ظهر القناع الحقيقي للطائفية في توجه النظام الإرتري

بقلم المناضل الأستاذ: أحمد صالح القيسي - قيادي سابق بجبهة الشعبية لتحرير إرتريا

هل ظهر القناع الحقيقي للطائفية في توجه النظام، ام، ان النظام وصل لمرحلة العجز

حتى يدفع بأفراد الشعب الي تهلكه ترسمها الأيام القادمة دفاعا عن نفسه، كلا السؤالين بحاجة للإجابة باستقراء الأمور والمعالجة الرصينة، والدقيقة.

لان العادة في حياتنا السياسية علمتنا ان انفعالاتنا العاطفية والكاذبة حينا، تدفعنا الي مواقف تزيد الطين بلة، بدلا من القرأة المتأنية والخروج بنتائج واقعية تنير الدرب لهذا الشعب ولهذه الجماهير التى استغل جهلها وغفلتها ردحا من الزمن ومازال، موضوعنا يتعلق بنقل إعداد من أبناء التجرينية الي المنخفضات وتمليكهم الاراضي للعيش فيها، لكن الجديد وبخلاف ما حدث في الماضي، انه أضيف موضوع جديد وهو تسليحهم كا مليشيات للدفاع عن ماذا الله اعلم ؟

قبل الخوض في الموضوع... هناك حقائق لابد من التركيز عليها كا مبادئ لا يمكن الحيد منها.

اولا: من حق اي إرتري ومن اي جهة كان وأي مجموعة عرقية ينتمي، وأي دين يعتنق، ان يعيش في اي بقعة يختارها من الاراضي الارترية معززا مكرما، فاليس هناك حكر لجهة علي حساب جهة اخرى. لان الموضوع اختصاراً انها اي كل الأرضي الارترية مدفوعة الثمن بدماء أبناء الشعب الارتري كله دون استثناء، وان كان من معنى للحرية فهو هذا المبداء.

ثانيا: ان عملية التوطين وخلق ظروف حياة كريمة، والعيش بشرف علي الاراضي الارترية، هي الاولوية للذين هجروا من ارضهم ودفعوا ثمنا باهضاً في حياة اللجوء والتشرد، ويعتبر هولا المرتبة الثالثة بعد الشهداء وابنائهم وأسرهم، ثم الجرحى والمعاقين بفعل الحرب الوطنية، وهكذا دواليك في تحمل المسؤولية تجاه شعب ووطن. وإلا ماذا يعني الاستقلال والحريّة.

ثالثا: ان قضية اللاجئين وإهمالها علي مدى ربع قرن، جريمة لاتغتفر ولكن من سوء الطالع فبدلا من معالجة القضية، أضيف لهولا اللاجؤون أعداداً جديدة لتكتمل الصورة الأكثر غرابة في تاريخ الشعوب الساعية الى الحرية والخلاص لتقع فيما هو اسوء وكأنها وجدت كي تجدد بؤسها ولعنة الاستبداد تلاحقها.

رابعا: إجمالا لما جرى ويجري لا نجد للشعب الارتري حضورا في صناعة هذه المسائل، بفعل تناقضاته الاجتماعية بألوانها المختلفة، بل هي صناعة السلطة المستبدة وسياساتها الرعناء، لم يحدث بالمطلق ان ظهرت مجموعة عرقية معينة تسعى في الاستيلاء علي املاك الآخرين في التاريخ الارتري، باستثناء خلاف استحكم لفترة واختفى وهو،،، الزين عدقلي،،، والطروعة،،، وفي هذه الحالة أيضاً كانت السياسة وراء ذلك، وإلا لماذا اختفت هكذا فجاة.

اذا نحن امام صناعة تقوم بها الدولة لهدفين أساسيين، الاستغلال البشع في توظيف العامل الطائفي، كاجدار حماية، سيما والايام الماضية حملت لنا اخبار تازم العلاقات السودانية،،، الارترية،،، بتدخل قطري لتحريك القطاعات الاسلامية وتنظيماتها ضد النظام
الارتري. فتفتق عقل السلطة، في خلق هذه المسالة، علي حساب الغلابة والفقراء المسيحيين، والمحصلة خلق بوادر فتنة طائفية، لا يعلم مداها الا الله سبحانه وتعالى، وثانيا، إظهار السلطة كا حامية للإرث المسيحي، ولكن بغطاء العطف علي الفقراء ومصالحهم.

