سلسلة قضايا بسيطة و مهمة 4-10

بقلم الأستاذ: علي عافه إدريس - كاتب ومحلل سياسي ارتري

السياسي بين المغامرة والمقامرة والاستكانة !!! المغامرة هي الإقدام على أي أمر به قدر من المخاطر، يجهل المُقدِم عليه جانب أو أكثر

من جوانبه وبالمقابل تتوفر لديه الكثير من المعلومات التي على أساسها يمكن أن يخمن ما ينقصه من المعلومات، ومن أمثلة المغامرين متسلقي الجبال وناطحات السحاب فمن يقوم بتلك الأعمال يوصف بأنه مغامر، فمن يتسلق الجبال قد تدرب على ذلك وجهز نفسه بكل ما يلزمه في تلك الرحلة ويحتاط لكل شيء لكنه يجهل الطقس من عواصف وأمطار و إن كانت ستتسبب في انهيار الجليد وتدحرج الصخور.

بينما المقامرة أَي أمر قائم علَى الصدفة والحظ للفوز به، فكل جوانبه مجهولة تماما، ونتيجته رابح أو خاسر وشعار ممارسه (عك وربك يفك) ومن أمثلته لعب القمار بأشكاله المختلفة.

أما الاستكانة فهي الاستسلام للواقع والخضوع له بالضبط كالقارب الشراعي توجهه الريح أينما اتجهت.

والسياسي الناجح هو من يتصف بصفات المغامر وليس المقامر أو المستكين وإذا لم تتوفر فيه صفات المغامرة فهو ليس سياسي لأنه سيكون مقامر متهمور أو مستكين ومستسلم وهذا الأخير عليه التفرغ لمناشط الحياة الأخرى فالأضرار التي يرتكبها طويلة المدى ولا يشعر بها كل من حوله إلا بعد أن تصل للعظم ووقتها يكون كل شيء قد انتهى.

أما المقامر في السياسة فيجب إبعاده هو الآخر من مركز اتخاذ القرار فهو مدمر وتدميره سريع المفعول وإن نجح مرة سيفشل مرات أخرى وقد تكون إحدى مرات الفشل تلك قاتلة تنهي كل شيء.

المصيبة أن كل معارضينا سواء كانوا مستقلون أو يقودون تنظيمات سياسية تغلب عليهم صفة الاستكانة و سآتي ببعض الأمثلة لتوضيح ذلك:-

• المثال الأوضح ما يحدث في المجلس الوطني الذي توقفت فيه كل مبادرات الحلول رغم أن هناك الكثير من الأوراق التي لازالت متوفرة وبالأخص في يد أستاذنا الرجل الجميل المهذب حاج عبد النور رئيس المجلس الوطني، والذي يعيب موقفه أنه لازال ينتظر الإيعاز بالتحرك من قبل التنظيمات بعد أن تتفق على موقف موحد وبالتالي أدخلنا في دورة البيضة أولا أم الدجاجة في الوقت بإمكانه الدعوة لانعقاد المجلس وعقده بالبالتوك لأخذ الضوء الأخضر بعقد المؤتمر ثم تفويض اللجنة التحضيرية لعقده ولو بنظام الأقاليم، أو عقده في أحد الدول الأوربية عبر تقليص عضويته لممثل واحد لكل جهة وتدبير أمر تأشيرات الدخول للممثلين على أن يتحمل كل ممثل تذكرة سفره، وربما البعض يرى تصوري غير عملي لهذا يجب أن يفتح باب المقترحات والمبادرات وسنصل للمقترح الذي يوافق عليه الجميع.. فالاستكانة أكثر ضررا علينا من أي مبادرة مهما كانت سيئة، فأي الأمرين يا ترى أفضل لنا أن يتخلف تنظيم أو تنظيمين أم أن يموت المجلس هكذا دون أي مقاومة.. فأن تموت وأنت تحاول خير ألف مرة من أن تموت وأنت مستكين ومستسلم.

• المثال الآخر الذي يثبت أننا من النوع المستكين الذي لا يصلح لممارسة السياسة، أنه قد مرت علينا أحداث مهمة خلال الشهرين الماضيين ولكنها مرت وكأننا نائمين، أولها وأهمها التغيرات الكبرى التي حدثت في أثيوبيا ووصول أقطاب مهمة لمركز القرار لتعيد ترتيب المعادلات السابقة وابتعاد أخرى كانت متحكمة خلال السبعة والعشرون السنة الماضية، خاصة وأن أثيوبيا هي الحليف الوحيد المتبقي للمعارضة ومع هذا لم يصدر حتى بيان واحد يشيد بالديمقراطية الأثيوبية التي سيكون لها تأثيرها الايجابي على كل المنطقة وشكر وعرفان لها لوقوفها موقف ايجابي من اللاجئين الذين يتدفقون لأراضيها ودعمها لحقوق الشعب الأرتري في العدالة والديمقراطية وكذلك إضافة بعض المدح الذي إن لم يفد لا يضر، وهناك عشرات الصيغ التي يمكن توظيفها وإرسال رسائل ايجابية للحكام الجدد دون إثارة الآخرين... ومع هذا لم يحدث أي شيء من هذا القبيل... كما أن الوضع الحدودي بين أرتريا والسودان تأزم لدرجة كبيرة وقفلت الحدود من الجانب السوداني، و أن النظام أصدر بيانين كان يمكن توظيفهما في أن النظام يزج بالشعب الأرتري في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل ولأننا مستكينون مرت كل تلك الأحداث دون أن نفكر فيها ناهيك أن نفعل فيها شيء ذو قيمة، ثم جاءت مناسبة الاستقلال وكان المفروض توظيف خطاب الدكتاتور الذي كان مقتضبا وفارغا ضده بطريقة ايجابية بالإضافة لتوظيف وضعه الصحي الذي كان واضحا في تدهوره وما يشكله ذلك من خطر على الوطن.

اللهم لا تجعلنا مقامرين ولا مستكينين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Top
X

Right Click

No Right Click