دولة إرتريا تحت نظام الهقدف يهرب شبابها ويقبع في السجون شيوخها

إعداد: مكتب الإعلام حزب النهضة الإرتري

إن بلادنا وهي من الدول الأحدث ميلادا في إفريقيا والتي جاءت عبر نضالات مريرة

حمل ثقل عبئها الشعب الارتري وبذل كل غالي من اجل إيجاد هذا الكيان وكانت الفرحة الكبرى في عام 1991م عندما اندحر الاستعمار الإثيوبي مهزوما وتوج وعبر الاستفتاء بإعلان الاستقلال في عام 1993م إيذانا ببدء مرحلة يسترد فيها الشعب الارتري أنفاسه ويدخل معترك الحياة المدنية لحاقا بركب التقدم وترسيخ الدولة الوليدة من خلال بناء نظامها السياسي والبنية التحتية حتى يتمكن شباب ارتريا من التنافس في الارتقاء بمقدرتهم وبناء كفاءاتهم العلمية والمهنية لكي يسهموا بحظ وافر في إعادة الحياة لوطن دمرته سنوات الحرب، وكان من المتوقع أن ينال كبار السن كل عناية وتقدير واحترام لأنهم افنوا زهرة شبابهم في الكفاح من اجل الاستقلال وتحملوا المشاق بكل أنواعها في عهود المستعمرين.

ونحن إذ نعيش هذه الأيام على يوميات ثورة اخريا المباركة نجد أن الذين فجروها وعلى رأسهم الشيخ موسى والذي يبلغ من العمر فوق التسعين هم الشيوخ الذين وجدوا أنفسهم وحيدين دون وجود من يقوم على رعايتهم من أبنائهم وبناتهم حيث هؤلاء الشباب والفتيات هجروا الوطن هربا من جحيم النظام الذي حرمهم من ابسط حقوقهم التي تتمثل في الحصول على التعليم الجامعي والوظيفة التي تكفل لهم حياة كريمة، بل وعلى النقيض من ذلك جعل منهم سخرة يستغل طاقاتهم في خدمة شركاته وجنرالاته الذين استباحوا كل شيء في الوطن وجعلوا منه مرتعا لإشباع نهمهم وممارسة ألاعيبهم وليس هناك ما يردعهم من ضمير وحس وطني أو قانون فهم الخصم والحكم.

هؤلاء الشيوخ ومعهم أطفال المدارس الذين رفعوا شعلة ثورة اخريا هم الذين جهروا بصوت الحق أمام هذا السلطان الجائر وقالوا نرفض الظلم ونقف ضد البطش والهيمنة نريد أن يدرس أطفالنا في مدارسهم الخاصة تعاليم دينهم ونريد أن ينشأ أطفالنا على العفة والأخلاق الحميدة التي ترسخها تعاليم الدين السمحة، لكن السلطان الجائر أراد حرمانهم من كل هذا.

والنظام يأخذ الشباب إلى المعسكرات في أي وقت شاء ويصادر من البيوت وأملاك المواطنين تحت أية ذريعة، ويسجن من يشاء ويخطف من يشاء في هدأة الليل والظلام وفي وضح النهار دون تهم ومحاكمة، فهذه الممارسات ظلت لسنوات يبلعها شعبنا على مضض ولكن هذه المرة السلطان الجائر أراد أن يحسس شعبنا الارتري بأنه يمتلك كل شيء في الوطن فهو الذي يحدد لهم ما يريدون من اعتقاد وإيمان والشكل والمظهر الذي يكونون عليه في مساجدهم وكنائسهم حتى في داخل أسرهم، فكانت المواجهة الصارخة والتصدي بصدور عارية والقول بصوت جهور كفاك فقد أمعنت في التجاوز.

إن النظام ومنذ استلامه زمام الأمور في الوطن الجريح سعى ومنذ البداية على إغلاق الجامعة الوحيدة في البلاد وطلب من أساتذتها أن يبحثوا عن عمل لهم في أي مكان مبينا عدائه للتعليم والمتعلمين وتدخل في شئون الدين وبسبب ذلك سجن العديد من معلمي الدين الإسلامي ويأتي سجن الأب انطنيوس في هذا السياق واستصدر قرار التجنيد الإجباري الإلزامي وسرح من كانوا في جيش التحرير دون أن يعير اهتماما لسؤال كيف سيعيش هؤلاء المسرحين بقية حياتهم، واستصدر قانون اكمال الدراسة الثانوية في ساوى، ومن خلال هذه النماذج يتضح أن كل القوانين التي سنها النظام تمضي في مزيد من التضييق على معايش الناس جعلتهم يحسون بأنهم يدخلون عهدا لم يكن مختلفا عن عهود المستعمرين فالمواطنون لا يذكرون وخلال ستة وعشرون عاما من عمر النظام أن هناك قانونا سنه قد خفف عليهم الأعباء ويسر لهم سبل المعيشة.