والنتيجة ان يدفع الشعب الارتري الثمن اسلاميا،،،، ومسيحيا. اي الشعب كله، اما السلطة فيكتب لها العمر المديد، وليذهب الشعب الارتري الي الجحيم، ان خلاصة المسالة هو النظر بعمق الا ننجر وراء سياسات بالية من انتاج السلطة، ونحمل طائفة كاملة عن ما يجرى،. بل سلاحنا ان ننطلق من ارضية وطنية مسؤولة، وان نكشف خداع السلطة للاخر وأننا جميعا ضحايا في نهاية المطاف، وان اشكالية حل مشكلة الفقر لا تتم بتمليك أراضي لخمسون او مئه او حتى الف شخص،،، وان الاراضي الزراعية في ارترياء تكفي سكانها وتفيض، وان توزيع السلاح هي دعوة للاخر بحمل السلاح، علي هذه القواعد الثلاث يجب ان يبنى الموقف الوطني الملتزم، وإلا فان سياسات النظام ليس في منح امتياز لفئة دون اخرى بقدر ماهو مقدمة لضياع وطن ومسح وجود شعب من الخارطة.

للحقيقة وللتاريخ نحن معشر المسلمون وتحديدا... نخبنا... نعاني من عاهة قاتلة في وعينا السياسي والرؤية الواقعية للامور. لسبب بسيط وواضح. فحين يتحفنا النظام باحدى نزواته السياسية. لا يحلوا لنا الامر في تاكيد حجتنا المضادة، الا بحالة اسقاط وقائع من التاريخ على هذا الحدث السياسي المستجد. وان الحالة ليست وليدة اللحظة تحمل كل تفاصيل المشهد السياسي الانىء... ونقع دون ان ندري في تضخيم دور النظام ومنهجية افعاله وفق استراتيجية واضحة مكتملة الشكل وبعيدة المدى. بينما واقع الامر هو عكس ذلك تماما.
او ان هولاء النخب والقوى السياسية لديهم قناعة لا يكتسب منطقهم وحجتهم الا بترديد غوغائي لا طروحات قديمة، وجب تجديدها كل ما سنحت فرصة لذلك.

هذا الوعى... وهذه القراءت الخاطئة، هى الطريق الذى يعبد لمشاكل قادمة. لازالت عند الكثيرون منا قضايا هزيلة، مثل: نحنن علامانان.. وهيمنة العنصر المسيحي في مرحلة معينة في تاريخ الشعبية، والتجنيد الاجباري ابان مرحلة الكفاح المسلح للعنصر النسائى من القرى الاسلامية. وووووووو على شاكلة هذه الحجج، وكلها في المحصلة تصب في مجرى واحد هو طائفية النظام والمشروع التنصيري حسب تعريف جهابذة... نخبنا السياسية... ومعهم بنفس المستوى هولائك من اصحاب النوايا الطيبة، ممن تم برمجتهم ضمن فهم معين وارتضو لانفسهم ان يعيشوا ضمن بيئة هذا الفهم، وكان العالم قد تسمر عند لحظة معينة وفهم معين. بينما مياه النهر تجرى تحت الجسر، على مدي ربع قرن منذ الاستقلال.

ولتقريب الصورة اسمحوا لي بسرد حكاية وقعت هنا في اليمن بخصوص النظام الارتري، كلنا يعلم عن الحرب في اليمن، ومدى مشاركة النظام، ولكن المحير في الوسط السياسي اليمني من نخب وسياسين هو لماذا لا يرسل النظام الارتري جيوشه للقتال شانه... شان السودان... وتشاد... والبلاك وتر... ومرتزقة من اصقاع العالم... الم يكن من الاحرى ان يضاعف دخله المادي طالما المسالة هي فلوس في فلوس... بل وصل الامر لدى دول الخليج من التجنيد المباشر من بعض الدول الافريقية واخرها يقال... اوغندا... المهم ما علينا... لماذا لم يرسل اسياس جيشه بصورة مباشرة ؟ وقد دعيت لندوة كان محورها هذا الموضوع، على اعتبار بانني مطلع قياسا للاخرين. وحين حان موعد الاجابة، قلت: بكل اختصار وفي كلمتين اثنين: لانه لا يمتلك جيشا ؟؟؟

وهذه هي الحقيقة، على اعتبار ان الجيوش تقوم على قواعد موؤسسية تحكمها عقيدة، وما تبقى يدخل في خانة الفنيات. ونتيجة لا نعدام المؤسسة... وغياب العقيدة، لا يمكن قيام جيش له الولاء للنظام وسياساته. والغريب ان راس النظام يدرك ذلك تماما.. واي مجازفة سوف تكون كارثية على النظام. وسوف ترتد عليه.

