إيجاز صحفي للحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري

إعداد: المكتب التنفيذي للحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري

الإخوة والأخوات في قوى الثورة والمعارضة الإرترية.
أيها المناضلون والمناضلات.

بادئ ذي بدء، إننا في الحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري ظللنا، وسنظل، متمسكين بالمضي قدما في نهجنا السياسي الذي يؤسس للعمل المشترك والتفاعل الإيجابي والتنسيق بين مختلف القوى السياسية والمدنية للمعارضة الإرترية، ظللنا وسنظل أيضا، نحجم عن التطرق إلى قضايا خلافية داخل معسكر المعارضة الإرترية، لقناعتنا الراسخة بأن الخلافات البينية بين قوى المعارضة الإرترية يجب أن توضع في سياقها الطبيعي بطرحها فوق منضدة الحلول عبر الحوار الهادئ والشفاف وضمن إطار الغرف المغلقة، لأن الخروج بهذه الخلافات إلى الفضاء السياسي المفتوح ينطوي على أضرار كبيرة ويؤثر سلبا على الروح المعنوية للقاعدة الجماهيرية المناضلة ضد النظام القمعي بشكل عام، وذلك بصرف النظر عن طبيعة هذه الخلافات سطحية كانت أم متجذرة.

غير أن ما ورد في الندوة التي استضافتها صفحة 'الفدرالية - الواقع والمأمول' عبر خدمة الفيسبوك مباشر بتأريخ العاشر من أكتوبر الجاري، والتي قدمها الأستاذ صالح صباح رئيس المكتب التنفيذي للحركة الفدرالية الديمقراطية الإرترية، هو ما أجبرنا اليوم لتوضيح بعض النقاط التي تناولها المتحدث في الندوة المذكورة.

ومن عمق احترامنا وتقديرينا لشخص رئيس الحركة الأستاذ صالح صباح ولقيادة الحركة بشكل عام ترددنا كثيرا في كتابة المنشور التوضيحي أدناه.

إلا أن ما دفعنا إلى إصدار هذا التوضيح الصحفي، في الواقع، هو أن الأستاذ صالح صباح تناول بعض النقاط التي وجدنا فيها ما يستدعي، بل يستوجب التوضيح، ومن حق كل من تابع تلك الندوة لا سيما أولئك الشباب الذين تجشموا عناء السهر لمتابعة تلك الندوة موضوع الحديث، من حقهم الإطلاع على الجزء المبتور من الرواية التي عرضها عليهم الأستاذ صالح صباح.

والنقطة المحورية التي نود التوضيح بشأنها هي تلك المتعلقة بتأسيس الحزب الفيدرالي الديمقراطي الإرتري، وهي مسألة جوهرية تتعامل مع فرضية "هل الحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري هو حزب أصيل له قضية يناضل من أجلها ؟، أم حزب مزيف تقف وراءه جهات أخرى" علما بأن الأستاذ صالح صباح أسبغ عليه صفة "الحزب الوهمي" ولتبرير هذه الصفة اتهم رابطة المنخفضات الإرترية بتأسيس هذا الحزب "الوهمي" نكاية بالحركة الفدرالية.

وحتى نقف على حقيقة هذه التهمة لا بد من التعريج أولا على مصدر هذا النوع من السلوك والنهج السياسي الذي ظلت تستخدمه قيادة الحركة الفدرالية.

فمثلا، إذا كنت لا ترغب بمواجهة حقيقة ما، أو قضية ما، سواءا بدافع الاستخفاف بها، أو بدافع الخوف من تفاعلاتها والاسئلة التي يمكن أن تنشأ عن إثارتها، فما عليك إلا اللجوء إلى تجريدها ونزع الأهلية والرشد و الأصالة عنها وعمن يقف وراءها، وبالنتيجة إنكار وجودها.

ودون وجود أي وجه للمقارنة، ولمجرد الإستدلال، نجد أن النظام القمعي في إرتريا متمرس جدا في هذا السلوك السياسي، فبدلا من الحديث عن ممارساته البربرية وطغيانه السياسي الذي أدى إلى وجود المعارضة الإرترية خارج الأرض الإرترية نجده يتهم إثيوبيا بخلق هذه المعارضة كما اتهم السودان في مراحل سابقة بذات التهمة (وهي تهمة متنقلة حيثما حلت قوى المعارضة وارتحلت)، كما نجد أن النظام القمعي في إرتريا لم يتورع حتى عن اتهام الشباب الهارب من جحيم نظامه بأنهم مدفوعون من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه)، فالمعارضة الإرترية، بهذا المنطق، ليس وراءها أي قضية أو مظالم سياسية وإنما هي من صنع السودان أو من صنع إثيوبيا والشباب الهارب ليس مدفوعا بالخوف من القمع والتنكيل والسخرة وإنما هم عبارة عن عملاء تحرضهم وكالة السي آي إيه لمغادرة البلاد، بينما يعرف القاصي والداني بأن هذا السلوك السياسي الذي استمرأه النظام القمعي في إرتريا لا يعدوا كونه قفز على الحقائق ومكابرة لا يمكن أن تصمد أمام الحقائق الماثلة، بذات المنطق، منطق الإنكار، وبذات الأدوات البائسة، للأسف الشديد، نجد أن رئيس الحركة الفدرالية يقوم بتجريد الحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري من الأهلية والرشد و الأصالة السياسية ويختصره في "ذراع وهمي" من أذرع رابطة المنخفضات الإرترية، وهو ما يتنافى تماما مع واقع الحال، وهذا السلوك أو النهج السياسي هو بالتأكيد نوع من أنواع بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاس.

