وداعاً الشهيد محمود محمد إدريس كدان

بقلم الأستاذمحمود عبدالله أبو كفاح - إعلامي وكاتب ارتري

أستشهد يوم أمس الثامن عشر من يناير بالعاصمة اسمرا الفدائي والمناضل والكاتب محمود محمد إدريس كدان

محمود كدان 1عضو وزارة الشؤون الخارجية عن عمر ناهز 76 عاماً.

ولد الشهيد محمود محمد إدريس كدان في عام 1945م في بلدة حلحل بإقليم عنسبا من والديه السيد محمد إدريس كدان ووالدته السيدة آمنة عمر مندر و تلقى تعليمه الإبتدائي والمتوسط بكل من حلحل ومدينة كرن.

وفي العام 1964م قاطع المناضل محمود محمد إدريس كدان دارسته وغادروطنه إرتريا التي كانت ترزح تحت نير المستعمر صوب مدينة كسلا السودانية ليلتحق بجبهة التحرير الإرترية وبما أن الجبهة كانت تدرب الشباب الملتحقين بالنضال على الفور، توجه الشهيد مع رفاقه الى ضواحي أفهمبول لتلقي التدريب العسكري وبعد إكمال التدريب تم توجيه الشهيد محمود كدان مع كوكبة من رفاقه للإنخراط في العمل الفدائي بمدينة كرن وضواحيها حيث اوكلت اليهم مهمة إيقاف تحركات أسرات كاسا الذي تم تعيينه من قبل الحكومة الاثيوبية كحاكم لإرتريا في العام 1963م وظل يتجول في المنخفضات الإرترية متوعداً الجميع بالعقاب لوقوفهم مع الثورة.

شرع الشهيد محمود كدان ورفاقه فور دخولهم مدينة كرن في تنفيذ خطتهم بضرب موكب آسرات كاسا في وسط المدينة، ولسوء الحظ كان الشهيد محمود كدان الذي لم يكن يتجاوز عمره العقدين من الزمان من ضمن المقبوض عليهم، وحكم عليه بالسجن لعشرين عاماً قضى تسعة أعوام منها في عدي خالا والباقي في سجن ألم بقا بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، حيث تم ترحيله مع مجموعة من السجناء السياسيين على عجل من عدى خوالا الى أديس أباباً نظراً لخوف الحكومة الأثيوبية من تقدم الجبهة، وفي سجن ألم بقا تمكن الشهيد محمود كدان بصبره الإسطوري وتفاءله اللامحدود من تطوير قدراته بالمواظبة على القراءة كما أجاد اللغة الامهرية بطلاقة وقد وصف الكاتب الشهيد تسفاي قبرآب في كتابه نور نبي الشهيد محمود كدان بالبطل الذي تحمل معاناة سجن ألم بقا بصبره اللامحدود وقدرته الفائقة على التأقلم مع الصعاب و التحديات.

بعد خروجه من سجن ألم بقا في العام 1978م عاد الشهيد محمود الى أسمرا وإلتحق منها مجدداً بالثورة، وفي الفترة من العام 1978 وحتى العام 1981 عمل الشهيد محمود كدان أستاذ اًلعلوم السياسية في جبهة التحرير الإرترية وفي الفترة من العام 1981 وحتى العام 1984 أصبح عضواً لمكتب الامن التابع لجبهة التحرير الإرترية في السودان ومن العام 1984م وحتى ال1987م عمل سكرتيراً للمجلس الوطني لجبهة التحرير الإرترية وبعد عودته الى إرتريا في عام 1992م عمل في السلك الدبلوماسي ممثلاً لإرتريا في كل من مصر وألمانيا والسويد، وهو مناضل... وفي... خدم شعبه ووطنه بتفاني وإخلاص.

خلال عمله في السفارة الإرترية بجمهورية مصر العربية حصل الشهيد محمود كدان على درجة الدبلوم في إدارة المؤسسات، وفي العام 2013م أصدر الشهيد محمود كدان كتاباً قيماً باللغة العربية يتكون من تسع ابواب ويقع في 236 صفحة - يحمل عنوان المؤامرة على إرتريا والقرن الأفريقي، حيث كتب في مقدمته هذه العبارات التي ستظل تحكي أبد الدهر عن رؤيته الثاقبة وفكره المستنير وفهمه العميق لهذه البقعة الإستراتيجيه من العالم ظلت منطقة القرن الافريقي على الدوام محور اهتمام العديد من دول العالم المختلفة، ومثار جدل في أوساط الكثير من الباحثين والمراقبين نسبة للأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها، لموقعها الحيوي الذي يمثل حلقة وصل بين المناطق الهامة في العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، كما انها همزة وصل تربط حضارات وثقافات العالم المختلفة.