اما جيش التحرير والذى واجه اعتى قوى عسكرية في القارة الافريقية والى جانبه دولة كبرى قد استنزف تماما بفعل التصفيات السياسية، والتهميش، وخلق صراعات دونكشوتيه بين... التقادلاي والورساي، ثم جاءت الحرب مع اثيوبيا لتكمل ما تبقى، تبعها بعد ذلك موجات الهروب الكبير الى ارض الله الواسعة بعيدا عن هذا الجحيم، اذ تبين الاحصائيات ان نسبة الهروب من الشباب المحسوبين
على المؤسسة العسكرية قرابة الخمسة وسبعون في المئة من العدد الاجمالي. واختصارا يكفي زيارة معسكرات اللاجئيين في اثيوبيا لنرى الفضيحة المدوية، بعدد الشباب المنتسبين للمؤسسة العسكرية اذ ان اعدادهم تتجاوز الرقم الحقيقي لجيش النظام. اما قيادات هذا الجيش فهم اضحوكة زمانهم، اذ ان اصغرهم سننا قد تجاوز السبعون، اما عن حالتهم الصحية فحدث بلا حرج، جميع امراض
الدنيا مستقرة في اجسادهم... واكثرهم صحة وعافية يحمل الى جانب علامات الرتب والنياشين، نياشين السكري... وارتفاع ضغط الدم. الى جانب نثرات من ضعف النظر، والامساك المزمن، كلهم يتطابق وضعهم وشخصيات الروائى الكبير اللاتيني.. ماركيز.. ان مصيبتنا مصيبة.

نطام كهذا وبهذه الادوات الصدئة، كيف له ان يمتلك مشروعا سياسيا بحجم اعادة صياغة ديمغرافية هى بحاجة لجهد وامكانات ومستوى ثقافي، وتفوق علمي، وتزويرا في صياغة التاريخ والعقل.
العلة فينا والعقلية التى تحكمنا والتهويل وتضخيم الامور، اصبحت السمة الغالبة في مجمل ردود افعالنا... وهنا تضيع البوصلة... ونفقد الاتجاه.

بالنسبة للنظام ومهما فعل... ومهما اتخذ من اجراات، فهو لا يعدوا سعيا وجهدا في اعادة انتاج نفسه، وتجديد الظروف المناسبة لاستمراره، معتمدا على جهاز امني بميزانية خرافية، والة علامية شغلها الشاغل تلميع النظام ليلا ونهار. ولكن في تصوري ان كل هذه المسائل لم تعد تجدي نفعا، فقد تراكمت القضايا وتشابكت واخذت ابعادا لم تكن تخطر على البال، قياسا لحجم الثمن المدفوع لخلاص
هذا الشعب وتحرير ارضه. ان كان هذا وضع النظام، لابد وان يقابله في الجانب الاخر من يقف معترضا ومقاوما. وحتى لا نقسو على قوى المعارضة... اريد ان اوكد على حقيقة... اذا اقتصر دورنا جميعا ولا احصر الموضوع في التنظيمات السياسية بل كل معترض وطني يسعى للتغيير. في تعقب تصرفات النظام وثم الاعتراض برد فعل، فنحن سائرون في طريق خاطئ بامتياز، لان المسالة ببساطة شديدة تقوم على قاعدة الحفاظ على العيش المشترك في مجتمع منتوع، ولايجوز باي حال ان تبنى مواقفنا بالغة التعميم. وهنا الاشكالية في غياب المشروع الوطنى... والمعالجات القائمة على ردود الافعال.

خلاصة القول: لقد حان الوقت للخروج من هذه المتاهه... لا نظام عاقل يسترشد بالحقائق... ولا معارضة ناضجة تعي حجم المسؤولية الملقى عليها... وشعب ووطن في مهب العواصف... وعالم يتغير بسرعة جنونية... وفرقعات القوى الانتهازية من كل الاصناف تعربد... وتمرح... ولا قول لنا سوى... حسبنا الله ونعم الوكيل.

Top
X

Right Click

No Right Click