وبالعودة إلى الحيثيات على الأرض نجد أن وجود الحزب الفيدرالي (بوصفه تنظيم سياسي معارض) سبق ظهور رابطة المنخفضات الإرترية، فلو أننا اعتمدنا الحيثيات كما كانت على الأرض دون تحوير نجد أن الحزب الفدرالي ما هو إلا تطور طبيعي للحركة الفدرالية الديمقراطية الإرترية وهو في الواقع طور من أطوارها دون شك، حيث برز إلى السطح خلاف حاد داخل قيادة الحركة الفدرالية في نهاية العام 2013م (قبل تأسيس رابطة المنخفضات بنصف عام تقريبا)، وقد حدث هذا الخلاف لأسباب يمكن سرد تفاصيلها إذا دعت الضرورة لذلك، علما بأن القيادات الميدانية في الحركة الفدرالية حينذاك، بما في ذلك رئيس المكتب العسكري ونائبه، ومستشار رئيس الحركة للشؤون الأمنية والعسكرية، ورئيس مكتب الشباب، ونائب رئيس المجلس التشريعي (المجلس الفدرالي) وعدد مقدر من أعضاء المجلس التشريعي، وجنود الحركة تحت السلاح في إثيوبيا، بالإضافة إلى جماهير الحركة في السودان ودول الخليج العربي وبريطانيا، كل هؤلاء كانوا حضورا في قلب الحدث آنذاك وهم جميعا موجودون داخل أجهزة الحزب الفدرالي اليوم ويمكنهم الإدلاء بشهاداتهم حول التطورات المؤسفة التي حدثت داخل الحركة في تلك الفترة وحول مسبباتها الحقيقية ونتائجها وما آلت إليه الأوضاع كنتيجة طبيعية لتراكمات تلك المرحلة، وهي تفاصيل نجد أنفسنا راغبين عن العودة إليها مالم يكن ذلك ضروريا لدفع ضرر أو جلب منفعة. إذا، فحديث الأستاذ صالح صباح الذي صرح فيه بأن الحزب الفدرالي تقف وراءه رابطة المنخفضات ما هو هروب من مواجهة حقيقة الأوضاع داخل جسم الحركة الفدرالية.

الواقع أننا في الحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري ظللنا نتحاشى الخوض في هذه القضايا لعلمنا بأنها لن تضيف شيئا إلى رصيد العمل المعارض وأنها لن تصب إلا في مصلحة عدونا الرئيسي وهو النظام القمعي المتسلط.

ويجدر بنا أن نذكر في هذه السانحة بأن الحركة الفدرالية الديمقراطية الإرترية عقدت مؤتمرا استثنائيا في شهر ديسمبر 2014م وذلك لتفادي آثار الخلاف آنف الذكر حيث انتخب المؤتمر الاستثنائي (المؤتمر الطارئ) قيادة تنفيذية وتشريعية وهذه القيادة هي التي تصدت لأصعب وأعقد المراحل في تأريخ الحركة وتمكنت من قيادة التنظيم إلى عقد مؤتمره الرابع في شهر مايو 2017م وهو المؤتمر الذي خرج منه المؤتمرون بقرار شجاع بتحويل الحركة الفدرالية إلى حزب سياسي مناضل تحت إسم (الحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري) وهو خيار المؤتمرين وقرارهم المستقل دون تدخل أو حتى مشورة من أي جهة أخرى.

أما مسألة وجود رئيس المكتب التنفيذي للحزب في تشكيلة المكتب التنفيذي لرابطة المنخفضات فإننا نؤمن بأن عضوية أي فرد من أفراد الحزب في أي منظمة مدنية لا تكون سببا في منعه أو حرمانه من القيام بعمله داخل أجهزة الحزب، والأستاذ صالح صباح صرح خلال الندوة المذكورة بأنه (هو شخصيا) عضو في العديد من المنظمات المدنية إضافة إلى كونه عضو في حزب سياسي آخر مقره السويد، فبأي منطق يحرم الأستاذ صباح على الحزب الفدرالي ما يحله لنفسه ؟

ومهما يكن من أمر، فإننا نؤكد بأن رئيس المكتب التنفيذي للحزب الفدرالي قدم استقالته من عضوية المكتب التنفيذي للرابطة مباشرة بعد انتهاء مؤتمر الحزب الفدرالي وقد تم قبول الإستقالة من رئاسة المكتب التنفيذي للرابطة.

