لابد من التعبير عن الرأي مهما كانت المتاعب

بقلم الأستاذة:حنان عبدالله (المملكة المتحدة) سماديت كوم

قبل شهرين نشرت مقالة بعنوان: "في البحث عن العدالة الاجتماعية: هل هناك دواء لجميع مشاكلنا الحالية ؟" في ذلك الوقت، وعدت

بكتابة سلسلة من المقالات تسير في ذات خط المقال الأول وبهدف مناقشة الموضوع بمنظور واسع. ولكن، فشلت في الحفاظ على وعدي. حدث ذلك فقط لأنني غيرت رأيي.

معظم التعليقات والتفاعلات التي تلقيتها عقب نشري للمقالة الآنف ذكرها، وكان من شأن تلك التعليقات أن تفتح ذهني لحقيقة مفادها أن الكثير من الناس عندنا ميالون إلى تسييس كل كلمة يقرأونها والقفز منها إلى استنتاجات سريعة دون إعطاء أنفسهم الوقت الكافي لإعادة قراءة ما كٌتبَ لغاية التعامل مع حقائق والنأي عن إعمال العواطف.

ويمكن تقسيم التعليقات التي وصلتني بطرق شتى إلى كتلتين، واحدة تؤيد الحكومة الإرترية والأخرى معارضة لها. وهذا الاستقطاب العاطفي قد يكون مفهوماً ومبرراً في المجتمعات التي لا تراث ديمقراطياً لها، حيث تكون الولاءات شخصية تقدس الأفراد لا المؤسسات الوطنية على عكس المجتمعات الليبرالية، حيث يحترم الناس القيم الديمقراطية وممارستها دون استقطابات مضرة لا مبرر لها.

وكما لاحظت في معظم الحالات، فإن الإرتريين الناشطين في حقول السياسة، وبدلا من التعامل مع تحديات الحالية التي تواجه البلاد، نجدهم يدسون وجوههم خلف قناع الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا - جبهة تحرير إرتريا عندما محاولتهم التعبير عن خلافاتهم، بطريقة تجعل منهم أسرى الماضي بكل سلبياته.

ومع ذلك، فقد تعلمت على المستوى الشخصي من تلك التعليقات الكثير وأدركت أيضا أن الكتابة حول القضايا السياسية تعتبر لدى بعض الناس تابوهات ومحرمات، على الحد الذي يدفعني لقبول المقولة الشائعة: "إذا لم تكن معي، فأنت ضدي".

في ذات السياق، اتصلت بي صديقة بعد أن قرأت مقالتي السابقة وحضرت جلسة أصدقاء اختلفوا في فهم مضمون الرسالة التي قصدت إرسالها.

قالت: "أن البعض من الحضور قالوا أنك ظلمت الحكومة الإرترية ووجهتي إليها عبارات قاسية لا مبرر لها. "وبعض آخر من الحاضرين زعم أن المقال شوَّه المعارضة الإرترية وهو أمر غير مقبول على الإطلاق بالنسبة لهم".

وختمت تلك الصديقة كلامها قائلة: "مالك يا حنان ومال السياسة"، فنحن الذين قدمنا مؤخراً من إرتريا، أقصد أنا وأنت وأصدقائنا فقد اضطررنا لأسباب معروفة إلى هجر البلاد بسبب طول الخدمة الوطنية وأسباب أخرى ويواجه الكثيرون منا رفضاً غير مبرراً من سلطات الدول التي لجأنا إليها طلباً للحماية والعيش الكريم، لذا ليس من المنطق أن تجازفي بنشر هكذا مقالات تكون نتيجتها عكسية تكسبك عداوات وليس صداقات كما تعتقدين".

مهما يكن أقول شكراً للذين تفاعلوا مع ماكتبت، سواء بالاتفاق مع ما طرحت من أفكار أو بالاختلاف، فليس غايتي الاتفاق مع الجميع، بل طرح أفكار والتحاور بشأنها الأمر الذي إذا حدث سيساهم بحق في خلق وعي جمعي متقدم، كما اعتقد.

وإذا كان ولابد من إيراد ملاحظات عامة هنا، أقول:-

1. على الجميع، وخاصة من يعيشون في المهاجر،ضرورة السعي لخلق التواصل مع داخل البلاد والتفاعل مع الناس هناك للتعرف على مطالبهم وأولوياتهم؛

2. علينا التذكر أن الديمقراطية ليست عصا سحرية تُحلُ بها مشكلات البلاد؛

3. إذا كان بناء الديمقراطية يتطلب هدم ماهو قائم وتفتيت الكيان الوطني، فالمسألة إذن تتطلب التريث، فهدم الأوطان ليس سهلاً. وما نحتاج إليه نحن في الحقيقة هو السعي للحفاظ على وطن كلفنا الحصول عليه أثمان باهظة.

وإلى لقاء قريب في موضوعات أخرى.

للتواصل مع الكاتب: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Top
X

Right Click

No Right Click