اتهام اسمرة للخرطوم اسباب وتداعيات

بقلم الأستاذ: أحمد نقاش - كاتب وناشط سياسي

فى تطور متسارع اتهمت اسمرة الجمعة الموافق 23 مارس 2018 كل من السودان ودولة قطر

بدعم التطرف الدينى فى ارتريا على لسان وزير اعلامها السيد (يمانى قبر مسقل) فى الوقت الذى وصفت الخارجية السودانية هذا التصريح الارترى بانها اتهامات ملفقة لا اساس لها من الصحة.

والجدير بالذكر منذ اعلان الرئيس البشير فى نهاية العام المنصرم حالة الطوارئ فى ولاية كسلا وإغلاق الحدود مع ارتريا تدهورت علاقة الخرطوم وأسمرة بشكل كبير. وظهرت على السطح شبه تحالف اقليمى فى المنطقة بين السودان واثيوبيا وقطر وتركيا من ناحية، ارتريا ومصر والامارات العربية من ناحية اخرى، كثرة التكهنات حول الاسباب الحقيقية التى فجرة الازمة بشكل مفاجئ ومعلوم قبل هذه الاحداث سعى السودان للبحث عن حلفاء جدود بعيدا عن التحالف العربى الذى تقوده المملكة العربية السعودية وجاء اعلان الرئيس البشير عن حاجة السودان للحماية فى موسكو ثم الذهاب الى تركيا ثم رد السيد رجب طيب اردوغان الرئيس التركى التحية بمثلها ووصل الى السودان فى زيارة وصفت بانها تاريخية واستراتيجية. ولم يجد المراقب السياسي وخاصة البعض منهم تفسيرا لمثل هذه الاحداث المتسارعة فى السودان على غير موعد الا ان هناك كانت مؤامرات تحاك ضد النظام فى الخرطوم اطرافها بعض الدول على راسها ارتريا وما يعزز هذا التحليل هو التغير الكبير الذى احدثه الرئيس البشير فى مراكز السلطة فى السودان وفى مؤسسات الحزب الحاكم.

فى بداية الازمة حاول نظام افورقى التقليل من شأن الازمة بينه وبين السودان وتحدث بشئ من التهكم على اجراء الخرطوم فى حدودها الشرقية رغم انه ابدا انزعاجه من التحالف الاثيوبى السودانى ضده. الا ان تطور الاحداث فى اثيوبيا واستقالة رئيس وزرائها بشكل مفاجئ خلط اوراق اللعبة من جديد، الخرطوم اعادة حساباتها تجاه مصر ورحبت القاهرة بذلك كانت زيارة البشير للقاهرة بماثبة وضع مسكنات فى جرح العلاقات ما بين البلدين. وسعت دول التحالف العربى بمحاولة تلطيف الاجواء مع الخرطوم بصرف النظر عن تواجد تركى فى سواكن البحر الاحمر. هكذا تركت ارتريا وحدها فى مواجهة السودان، هذا ماليس فى قدرة النظام الارترى فى الوقت الحالى كذلك استمرار اغلاق الحدود السودانية الارترية ليس من مصلحة ارتريا من الناحية الاقتصادية و نظرية اللا حرب واللا سلام التى يمارسها افورقى مع اثيوبيا لا تصلح ان تمارس مع السودان بشكل مفتوح، انما العكس هو الذى يراه اسياس مع السودان ام الحرب او السلام، ولا يستبعد ان افورقى يريد السلام الكاذب مع السودان اى السلام الذى لا يحق لسودان ان يتحدث عن الوضع فى ارتريا فى الوقت الذى يسمح لنفسه ان يتحدث عن الوضع فى السودان لذا قد يحاول التفاوض مع الخرطوم، الا ان هذا النظام معروف عنه لا يحب ان يتفاوض من موقف ضعف لذا يعمل الان فى لملمت قوى المعارضة السودانية فى اسمرا - وهذا شئ مؤكد وفق التقارير الواردة من داخل ارتريا الان - لخلق واقع جديد فى الحدود الشرقية او فى اقليم دارفور ومن ثم محاولة فرض ما يريده على السودان، من موقف قوة وفى هذا السياق يأتى اتهام افورقى عبر وزيراعلامه لدولة قطر والسودان بدعم الاسلامين فى ارتريا ام محاولة اقحام بعض الشخصيات الوطنية الارتريا من النشطاء فى مجال حقوق الانسان وحقوق الاسرى والمعتقلين امثال (الشيخ محمد جمعة ابو الرشيد) فى هكذا امور ما هو الا لزر الرماد فى العيون.

الان سوف يمضى افورقى فى ازعاج السودان حتى يستجيب لمطالبه كما تعود دائما من السودان وسوف يحاول ان يلعب بقوة بورقة المعارضة الدارفورية واخرى قوات الاسود الحرة وبالفعل لقد بدأ منذ يناير الماضى بفتح مجال عمل غير معلن للمعارضة السودانية فى ارتريا وبدأت كوادر هذه المعارضة تتجه الى اسمرا من كل عواصم العالم التى كانت تعيش فيها، وافورقى من النوع الذى يدعم بقوة اذا قرر ذلك وله خبرة طويلة فى هذا المجال. ام التمويل قد يأته سرا او جهرا من حلفائه فى المنطقة العربية او من خارجها.

السؤال الذى يطرح نفسه كيف سيكون استجابة الخرطوم لتحدى افورقى لها؟ هل ستكون استجابة كما يريدها افورقى ام عكس ما يريده هو؟ هذا ما سوف تجيب عليه الايام.

الا ان من مصلحة السودان وكل الدول المجاورة لارتريا وللشعب الارترى كذلك التخلص من هذا النظام الذى اهلك الحرث والنسل فى ارتريا واوجد عدم الاستقرار فى منطقة القرن الافريقى منذ وقت غير قصير. الا ان هذا التغيير يجب ان يكون بقوة وايادى ارتريا وطنية صادقة وبدعم اصدقاء الشعب الارترى وفى مقدمتهم السودان ودول الجوار الارترى. والشعب الارترى قادرعلى ان يحدث التغيير الديمقراطى الذى يريده اذا ما وجد الدعم الحقيقى ومنافذ الانطلاق، لان الثورة ناضجة فى الوسط الارترى فى الداخل والخارج وما حدث من تظاهرات شعبية فى وسط عاصمة ارتريا بقيادة الشهيد التسعنيى الشيخ (موسى محمد نور) ليست عنا ببعيد وعلى قوى المعارضة الارترية ان تتحمل مسؤلياتها الوطنية والتاريخية فى توظيف الاحداث لمصلحة قضية الشعب الارترى العادلة وتوحيد صفوفها فى برنامج حد الادنى وتأجيل تناقضاتها الثانوية من اجل اسقاط النظام الارترى وتحقيق الانتقال السلس للسلطة واقامة دولة القانون والدستور ومن ثم التنافس الحر وفق القانون والدستور. وانتصار الشعب الارترى فى استعادت حقه وتأسيس دولته الديمقراطية سيكون لمصحلة السلام والاستقرار فى المنطقة كلها.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click