وحتى نضع الأمور في سياقها الصحيح فإن علاقة الحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري برابطة أبناء المنخفضات الإرترية هي علاقات متميزة وراسخة لأنها مبنية على مفاهيم وركائز واضحة ولكنها لا تختلف في جوهرها عن علاقة الحزب الفدرالي بأي منظمة مدنية إرترية، وأن قيادة الحزب الفدرالي تملك رؤية سياسية واضحة المعالم لعلاقات الحزب على المستويين الداخلي والخارجي حيث تعمل على خلق أرضية صلبة لبناء أجهزة الحزب وتوسيع قاعدته الجماهيرية وفق موجهات صادرة عن أجهزة الحزب بشكل حصري، وبالتوازي مع ذلك تعمل على إرساء وتطوير علاقات العمل النضالي عبر التشاور والتنسيق مع القوى السياسية والمدنية المعارضة دون تمييز أو مهادنة.

ربما يختلف الحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري عن بعض التنظيمات السياسية الشقيقة بنظرته الإيجابية لتجربة رابطة أبناء المنخفضات الإرترية، فهي حسب فهمنا لها منظمة مدنية تعمل على ضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسكان إقليم المنخفضات الإرترية، وهو ما لا نرى فيه أي إشكال؛ انطلاقا من مفهومنا لأبجديات الحقوق في نظام الحكم الفدرالي الديمقراطي الذي يقر لأي مجموعة اجتماعية أو جغرافية حقها في المطالبة بحقوقها سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، وبما أن رابطة المنخفضات هي منظمة مدنية فإن من أهم واجباتها إيقاظ الفئاة مهضومة الحقوق والدفاع عنها وتعرية ممارسات الجهات السياسية أو حثها على تحسين أدائها، ومن الطبيعي أن تتسم علاقاتها مع الجهات السياسية (حكومات أو أحزاب) بدرجات متفاوتة من التوتر والحدة وعدم الرضا، لا سيما تجاه الأحزاب والحكومات غير الديمقراطية.

ليس لدينا في إرتريا، للأسف، تجربة غنية فيما يتعلق بطبيعة عمل منظمات المجتمع المدني المستقلة حيث تنحصر تجربتنا في منظمات العون الإنساني الخيرية، أو "المنظمات الجماهيرية" من اتحادات شبيبة وعمال ونساء وغيره، وهي منظمات لا تملك من أمرها شيئ إلا أن تسبح بحمد التنظيم السياسي الذي أسسها ويتحكم في مواردها وفي شخوصها ويسخر جهدها في جمع التبرعات والتحشيد الجماهيري ويسوس بوصلتها لأهدافه الحزبية الضيقة.

وقد تحدث رئيس الحركة الفدرالية الأستاذ صالح صباح بنفس هذا المفهوم في الندوة المذكورة، حيث أسهب في الحديث عن مآخذ الحركة الفدرالية على رابطة المنخفضات ومن أهم ما يمكن استخلاصه من حديث الأستاذ صباح في هذا الجانب هو أن الحركة الفدرالية تريد من رابطة المنخفضات أن تتحول إلى مقطورة بلا رأس، تجلس في الحديقة الخلفية للتنظيم السياسي ليسوقها إلى حيث يشاء، على نمط منظمات "حفاش وديبات - التابعة للجبهة الشعبية" و المنتشرة في ربوع أوروبا والتي لا تجيد غير التجمع بين الحين والآخر لإستقبال يماني مانكي والتصفيق لخزعبلاته.

خلاصة القول، أن الحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري يثمن ويدعم أي جهد نضالي، سواءا كان مدنيا أو سياسيا، ويؤكد على استعداده الدائم للعمل مع كافة القوي السياسية والمدنية بما في ذلك قيادة الحركة الفدرالية ورئيسها صالح صباح جنبا إلى جنب حتى إسقاط النظام القمعي وتفكيك أجهزته البربرية، وأن أي عمل إرتري معارض لا يرقى إلى مستوى مواجهة وتدمير آلة القمع للنظام الديكتاتوري في ارتريا لا نعتبره إنجازا بحد ذاته بأي حال من الأحوال، إنما ندرجه في خانة شرف المحاولة لا أكثر ولا أقل.

الحزب الفدرالي الديمقراطي الإرتري
المكتب التنفيذي

Top
X

Right Click

No Right Click