الا ان طبيعة نشأة دول تلك المنطقة والعلاقات الازلية والتاريخية التي تربط بين شعوبها يشوبها شيء من الغموض والالتباس لأسباب عدة موضوعية من بينها عدم توفر المراجع الموثوق بها، وما هو متوفر منها لا يمثل الصورة الحقيقية لتلك العلاقات، فهي [ أي المراجع ] إما منقوصة الحقائق أو مشوهة المضمون، حيث ان العديد من الوقائع والادعاءات تحمل بين طياتها تحيزا لجهة أو فئة ما على حساب الاخرى، حماية لمصالح القوى العالمية العظمى التي تحاول التعتيم وطمس الحقائق وكشف ما يكون متناسقا مع استراتيجياتها بالمنطقة مستعينة في ذلك بالآليات والاتباع من صناعتها الذين يدينون لها بالولاء المطلق، وقدجدت قوى الاستعمار ضالتها في الإقطاع الاثيوبي الذي دأب على ترويج الاساطير وترسيخها حتى يضمن تكريس سلطانه وجبروته في المنطقة.

وقد ترجم هذا الكتاب في العام 2016م بلغة التقرنية، ومايستحق الإشادة هنا أن الشهيد محمود كدان أهدى ذلك الكتاب للشهداء والمناضلين الأبطال.

المناضل محمود كدان رب أسرة وأب لستة أبناء.

وقد ووري جثمان الشهيد محمود كدان الثرى ظهر يوم الأربعاء التاسع عشر من يناير بمقبرة الشهداء في العاصمة أسمرا.

هذا وقد أعربت وزارة الشؤون الخارجية عن بالغ حزنها لإستشهاد المناضل محمود كدان وقدمت تعازيها الحارة لأسرته ورفاقه وزملاءه.

التعليقات  

عبدالفتّاح خليفة
#عبدالفتّاح خليفة2022-01-22 13:13

الشكر كلّ الشكر للأستاذ محمود عبدالله (أبو كفاح) على هذا التوثيق الثّر والمبادر من عقر الدّار...

لى ملاحظات فى هذا المقال التأبينى العاجل.. وهو بحق نقل على عجل نبأ الرّحيل المفجع المفاجئ وأنا أقول وعلى يقين لو تريّث الكاتب يوما لسماع أصدقاء ورفاق الشهيد لكان صحّح الكثير من الأحداث والمعلومات عن حياته... وأنا من جانبى أحاول ما عرفته وهو مخالف لما كتبه الصحفى الشاب الطموح محمود عبدالله أبو كفاح من أسمرا وأرجو هنا أن يفهم أخى محمود وغيره القصد هو التجويد وتثبيت الحقائق المعلّقة أحيانا مع إستشهاد الكثيرين من الرعيل صنّاع التّأريخ

الملاحظة الأولى: أدلى الشهيد محمود كدان فى مقابلة أنه من مواليد عام 1948 فى كرن فى حىّ (كامبو بوليس) لأن والده كان شرطيّا.

الملاحظة الثانية: لم يدرس الشهيد المتوسط لا فى كرن ولا فى حلحل بل كما أفاد هو بنفسه درس من الفصل الأول إلى الثالث فى حلحل ثم إنتقل إلى كرن لدراسة الرابع والخامس ثم قاطع الدراسة وهو فى الفصل الخامس فى نوفيمبر عام 1962 وليس عام 1964 كما ذكر فى المقال.

الملاحظة الثالثة: ذكر الشهيد فى مقابلة أنه إلتحق بالثوار فى الربع الأول من عام 1964 وتحديدا بعد معركة (تقوروبا).

الملاحظة الرّابعة: أنه لم يتلقى التدريب فى (أفهمبول) بل فى منطقة (أروتا) مع فصيلة كان قائدها الشهيد محمد سعيد إبراهيم شمسى.

الملاحظة الخامسة: حاكم إرتريا (أسرات كاسا) لم يكن فى إرتريا عام 1963 بل كان حينها حاكما لإقليم (أروسى) فى منطقة الأرومو وأتى إلي إرتريا يوم 4 يوليو 1964 بديلا للعميد والأمير (أبى أببى).

الملاحظة السّادسة: أن الشهيد (محمود كدان) لم يخرج لإعتراض موكب الحاكم مع رفاقه... بل فى الأصل يوم حدوث العمليّة كان أسرات كاسا فى مدن بركا والقاش والعملية كان المقصود بها محطة البترول أجيب فى كرن والمتعاون المعروف (أبوى قرى مسقل إندريّاس).

