تقوروبا الملحمة - الحلقة الأولى

بقلم الأستاذ: عبدالفتّاح ودّ الخليفة - المملكة المتحدة

بمناسة الذكرى الرابعة والخمسون لمعركة (تقوروبا) المجيدة، نحىّ قائدها الشهيد (أبورجيلة)

ورفاقه الأشاوس وشهداءها الأبطال، (تقوروبا) كانت معركة البداية ومعركة نهاية نظام الإمبراطور (هيلى سلاسى الأوّل) لأنّها كانت المعركة الفاصلة والتأريخية فى مسيرة جبهة التحرير الإرترية الأم ومجمل معركة التحرير الإرترية ومقاومة الإستعمار الإثيوبى المعتدى.

فإنّها أحد مفاخر وطننا التى تستدعى أن نعتزّ بها ونفخر بها فخرا وإعتزازا تتوارثه الأجيال.

الحدث: 15 مارس 1964

الموقع:
تقع قرية (تقوربا) فى أسفل القاش 25 كلم جنوب غرب مدينة (هيكوتة) والتى إنطلق منها الجيش الإثيوبى فى ذالك اليوم وشمالا من مدينة تسنى على نحو 20 كيلو مترا تقريبا.

أقرب المناطق المشهورة تساعد فى تحسّس موقع (تقوروبا) الجغرافى فى أسفل القاش وقوعها جنوب غربها هضبة (فورتو) والتى كان فيها مقرّ قيادة (جبهة التّحرير الإرتريّة) حتى عام 1982... وجنوب شرق منها يقع جبل (أدال) جبل الشّرارة الأولى للثورة.. كما تقع (تقوروربا) أيضا جنوبا من كلّ قرى (ساوى) ساوا إدريس دار و(ساوى عد عمر) وقرية (أب حاشيلا وأب حشيلا شكّور) والتى إلتقى فيها لأول مرّة القائد عواتى بالرّعيل الأول من (قوّة دفاع السودان) وعلى رأسهم (أبو رجيلة، وعمر إزاز، ومحمّد إدريس حاج).

قُبيل الحدث:
كان أبطال جيش التحرير فى بداية عام 1962 لا يتجاوز السّبعون رجلا يقودهم القائد البطل حامد إدريس عواتى، ولكن مع تواتر المعارك وقلة العدد والعتاد الحربى وبالخصوص الذخيرة، إجتمع القائد برفاقه وإبتدع إستراتيجية الإنتشار لأن أماكن تواجدهم كانت قد كشفت حوالى بركا والغاش، ولكثافة الحصار والمطاردات، قسم جنده إلى أربعة فصائل:-

الأولى: بقيادة القائد عواتى وتغطي منطقة القاش العليا.

والثانية: بقيادة عثمان محمد إدريس أبو شنب وتغطي منطقة القاش السفلى.

والثالثة: بقيادة محمد عمر عبدالله أبو طيارة وتغطي منطقة بركة.

والرابعة: بقيادة محمد إدريس حاج تغطى منطقة (عنسبا والساحل) وكان الشهيد (أبو رجيلة) ضمن تلك المجموعة المباركة ومعه القائد (عمر حامد إزاز) وكانت مهمتهم الأولى قطع خطوط الاتصال التلفوني وأوكلت المهمة لمجموعة يقودها الشهيد القائد (محمد على إدريس - أبو رجيلة) هكذا تفرّق الأبطال كلّ فصيل إلى وجهته ليلتقوا مع بداية الخريف فى نفس مواقع البداية، وإتجه القائد (محمد إدريس حاج) ومعه القائد (عمر إزاز) إلى منطقة (عنسبا) وحوالى منطقة ( جنقرين)، ليشتبكوا مع قوات الشرطة إنتصرو وسلبوا الكثير من السلاح والذخائر وفى تلك الأثناء إستشهد نائب القائد (عواتى) البطل محمد إدريس حاج فى إحدى أشرس المعارك، وجاء المدد والإسعاف من كرن للقوات الإثيوبية فهرع القائد (أبو رجيلة) بفصيله للمساعدة، وشارك فى المعارك وعندما إشتدّ عليهم الحصار والمطاردة ومرض القائد (عمر إزاز) وهنا أصبح القائد الوحيد والأوحد للقوات القائد (محمد على إدريس - أبو رجيلة) وقرر الإنسحاب التدريجى عبر (مدر عد تكليس والماريا) وبركا عائدا للدجن منطقة (ساوى) وعندما نزل على قرية (تقوروبا) أخبره المواطنون الساهرون على الثورة، بأنّ إثيوبيا تطاردهم وأنهم محاصرون ولم يكن للقائد وجنوده يومها ملاذا أو مفرّا بل المواجهة والإستشهاد فكانت المعركة الفاصلة فى تأريخ الثورة الإرترية؟؟؟

