خصوصياتهم في العادات والتقاليد وإن كانت لا تختلف كثيرا عن عادات وتقاليد باقي قبائل البجا سواء في الأعراف والتقاليد أو غيرها مثل الزواج أو الوفيات، لأنها مستوحاة من الإسلام، وكذلك يشتركون معهم في تربية المواشي ولكنهم مستقرون غير متنقلين فهم يجمعون بين الرعي والزراعة، وإن كانت حياتهم مطبوعة كجيرانهم بالبداوة، ويتجاورن في مناطق القاشات والشرق تلكوك وغيرها، وان كتب التاريخ التي كتبها المؤرخون العرب كاليعقوبى ذكرت قبائل النارا من ضمن مكونات قبائل البجا، ولكن لم يتطرقوا في تفاصيل حياتهم الاجتماعية والثقافية.

ذكر لنا العمدة حسن هسرة عمدة اللبت بيت موسي، الذي يعمل بالسبابة في زريبة شمبوب بكسلا، ذكر في احدي المجالس ان القاش ملك للنارا اي انهم اول من سكنه منذ القدم، مع الاخذ في الاعتبارا ان هسرة لايدري بالمعلومة العلمية التي تفيد بتواجد النارا علي القاش منذ طور مجموعة حوض القاش الاولي اي قبل الميلاد ومع ذلك فإن حديثة يتوافق معها.

تعتمد قبيلة النارا على الزراعة لتؤمّن طعام عامها من الذرة عكس محيطها من باقي قبائل البجا التي تعتمد على جلب الذرة بالجلابة، ويزرعون بجانب الذرة الدخن وهو أول ما يبدؤون به قبل زراعة الذرة لأنه يستوي قبل الموسم في فترة 30-40 يوما فيسعفهم في حياتهم المعيشية مبكرا قبل الحصاد، وهو وجبة العشاء على مدار العام، فالنارا لا يتناولون المالح من الطعام في العشاء بل يتناولون عصيدة الدخن أو القراصة الفطيرة بالحليب، وعند الشتاء يحبذون مديدة يسمونها (كالوت) عبارة عن مديدة تتخللها قطع من نفس الدخن مثل قطع الأناناس، كذلك يشتهرون بعصيدة التكوشم وهي العصيدة المتماسكة القوية التي تستمر دون أن تتلف لأيام، يحملها المحارب والمزارع والمسافر معه ولا تتأثر من الداخل وتمكث أيام فقد تحيطها قشرة من الخارج من نفس العصيدة، والكسرة لدي النارا تسمي (تس) وهي تقدم في مناسبات الأعراس ويكون ملاحها مرق الذبائح، ويقولون في مزاحهم عنها (تس كشن نيقو كيلا قي نوتا امباتا) معناها (الكسرة (جيهناها) تعلوها قطع اللحم لا مثيل لها) وجبات الطعام الأساسية عند النارا هي فترتين الصباحية في الفطور و المسائية في العشاء، أما الغداء فيكون من ما بقي من فطور الصباح، ويسمون وجبة الصباح (فتّ الريق).

اقام (النارا) في (شرق السودان وغرب اريتريا حضارة زراعية عظيمة اطلقوا عليها حضارة الدجن (واطلق عليهم الدوجنيين النارا) ونشير هنا ان كلمة (الدجن) تعني (الماء الغزير) باللغة العربية وكلمة (النارا تعني السماء) نأخذ مثال مع الترجمة (نرا تادا تعني ابناء السماء) وبالنظر الي معاني الكلمات والاسماء المتعددة لأسلآف النارا نجدها متعلقة (بالسماء والماء والانهار(نارا دجن) ويرجعة ذلك لإرتباطهم بالزراعة.

جزئية بسيطة من عادات النارا - وهي كعادات معظم القبائل السودانية، ونذكر منها:

1. البطان.
2. دق الشلوفة (تغير لون الشفاه للسواد).
3. الخضب بالحناء للنساء.
4. لبس الخلخال علي كلا القدمين بالنسبة للنساء.
5. الشلوخ.
6. لبس الذهب علي الرأس والحلقان الكبيرة في شكل هلال بالاضافة الي لبس الزمام للنساء.
7. الدلوكة ولديهم ايقاع مطابق للإقاع النوبى ويسمونه (نرا كبور).

