المناضل المخضرم: حُمد محمد سعيد كُلُ

بقلم الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبدالله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ

قبل اكثر من 17 عاما تم تعين المناضل والدبلوماسي السفير حُمد محمد سعيد كُلُ قائما بإعمال السفارة الارترية بدمشق بعد الرفض

الضمني للحكومة السورية وسكوتها عن قبول تعين السفير عبدالله ادم ثم ايضا رفضهم قبول اللواء رمضان اولياي ليكون سفيرا في دمشق بمختلف الحجج ولذلك تم تعين المناضل حمد كلو باعتباره الاقرب لفهم السوريين.

وعندما وصل السفير المناضل حمد كلو بدأت المياه الراكضة بين الدولتين تتحرك بجهوده مستثمرا علاقاته القديمة مع كبار رجلات الحزب والدولة.

ايضا وجود المناضل كلو شجع الكثيرين علي التعامل مع السفارة والحضور الي مقر الجالية الارترية التي كانت في مراحل التاسيس.

السفير المناضل حمد كلو سياسي مخضرم اكتسب خبرة كبيرة منذ التحاقه بصفوف جبهة التحرير الارترية وهو في ريعان شبابه، كانت لي معه علاقة طيبة توطدت اثناء فترة عمله في سوريا، حيث كنت التقيه باستمرار ونتجول معا في مقاهي دمشق العريقة واذكر في احدي المرات ونحن نحتسي الشاي مر من امام مقهي الهافانا الذي كنا نجلس به رجلا نحيل ومتوسط القامة يضع فوق راسه قبعة ويلف عنقه بمعطف سميك، نهض حمد كلو من مكانه وتوجه نحو الباب وخرج خارج مقهي الهافانا وبدا ينادي علي الشخص الذي عبر من امام ثم اصطحبه معه الي داخل المقهي.

جلس معنا الرجل وبدأ يحكي لنا عن تجربته مع الثورة الارترية وعلاته مع المناضل حمد كلو، وكان الرجل الذي جلس معنا هو الشاعر العراقي، الكبير مظفر النواب الذي دخل الي الميدان في نهاية السبعينيات من القرن تحت حماية جبهة التحرير الارترية عندما كان مطلوبا ومطاردا من الكثير من الانظمة العربية نتيجة لكتابته قصيدة (القدس عروس عربتكم) الشهيرة وتم استضافته في الخرطوم من قبل الجبهة وكان مشرفا علي اوضاعه حينها المناضل حمد كلو الذي كان يشغل مسؤول مكتب الجبهة بالسودان.

ثم خلال فترة وجوده في اسمرا كنت التقيه باستمرار وكان يدور بيننا حوارات ونقاشات واخيرا اجريت معه حوارا مطولا حكي فيه عن جزء بسيط عن تجربته في الثورة الارترية في صفوف جبهة التحرير الارترية ونشرت الحوار في سبعة اجزاء في صحيفة ارترية الحديثة.

واثناء الحوار الذي كان بيننا في محل اقامته في فندق نيالا باسمرا وخلال فترة تناول الشاي كان يقول لي لا يمكن ان نقول كل شئ في هذه الفترة الحرجة من عمر الدولة الارترية التي تتراجع كافة مناحي الحياة فيها الي الخلف اعوام واعوام وذكر لي بانه كان ياتي الي اسمرا في منتصف الستينيات من القرن الماضي حاملا المنشورات لتوزيعها في اسمرا.

ومازلت اتذكر كلمات اخر لقاء بيننا في مقهي مودرن باسمرا وكان قادما من مقر وزارة الخارجية لتقديم طلب للسماح له بالسفر لمصر لاجراء فحوصات سنوية.

جلسنا في المقهي وكان معنا شخص ثالث وبدأنا ندردش ونتونس وفجأة قال لنا هل يعقل الشعب الارتري الذي ناضل ثلاثون عاما ونال استقلاله ينتظر قدوم الدبابات الاثيوبية لتنقذه وتحرره من ظلم هذه الحكومة ؟ في تلك الفترة كانت اثيوبيا تهدد بانها ستجتاح ارتريا وما زالت تهدد حتي يومنا هذا !

حينها علمت بأن المناضل السفير حمد كلو سيغادر البلد وحتما سوف لن يعود في ظل وجود هذه الحكومة الحالية وحصل ما توقعت وفقدنا في شوارع مناضلا جسورا كان يعبر باسلوبه الساخر عن تردي الاوضاع في بلادنا.

التحية للمناضل السفير والاخ والصديق حمد كلو اينما كان وهذا تجليات الصورة التي وجدت في الذاكرة وانشرها اليوم.

والتقطت الصورة في عام 2001 في دمشق في داخل مكتبه بالسفارة الارترية بحي المزه العريق والفاخر.

التحية للمناضل حمد وكل المناضليين الشرفاء الذين ناضلوا من اجل نيل حق الشعب الارتري ومناهضة المستعمر ومازال النضال مستمر حتي بناء دولة العدالة والمساواة والمواطنة الحقيقية.

Top
X

Right Click

No Right Click