أرتريا والسودان ما الذي يجري على الحدود ؟

بقلم الأستاذ: أبوبكر حامد كهال - كاتب وصحفي أرتري المصدر: سودانيزاونلاين

الأوضاع على الحدود الأرترية السودانية ليست على ما يرام، هذه حقيقة لا تعوزها البراهين. وأيضا الأوضاع العسكرية على حدود

أرتريا واثيوبيا ليست بأحسن حال. فهناك على الدوام حشود عسكرية تقابل بعضها البعض منذ سنوات، والمدافع التي تصمت لمدد متفاوتة تعود ليسمع دويها في آماد أُخر. وبالطبع أسباب التأزيم كثيرة ولكن السبب الأهم الذي يعكنن حياة الشعبين ويعمل على تأزيم العلاقات ويجعلها في أسواء مراتبها هو إحتلال أثيوبيا لأجزاء من التراب الأرتري، وهي مستمرة في هذا حتى بعد حكم المحكمة الخاصة في لاهاي وإصدار حكمها النهائي والملزم في 3 إبريل 2002م، والذي قالت فيه بتبعية بلدة "بادمي" الحدودية المتنازع عليها لأرتريا.

غير أن السلطات الأثيوبية سواء في عهد الراحل ملس زينازي، تلميذ جبهة تحرير أرتريا في أبجديات الكفاح والنضال والسياسة وهلم جرا.. أو حكومة دسالين الحالية فكلتاهما أعطتا المسألة أٌذن من طين وأخرى من عجين. وذلك في تحدى واضح للقوانين والأعراف. و لمنطوق حكم محكمة لاهاي، وللمجتمع الدولي المتمثل في الأمم المتحدة ومجلس أمنها، والدولة والمنظمات الضامنة والتى رعت إتفاقية الجزائر للسلام التي أنهت الحرب بين البلدين عام 2000م.

وبالعودة لأوضاع الحدود الأرترية السودانية، فهي تمضي نحو التأزيم بشكل متسارع عقب نشر السودان مطلع العام لآلاف الجنود بدباباتهم ومجنزراتهم وعرباتهم المسلحة تسليحا ثقيلاً على طول الحدود مع أرتريا. وقيل في بداية التموضعات بأن هذا الإنتشار للجيش وللوحدات المعروفة باسم قوات "الدعم السريع" هو لمحاربة ظاهرة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر والتهريب وجمع السلاح !
أما أرتريا وكمألوف عاداتها في مثل هذه الحالات التزمت بداية الصمت التام، ولم تتكلم لا على مستوى السلطات الرسمية ولا على الميديا. ويبدو انها ألتزم بما درجت عليها من تقاليد اكتسبتها زمن النضال من أجل الاستقلال وهو الصمت وإعلاء شأن العمل.
ففي هذه المرة أيضاً اختارت الصمت، حتى ان كان من يرابط على حدوده هي قوات الدعم السريع التي نقلت على عجل من مناطق عملياتها في الغرب السوداني، إلى الحدود الشرقية المحاذية لأرتريا.

ولم تٌكسر حالة الصمت هذه إلا بظهور الرئيس الأرتري مساء الأحد الرابع عشر من يناير الحالي لينفي بداية دعاوى احتضان بلاده لقوات مصرية مرجعا حالة التصعيد الحاصل بأنه من تدبير أطراف سودانية تنسق مع حكومة مجموعة التقراي الحاكمة في أثيوبيا غرضه تأزيم علاقة بلاده مع السودان.

إذن، وبدفع السودان بالمزيد من التعزيزات إلى مناطق الحدود، آخرها كان يوم السبت 13 يناير وارتفاع حماوة لهجة المسؤولين الرسميين السودانيين وبأحاديثهم الإتهامية تجاه أرتريا وعن وجود خطر يتهدد السودان مصدره أرتريا، بهذا تكون النوايا المبيتة قد تكشفت وهي تقود مباشرة إلى وجود عملية منسقة سودانية أثيوبية لغزو أرتريا من جبهتين؛ جبهة الحدود الأثيوبية، وجبهة الحدود السودانية.

و إذا نظرنا إلى المسارات التي كانت عليها منطقة القرن الأفريقي قبل انتشار الدعم السريع وإغلاق الحدود بين البلدين وفرض حالة الطوارئ على مدينة كسلا في الشرق السوداني، المتاخمة للحدود الأرترية. فإن نشر وانتشار إشاعة وصول قوات مصرية إلي قاعدة أرترية ليست بعيدة عن الحدود السودانية من قبل قنوات إعلامية مطعون في صحتها، لافتقادها الموضوعية، كان يبدو إنه السبب الرئيس لهذا الانتشار غير المسبوق لوحدات الدعم السريع، و أنه من المعلوم للقاصي والداني ان أرتريا ترزح تحت طائلة عقوبات دولية، منها الحظر على السلاح المفروض عليها من قبل مجلس الأمن منذ 2009 ولا اعتقد ان مصر أو غيرها سيجازف بالدخول في خلافات مع المجتمع الدولي، وهذا ما غفلت عنه وسائل الإعلام التي شربت الإشاعة وسوقت لها..

ويبدو ان هذه الإشاعة خدعت السودان أيضاً وجعلته يحرك دعمه "السريع" نحو الحدود لمواجهة قوات مصرية صنع تواجدها "الأوهام".

هناك أيضا عامل آخر ساهم "بتسويط" هدوء المنطقة وهي زيارة أردوغان ووضع يده على سواكن، الامر الذي استدرج الجدالات وبذر الشكوك في حقول المنطقة بأسرها، وتعلم هذه الدول وعلى رأسها أرتريا ما صنعه أردوغان بسوريا وتغذيته للإرهاب هناك، وهو لن يترك عاداته إذا ما تعلق الأمر بإشباع شراهته وأطماعه في ثروات الشعوب العربية والإسلامية خاصة مع تضاؤل آماله الإلتحاق بركب الإتحاد الأوروبي.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click