8. (عاشوراء) عادة قديمة، منذ عهد موسي عليه السلام. فقد مره موسي في التيه بمعظم اراضي النارا مثل (عطبرة - آد برو وتعني اليد الكبيرة)، ومره بكسلا والتي تعني ظل الحربة وايضاً كسلا اسم شهر عبري ومره بالنيل الازرق، وهنا نذكر ارتباط النارا بالفونج حيث اسم دنقس، والري، منتشر عند النارا واسم (اري) يشترك فيه معهم النابتاب.

9. المناحة واستخدام الكبور(الدلوكة) عادة قديمة عند الموت.
10. مقبرة الملوك (الدقي) 7 امتار تحت الارض وتنتهي بغرفة الدفن.

قومية النارا الباريا

من عادات الزواجاما مراسم الزواج والتی تبدأ فی الغالب بعدالحصاد حین یحمل اهل العریس المهر لاهل العروس وهو عبارة عن 4 بقرات و7 ماعز و4 ضأن. اما اهل العروس فیستعدون للزواج بدعوة الاهل لنسج البروش وتطریزها وتزیین العروس. وفی الیوم المضروب یأتی اهل العریس الی دار اهل العروس وبعد العقد یقومون بذبح شاة بیضاء غیر معلمة لطرد الحسد والارواح الشریرة.

واذا کان بیت العریس قریبا یقوم الوزیر بحملها وتحمل علی هودج ان کان بعیدا. وهناک بالطبع بعض التفاصیل الصغیرة کتقدیم اللبن الرائب للفأل والدوران حول بیت العروس من قبل اهل العریس 7 مرات وتستمر الافراح 7 أیام (لاحظ سر هذا الرقم فی کل المعتقدات منذ القدم وحتی تاریخه) تنتهی بالسبوع. حیث یتم تحمیم العریس بواسطة اصدقائه ویلبس ملابس بیضاء ویحمل سیفا ویتم ربط عقد من السومیت علی رقبته وتلال من الفضة علی العمة التی تغطی معظم الرأس واحیانا تلال من الفضة علی یده الیسری.

ویوم السبوع یتم تغییر هذه الملایس وغسلها. ویواصل هیتین - المریسة کانت قبل الاسلام وبعده طقسا اساسیا من طقوس الزواج. [من کتابی المعد للطبع: شرق الشمس - غرب القمر الانثروبولیجا والتاریخ] الاستاذ بابكر عوض الكريم - رحمه الله - تنبيه جزئية الزواج منقولة بتصرف.

نذكر بعض علماء اللسانيات الذين يبحثون في لغة النارا:

1. عالم اللسانيات كلود رايلي في داخل السوان واقليم القاش بركة في عاصمة النارا في ارتريا ويطلق عليها (مبا إرنكو بارنتو) وتعني الماء الابيض بالعربية.

2. عالم اللسانيات الإنثربولجي الايطالي البروف: جورج باونتي في السودان كسلا.

بالنسبة للجزؤ (النارا) الذي مازال في السودان يعاني من التهميش لأسباب غير معروفة، اما الجزؤ الذي صار يتبع لغرب اريتريا فهم افضل حالاً علي اقل تقدير فهم يمتلكون نظارة علي ارضهم علي عكس اخوانهم. في الجزؤ الاخر والذين سلبت ارضهم التاكا وتوتيل لصالح غيرهم كالمراغنة الذين استقبلهم واحتواهم النارا وهم بالمقابل لم يقدموا شيئ للنارا سوى إدعاء تملكهم للأرض في العهد القريب بواسطة المستعمر (الانجليز).

وتضرروا من حكم القانون بدلاً من القبيلة لانه قلص نفوذهم وتضرروا من التطور التحضر بسبب عدم مواكبتهم وجهلهم وعدم تعلمهم وتعرض تراثهم وتاريخهم للتزيف والتزوير وارضهم للسرقة والنارا في اقليم القاش في كلا الدولتين يعيشون في مجتمعات ريفية رعوية وزراعية وهذه الحرف من اولوياتهم متناسين التعليم والتوثيق لانفسهم ولتاريخهم التليد الضارب في الجزور سواء ان كان في (شمال السودان علي النيل او ارض القاش وسيتيت) والنهوض بمجتمعهم وتثبيت حقوقهم القانونية والمشاركة في صناعة القرار لذلك قل ماتجد شخصيات بارزة في المجتمع تنحدر من هذه المجموعة.

Top
X

Right Click

No Right Click