وقائع المعركة:

كانت الثورة قد مرّ على إعلانها عامين وثمانية أشهر وأربعة عشر يوما بالضّبط، وكانت تعمل على توسيع قاعدتها عسكريّا ومدنيّا،و عدد المدرّبين والكفوئين عسكريا قليلين جدّا، وعدد الجيش كلّه 70 رجلا مسلّحون بأسلحة قديمة، أو أسلحة بيضاء مثل السّيوف، وسيخ لتسليك الأسلحة القديمة، لم يكن حينها من القادة أحد فقد إستشهد (عواتى) وإستشهد نائبه (محمد إدريس حاج) وكان أبو (طيّارة) وأبو شنب خارج الميدان، فكان (أبو رجيلة) هو الّذى كان يقود ما تيقى من المقاتلين بعد معركة جنقرين، وكان مطاردا من (قوّات الفلد فورس) و الضّغط كان كبيرا.. فإنسحب من (جنقرين) عبر (هبرو) إلى جبال منطقة الماريا ومنها إلى (حروم) ثمّ هبط إلى (ساوى) ولكنه أثناء التجوال فى المنطقة وجد أخيه (عثمان محمد إدريس - أبو شنب) قد عاد من مهمة فلحق به وشارك فى المعركة بما تبقّى من فصيله، زحف جنود الفرقة الثانية الإثيوبية (الطّور نحو (تقوروبا) دون أن يلحظهم الحرس، فلم يكن مفرّ من المواجهة لأنّ الإنسحاب كان صعبا وكان سوف يكون مكلّفا.. وقرّر القائد مواجهة الجيش الإثيوبى وعلى الفور أخلى القرية من السكان.

وقسم المناضلين إلى ثلاث مجاميع:-

1. جناح أيمن بقيادة المناضل (سعيد نور).

2. وجناح أيسر بقيادة الشهيد إدريس محمد على نائب الفصيلة.

3. ومجموعة القلب بقيادة (أبو رجيلة) وكبوب حجاج ورامى ال (برين) المناضل (محمد آدم شنكحاى) ثبّته على جزع سجرة (تبلدى) وحصدهم به حصدا... ومهمة (كبوب حجّاج) أصبحت إسكات البرين لأنه كان بارعا فى التنشين، فأسكته سريعا وكان يقنص كلّ من يقترب من البرين، ويا لها من مهمة، أسهمت فى الإنتصار، بدأت المعركة مع شروق شمس الصّباح حتى غروبها،نفذت الذّخيرة وأصبح الموقف حرجا، فأصدر القائد أمره بالإنسحاب المنظّم.. ولم يجد طريقا إلاّ نحو الغرب من الجبل فكانت منطقة مكشوفة، وأصبح المقاتلون تحت رحمة نيران الأمحرا وأثناء ذالك الإنسحاب المستحيل سقط كلّ شهداء معركة (تقوروبا) الـ 18 وجرح عدد قليل قام الإثيوبيون كالعادة بالعبث والتمثيل بجثث الشهّداء وعلّقت فى الميادين العامّة حتّى تعفّنت وتمزّقت، حسبى الله ونعم الوكيل على الظّالمين.

تابعونا في الحلقة القادمة... عن أهمية معركة تقوربا في مسيرة الثورة الارترية

Top
X

Right Click

No Right Click