ما بعد فك الحصار، ماذا بقي للمعارضة من اوراق

بقلم الأستاذ: محمود شامي - كاتب وناشط سياسي

اعتقد اولا ان أسباب فرض الحظر والحصار لا علاقة له بالشعب الارتري كما لم يكن له علاقة بكل الشعوب

التي فرض عليها الحصار ككوبا والعراق وإيران وليبيا، ولم يخدم الحصار كل شعوب هذه البلدان، وكل تجاربه برهنت بفشله على التضييق على الأنظمة وكان في كل تلك الحالات يديم من أزمة ومعاناة شعوب هذه البلدان، اللهم الا اذا كانت تجربة الحصار على اريتريا تجربة مختلفة عن كل تجارب الحصار، وشعبه مختلف عن كل شعوب الحصار.

وثانيا: اعتقد في كل حالات فرض الحصار كان فرضه قناعة من صناع القرار والولايات المتحدة في مقدمة هذه الدول أو بالأحرى هي المالك الحصري والوحيد في فرص الحظر والحصار وتفرضه على من تراه لا يخدم مصالحها وليس مصالح الشعوب،، وعلينا ان ندعو الله بان تكون الولايات المتحدة غير راضية عن نظام اسمرا وناقمة عليه، وعلينا ان ندعوا الله بأن لا يوفق بينهما ولا يخدم نظام اسمرا مصالحها إذا اردنا إدامة الحصار ورأينا فيه مصلحة الشعب الإريتري.

وثالثا: البلدان الثلاثة وهم اثيوبيا وجيبوتي والصومال أيدوا المشروع الامريكي ووقفوا مع العم سام في تطبيق وادامة الحصار على اسمرا ونظامه واليوم نرى هذه الدول تتحرك حول مسار آخر وفي نهج آخر وطريق يخالف الحصار على ما يبدوا، وطالب شخصيا رئيس وزراء اثيوبيا ابيي احمد من الامين العام برفع الحظر عن اسمرا واعتقد ان جيبوتي والصومال تحذوان حذو اثيوبيا وهل يعقل أن تكون هذه التحركات ومشاريع السلام والصداقة والتطبيع الاقتصادي والأمني مع اسمرا بمعزل عن التفاهم مع اميركا أو عن الأجندة الأمريكية ؟، وهل يعقل كذلك ان تتحرك هذه الدول ومعهم دول حليفة وصديقة للولايات المتحدة وهما السعودية والإمارات بدون اضواء خضراء من العم السام ؟؟

ورابعا: اعتقد وأخاف ايضا أن من سيفرض عليهم الحصار هذه المرة هم المعارضة الارترية او من يعانون وعانوا لأكثر من 27 عام من حكم نظام اسمرا القمعي، ولأنها لم تستثمر عشرون عاما من الحصار والتضييق على اسمرا ومع وجود حلفاء في المنطقة كانوا يشاطرونها حرب وعداء هذا النظام، وعشرون عاما لم تستطع المعارضة أو لنقل لم تحاول فيها فعل شئ يتعلق بالخلاص، واليوم ما هو السيناريو الذي ينتظر المعارضة الاريترية ؟ او كيف ستغير من استرتيجية الدفاع عن شعبها وعن نفسها بعد ان قصت اجنحتنها ودكت معاقلها وحصونها، وكسب النظام ود هذه الأنظمة كلها واحدة تلو الآخر والتي تساقطت ايضا وهوت كقطع الدومينو وفي غير صالح المعارضة ؟ وكيف سيكون مع الوضع الجديد شكل هذه المقاومة التي فقدت حلفائها في المنطقة ؟؟ وهل الخيار سيكون حربا عن بعد اي حرب سياسية من كينيا مثلا اقرب دولة في المنطقة والتي لم نسمع بانضمامها للتحالفات الجارية او عن قطر التي تتقاطع معها المعارضة اليوم مصالح معينة وغيرهما شرقا وغربا ؟ ام ستخذ خيار صعبا ومحاولة نقل المعركة ببعديها الي الداخل الارتري ولكن كيف ومتى ؟

وخامسا: اعتقد ان الحصار على اسمرا الان حصار شكلي وقرار رفعه، اما تحصيل حاصل واما لا فائدة من اقامته، في ظل عقود شراكة مع المحيط اثيوبيا جيبوتي صومال سودان سعودية واليمن الحليف مع الإمارات. ومع صناع القرار وهو الاهم وفي ظل هذه المعطيات عن اي حظر وحصار نتحدث اليوم ؟ هل نتحدث على التعويل على دول بعيدة والمعارضة عجزت عن إقناع المحيط وعن عدوله عن الهرولة الي اسمرا ؟، هل نحاول مع دول خارج المحيط وعن حصار جوي على اسمرا بعد تأمينه للحدود البرية باتفاقيات سلام وشراكة مؤمنة ومختومة بالشمع الأحمر مع كل المحيط.

ويبدو أن الأمور تأزمت كثيرا والحلقة ضاقت أكثر من أي وقت مضى، ولكن مهما ضاقت وتأزمت ومهما بلغ مكسب النظام ومهما بلغت خسارة المعارضة فلابد من خلق مساحات اخرى للعب الأوراق، فإذا كان الحق مطالبها فالنصر قادم لا محال، فكما أن المعارضة لها أخطاء في التسيير وفي التعاطي مع الامور المهمة التي ذكرناها، إلا أنها كانت تحتاج الي دعم شعبي والتفاف جماهيري حولها وهو ما لم يحصل، وكما أن على المعارضة أن تخلص لشعبها فعلى الشعب ايضا ان يبدي تجاوبا وعزيمة وإعطاء امور للمعارضة تدفعها للعمل مثل التكثيف من المقاومة الشعبية داخليا وخارجيا والتضحية بالنفس وبكل ما يملكه لأجل الخلاص وهذا لم يحصل كما ينبغي.

فهناك قضايا في العالم أكثر تعقيدا واكثر شراسة وهناك أنظمة أكثر عتادا وعدة من نظام اسمرا واجهتها شعوب في العالم بصدور عارية، ولناخذ عبرة وعظة من نضال الفلسطينيين وقوة إرادتهم، والشعب الفلسطيني بجانب معارضيه هو من يموت يوميا، إيمانا منه بقضيته والشعب الافريقي في جنوب أفريقيا كان في مواجهة نظام الابارتاي العنصري وكان مدعوما من الغرب ولكن إرادة الشعب الافريقي مكنته من نيل حقوقه، فلم ييأسوا رغم عدم توفر موازين القوى بينه وبين نظام قوي تسلطي كان يملك أضعاف ما يملكه نظام اسمرا اذا على المعارضة أن تعول على شعبها اولا، وعلى الشعب أن يكون جديا واكثر استماتة إذا ما ارادا الخلاص.

Top
X

Right Click

No Right Click