هل سنتفاجأ مرة أخرى؟؟؟

بقلم الأستاذ: علي عافه إدريس - كاتب ومحلل سياسي ارتري

في 24 مايو 1991م سمعنا الكثير عن حكايات بعض قادة تنظيماتنا الذين تفاجئوا بالاستقلال، وحقيقة ليس بعض انما الجميع تفاجأ

وأن الذين تحدثوا بما حدث لهم هم فقط من أصبحوا محل للتندر والإساءة باعتبار أنهم قادة بلهاء الواحد منهم لا يستطيع النظر إلى أبعد من أرنبة أنفه.

احتفال الارتريين بالاستقلال

المرة السابقة فاجأنا الاستقلال رغم أن كل الأمور كانت واضحة خاصة بعد تحرير مدينة مصوع في فبراير1990م وحصار أسمرا والضغط الذي كانت تعيشه أثيوبيا في كل أقاليمها وعلى وجه الخصوص تحت ضربات الجبهة الشعبية لتحرير تقراي كل تلك الأحداث كانت تعطي مؤشرات قوية على أن الأمر أقترب من نهايته ومع هذا تفاجأنا لدرجة أننا فشلنا بعد ذلك حتى في لم شتاتنا تحت مظلة فاعلة لتدارك ما يمكن تداركه، لهذا بعضنا رضخ لشروط أسياس المجحفة فدخلوا فرادة ليعودوا إلينا سريعا وهم يجرجرون أذيال الخيبة.

أما هذه المرة أعتقد أن مفاجأتنا ستكون أكبر من ذي قبل لأن الأمر أكثر غموضا في ظل عمليات الإنعاش المستمرة التي يتلقاها أسياس ونظامه وكذلك في ظل اليأس الذي خيم حول النفوس من تحقيق أي تقدم يذكر، كما أن حالنا في تلك اللحظة سيكون أسوء من حالنا في المرة السابقة فالتشرزم وصل لقمته على المستويين الاجتماعي والسياسي.

والأمر الجدير بالسؤال هنا هو لماذا نتفاجأ بأمر يكاد يكون واضح ؟

في الحقيقة نتفاجأ لعدة أسباب منها عدم وجودنا بالداخل عدم المتابعة وعدم وجود أجهزة استخبارية تحضر المعلومات الموثقة وعدم توفر المقدرة على القراءة الجيدة للوضع وسأجمل كل ذلك في أمر لو توفر لعوضنا عن كل ذلك وهو التفكير الاستراتيجي وهو مختلف كل الاختلاف عن التخطيط الاستراتيجي فبينما الأخير يعتمد على تكنيك معين عبر أدوات يمكن أكتسابها وتعلمها بينما التفكير الاستراتيجي هو نوع من أنواع التفكير فهناك التفكير المنطقي الذي نمارسه جميعا وهناك التفكير النقدي وهو تفكير أرقى من المنطقي وأقل من الاستراتيجي لأنه يتعامل مع جزئيات بينما التفكير الاستراتيجي يعمل بنظام الصورة الكاملة أي أنه تفكير ضمن نظام متكامل والنظام المتكامل يكون لديه: (مدخلات ـ عمليات ـ مخرجات ـ نظام تحكم) والتفكير الاستراتيجي تحديدا يختص بالنظر العميق في المستقبل ويتطلب أمرين (التوقع والتموقع) ولتقريب الصورة وتسهيل الفهم أكثر سأعتبر أن أحد تنظيماتنا يعمل كنظام متكامل أي أن لديه:

مدخلات: الرغبات والأهداف التي من أجلها تجمعت العضوية.

عمليات: مؤتمرات عامة و اجتماعات تشريعية.

مخرجات: برنامج سياسي وتنظيمي قابل للتنفيذ وقيادة لتنفيذه.

نظام التحكم: قيادة تشريعية وتنفيذية.

إذا افترضنا أن قيادة هذا التنظيم توقعت عبر قراءتها للارهاصات والمؤشرات بشكل جيد أن النظام سيسقط بعد ثلاثة سنوات كحد أقصى، هذا (التوقع) سيجعلها تفكر في وضع التنظيم الذي تقوده لحظة سقوط النظام و لمعرفة ذلك ستجبر على تقييم وضع التنظيم إن كان وضعه سيتيح له التصدر أو المنافسة، فمثلا وصلت لنتيجة أنه سوف لن يتصدر لأن قاعدته الجماهيرية قليلة لهذا يجب أن تبذل جهد في اجتذاب عضوية جديدة وبكثافة معقولة فتبدأ بتعديل برنامجها السياسي وتبحث عن القضايا الكبيرة في ذلك البرنامج التي من خلالها يمكن أن تجذب عدد كبير من الجماهير فمثلا تكتشف أن موضوع الأراضي والمتضررين منه يمكن أن تحقق من خلاله الكثير فيبدأ كادرها التحدث عن معالجة موضوع الأراضي لاجتذاب شرائح يهمها هذا الموضوع بدرجة كبيرة وأثناء قيامها بهذا الأمر هي تبحث عن (التموقع) أي عن موقع في المستقبل وهو الطرف الثاني الذي يبنى عليه التفكير الاستراتيجي.

وملخص عملية التفكير الاستراتيجي .. توقعات عن المستقبل ومحاولة استعداد ليكون لهم موقع أفضل فيه.

اذا كانت عملية التفكير الاستراتيجي عملية سهلة ومهمة وفقط تحتاج لأشخاص يقرأون الواقع جيدا ويقيمون التنظيم بشكل جيد ويجرون التعديلات اللازمة.. وهؤلاء متوفرون.

والسؤال الذي يطرح نفسه.. طالما الأمر هكذا لماذا نحن على المستوى الفردي والتنظيمي لا نهتم بالتفكير الاستراتيجي وهو أمر مهم للفرد و التنظيم لترقية الاداء ؟

لا نهتم لأننا باختصار مشغولين باليومي والاجرائي لهذا تسمع كثيرا عبارات يا رجل خليك عملي.. يا رجل خلينا ننجز عملنا الذي بين أيدينا وبعدين نتحدث عن المستقبل، يا رجل خليك من الفلسفة والتنظير و خلص لينا الموضوع.

أما عند وصول المستقبل !!! الموضوع فاجأنا !!! ثم لا نتعظ وتتكرر المفاجأت لان المستقبل دائما أمامنا.

هذه حالة عامة لنخرج منها معاً.

Top
X

Right Click

No Right Click