لقاء جدة التصالح بين جيبوتي وارتريا اعادة للعلاقات غياب ملف دوميرا

بقلم الأستاذ: محمود شامي - كاتب وناشط سياسي

لم يكن مفاجئا ولا بالشئ الغريب عودة العلاقات الجيبوتية الارترية الذي احتضنتها مدينة جدة في المملكة السعودية وبرعاية

لقاء تاريخي بين إسماعيل عمر جيله و أسياس أفورقي في جدة

الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وذلك نظرا لموجة الأحداث والتحركاات التي سبقت الحدث الاخير بالمملكة، فكانت عودة العلاقة بعد وساطة ماراتونية زار فيها خلال الفترة الأخيرة وزير خارجية العربية السعودية عادل الجبير كل من اسمرا واديس وكذا شهدت نفس الفترة زيارة موازية لوزير العلاقات الخارجية للشؤون الافريقية السعودي احمد القطان الي جيبوتي حاملا لجيلي رسالة من الملك وبالمقابل نقل رسالة من الرئيس اسماعيل الي الملك في ذات الشأن وربما الي جانب قضايا أخرى ايضا،،

ولعبت كل من اثيوبيا والصومال ادوار مهمة في هذا السلام بعد زيارة تمهيدية للوزير الارتري عثمان صالح الي العاصمة الجيبوتية التي تنقل اليها من اسمرا رفقة وزيري خارجية اثيوبيا والصومال ولقاء الوزير الارتري بالرئيس اسماعيل ناقلا له رسالة من الرئيس أسياس وربما هذه الزيارة او الرسالة مهدت للقاء جدة ولقاء اسماعيل وأسياس الاخير، والذي شهد لقاء سلام بين البلدين والذي من شأنه ان يعيد الأوضاع الي طبيعته بين البلدين،،

ويبقى التساؤل يحوم حول مصير بعض الملفات العالقة والتي لم تعلن في لقاء جدة وهي ملفات ولدتها الأزمة السياسية وافرزتها مناوشات الحدود قبل 10 اعوم وهما ملف المعتقلين الأسرى الجيبوتيين وملف جزيرة دوميرا الذي طالبت جيبوتي بها منذ بداية الأزمة.

اعتقد ان ملف المعتقلين حسم تماما ولابد من اعادتهم الي جيبوتي، وهذا امر مفروغ منه ولا يحتاج الي شرح والي تأويل، اما ملف دوميرا هو ملف ولدته الازمة السياسية بين البلدين 2008 ولم يكن هناك خلاف حدودي بين البلدين قبل الأزمة السياسية التي اندلعت بينهما، لم يكن التوتر سببه حدودي أو جزيرة دميرا ورأس دوميرا الحدوديان، والسبب كان سياسي وبامتياز حيث بدأ الخلاف بين الدولتين حول او في التعاطي مع الملف الصومالي او ملف الغصائل والاحزاب الصومالية التي كان كلا البلدين يسعيان للاستحواذ عليها قبل أزمة دوميرا وازمة الرهائن،، فاإريتريا كانت تحتضن تلك الفترة احزاب صومالية متعددة ومختلفة منها جماعة الشيخ شريف احمد وهي جماعة إسلامية معتدلة تؤمن بالحل السياسي وهي جماعة غير متشددة، وجماعة اخرى هي جماعة الشيخ وعيس هذا الحزب كان حزب ذو نزعة جهادية ويؤمن بالحل المسلح، وكان محسوبا على حركة الشباب الصومالية ذات النشاط الميداني المسلح والأكثر تنظيما وتماسكا في صفوفها والأكثر استقطابا للجمهور الصومالي، لا سيما في المناطق الجنوبية أو ما يعرف بالصومال الايطالي، وكذا مجموعات صومالية واحزاب اخرى معارضة كانت قد اتخذت من العاصمة الارترية اسمرا مقرا رسميا لهم، ودخلت جيبوتي على خط التماس وسحبت البساط من إريتريا لربما كان ذلك قبل الرغبة الجيبوتية بطلب وبضغط اقليمي ودولي الزم جيبوتي على الانخراط به وبقبولها استضافة الفرقاء السياسيون الصوماليون في ارضها،

ودعي الفرقاء السياسيون الصوماليون لحضور مؤتمر تصحيحي مهم وكبير برعاية جيبوتية اقليمية ودولية، وكان يبدوا الأمر طبيعيا بإعتبار ان الراعي الرسمي الجديد لهم صومالي وهو السيد اسماعيل عمر جيلي رئيس جمهورية جيبوتي،

لكن ربما كان هناك اتفاق غير معلن بين جيبوتي إريتري بهذا الشأن، اي بشأن الملف الصومالي عندما كانت العلاقة قوية وجيدة بين جيبوتي وارتريا في فترة شهدت اتفاق وقف إطلاق النار واتفاق سلام بين فصيل جيبوتي معارض وهو جبهة إعادة الوحدة والديمقراطية بقيادة المرحوم احمد ديني رحمه الله،،

وحينها لعبت ارتريا دورا رئيسا ومحوريا في ذلك السلام وقدمت هدية على طبق ذهبي لجيبوتي التي كان يزعجها تحركات احمد ديني الله يرحمه برا وبحرا واقصد بنشاطه السياسي في الخارج ونشاط جماعته في المناطق الشمالية لجيبوتي التي كانت خط تماس ومواجهة بين جيش النظام وجبهة فرود التي تزعمها ديني رحمه الله، وكانت إريتريا بداية تدعم ديني سياسيا ولوجستيا وفي ظروف غامضة أعلن ديني تركه الكفاح المسلح وممارسة نشاط سياسي من الداخل وتصدرت إريتريا المشهد لتكون صانعة هذا السلام بين الإخوة الاشقاء وأعداء الامس ويعتقد انها اقنعت ديني بالعدول عن العمل المسلح وبذلك اهدت جيبوتي سلام وديني رحمه الله، واستمر الاحتفال واحتساء اكواب الفرح بين البلدين من 2001 توقيع اتفاق السلام بين المعارضة والحكومة في جيبوتي الي 2007 بداية الازمة السياسية الجيبوتية الارترية عندما دخلت جيبوتي في الخط وفي ملف أرادت إريتريا احتكاره، لتبتز منه اثيوبيا العدو التاريخي المشترك لارتريا والصومال، وعدو أسياس أفورقي في تلك اللحظة واستطاعت جيبوتي سحب المعارضة من إريتريا تواليا وبقي بها الشيخ وعيس وحيدا قبل أن يرحل هو ايضا بعد ازدياد وتيرة الضغوط الممارسة عليه وعلى إريتريا،

وفي الاخير ما دامت الأوضاع السياسية بين البلدين عادت الي طبيعتها ستجد مسألة دوميرا ومسألة الحظر الدولي الذي تمسكت بها جيبوتي، ومسألة عودة إريتريا الي منظمة ايقاد الذي تتخذ من جيبوتي مقرا رئيسا لها وستجد كذلك كل الملفات العالقة والشائكة حلول مرضية للجميع..

Top
X

Right Click

No Right Click