فالنظام الذي يقوم على أمره شخص واحد وهو الديكتاتور أسياس قد لعب بمصير هذا الوطن الذي ولد بعد مخاض عسير فلم يسمح للدستور أن يطبق ولا للشعب أن يختار نوابه ولا أن يعبروا عن رأيهم ولم يسمح لقيام الإعلام المستقل مما يبين بجلاء إنه يسعى لتكريس العبودية بكل المقاييس إذ ليست هناك حتى هامش من الحريات كما تفعل بعضا من الأنظمة الديكتاتورية بغية أن يتنفس الشعب عبرها ببعض من آرائهم وانطباعاتهم وانتقاداتهم.

ففي كل المواثيق الدولية نجد إنها تسعى إلى حماية الأطفال وكبار السن باعتبارهم الأضعف شريحة في أي مجتمع وهذه المنظمات تحث كل دول العالم أن تسن القوانين التي تجنب هذه الشريحة من السطو عليها أو الإجحاف في حقها بحيث تكفل هذه القوانين الاحترام والتقدير والمكانة اللائقة بهم في مجتمعهم ويعيشون في كنف الكرامة والأمن دون خضوع لأي استغلال أو سوء معاملة جسديا أو ذهنيا، ولكن هذا النظام نجده يزج في السجن الأطفال القصر والمسنين دون مراعاة لتقاليد وأعراف الشعب ولا للمواثيق الدولية في هذا الخصوص.
والأطفال هم شباب ورجال المستقبل فالاعتناء بهم والحرص على تنشيتهم التنشئة الصالحة بحيث يكونون مواطنين صالحين في وطنهم يدافعون عن هذا الوطن ويذودون عن حماه ويتقدمون بالوطن في كل جوانب الحياة نجده في مقدمة اهتمامات الدول في العصر الحديث وهذا الاهتمام يعني تخطيط لمستقبل وطن قوي مشرق يحقق لأهله كل تطلعاتهم.

وكبار السن والاهتمام بهم يعني عرفانا بما قدموه للوطن ولشعبهم من خدمات جليلة تستحق الإشادة ومقابلتها بالمعروف يعني رد لبعض من جمايلهم فما بالكم في وطننا حيث هؤلاء الكبار هم الذين تحملوا الأعباء ودفعوا الثمن من اجل ما نحن عليه اليوم من استقلال فهؤلاء كان من المفترض أن تكون مكانتهم فوق كل شيء يحظون بمزيد من الاحترام لشخصهم وتقديرا لمكانتهم وتلبية مطالبهم والأخذ بمشورتهم ونصحهم فهم حكماؤنا.

فما قام به النظام من سجن للشيخ موسى وهو كبير في السن وترويع للأطفال الصغار هو ممعن في التجني ومجافي لكل القيم والموروثات في مجتمعنا وينافي ما جاء في الأعراف والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان من حماية لكبار السن والأطفال ففي حالتنا اليوم يمكننا القول بان النظام الذي لا يحترم كبارنا ولا يقدرهم ولا يهتم بأطفالنا بل ويدخل عليهم الرعب والهلع ولا يجعلهم ينامون قرير العين ويدخل الذعر والخوف على الأمهات اللاتي لا يأمن على حياة أطفالهن.

إن نظام كهذا ينبغي أن نعمل في التقصير من عمر بقائه ولنزيد من مدى مقاومتنا ونصعد في تعرية النظام خاصة في المجال الحقوقي الذي ظل ولسنوات يدوسه بحذائه حيث يسخر من كل القوانين الدولية، فنحن الارتريين ومقدرتنا اليوم أكثر من أي وقت مضى في التصدي له ومقاومته بالداخل والخارج حيث الإجماع الشعبي على كراهية النظام، ومع تضاءل مقدرة النظام الاقتصادية والأمنية، حيث فقد السيطرة على كل شيء وانكشفت مكامن ضعفه ولم يبق من قوته إلا القليل فقد أكدت ذلك ثورة 31 أكتوبر فلنمضي مسرعين في اجتثاث ما تبقي منها حتى يستسلم لإرادة الشعب التي لا تقهر.

Top
X

Right Click

No Right Click