الملاحظة السّابعة: حكم على الشهيد فى محكمة أسمرا العليا حكم الإعدام وبعد إعتراض المدعى العام ودفاع المحامى محمد عمر قاضى القوى خفف الحكم بعشرون عاما نسبة لصغر السّن على حسب رواية الشهيد نفسه قضى اسبوعا منها فى سجن كرن المعروف بى (كارشيلى) و9 شهور فى سجن كارشيلى أسمرا وعامان وثلاثة أشهر فى سجن (عدّى خالا) و9 أعوام فى سجن (ألم بقانج) فى أديس أببا.

الملاحظة الثامنة: خرج الشهيد محمود كدان فى سجن ألم بقانج عام 1977 فى الشهر السابع بعيد تحرير مدينة كرن الأول عام 1977

الشكر لموقع سماديت ومديره الأخ الهمميم عبدالرحمن لإتاحت الفرصة للتعليق والتصحيح وإبداء الملاحظات، والشكر أجزله للكاتب والصحفى الشّاب النشط محمود عبدالله (أبو كفاح) من أسمرا وتحية خاصة للقارئ والمتابع.

أخيكم عبدالفتّاح ودّ الخليفة - اللملكة المتحدة - بورتن فى 22 يناير 2022 الواحدة وعشرة ظهرا
رد
نصر الدين خيار
#نصر الدين خيار2022-01-24 15:14

لماذا الشهادة
متي كنا نحن نجعل من نشأ شهيدا او لا نعترف به شهيدا... و محمود كدان يعرفه من يعرفه في اسمرة او المملكة المتحدة من باب الاب او الاخ او الرفيق و لكن لمحمود كدان طريقة اخري في التعامل مع من هم غير اخوة او رفاق او زملاء جهاز فهل لهولاء الحق في تبين و نشر ما يبينون من علاقة المذكور بهم و كيف تعامل معهم و هم يحملون الجنسية و الجواز الارتري و خاصة في مدينة القاهرة و التي مكث بها فترة طويلة من عمله الدبلوماسي حيث لم نري من جانب وجهه المشرق (المقصوص سلفا)...

يشهد التاريخ انا نحن الارتريين في القاهرة لفترة تقترب من عشر سنوات ما رأينا لإبتسامة يتزيها او ضحكة يقرضنا ايها... فمع بداية التسعينات كانت القاهرة تعج بالكثير من المناضلين و المحاربين في شتي تنظيمات الثورة الارترية... (و لم يكن هو النادرة)... و لنا مع الكثير منهم المودة و التقدير لنا و لوطنيتنا و نحن حين نتحدث عن محمود كدان او غيره من رجالات الثورة الارترية انما نتحدث عن فئة من الناس لها علينا المراجعة و النقد لسيرتها دون الانجرار العاطفي او الاطراء الحزبي و العشائري فالتاريخ لا يرحم... و لا يبني التاريخ الا علي المراجعة و التحقيق و ما التاريخ الا من صنعه.

واخيرا محمود كدان لم يكن شهيدا و لن يكن انما هو شخص ساهم مع الاف غيره في تحديد ملامح ارترية الحالية و اعني ارتريا ما بعد الاستقلال و رجال الدولة هولاء لا يتم الحكم عليهم الا بما فعلوا في حياة الشعب الارتري من خير او شر و نتيجة هذا الحكم هو مكانهم في التاريخ.

ملاحظة:
عمر ارتريا الدولة اصبح اكبر من عمر ارتريا الثورة... و اثار الدولة في الشعب الارتري الاكثر وضوحا.
رد
عبدالفتّاح خليفة
#عبدالفتّاح خليفة2022-01-24 23:32

أخى الكري نصر الدّين خيار لك تحية موقرة وأنت فى أرض الكنانة متمنّيا لك صحة وعافية وتوفيق.

أولا أشكرن على تفاعلك إن إتفقنا أو إختلفنا لأن ذالك من سنن الله فى خلقه... سؤالك من هو الشّهيد حقّا سؤال يجب تفنيده ولكنّى إستعملت كلمة شهيد لأن الرجل عرّض نفسه للموت فى أكثر من موقف ليس رئاءا ولكن للوصول لهدف التحرير حتّى وإن كان الثمن أرواحهم... وحقيقة كان فى فترة الكفاح المسلح وخاصة فى البدايات لم يكن بين هؤلاء الرجال القلة واحدا يضمن أنّه سوف يعيش ويرى ثمرة جهده وتتحرّر إرتريا ويكفى أن نرى مصير كثيرون ممّن كانوا مع المناضل محمود كدان لقد لقوا ربّهم مبكّرا مثل قائده المناضل محمد سعيد شمسى ورفاقه فى العملية الفدائية التى قبض عليه فيها...

وهذا التأريخ الذى ذكر أعلاه لا يمحوه أخطاءهم اللاحقة إن وجدت أو إرتكبوا خيانة عظمى بحقّ الوطن... حينها حضرة الوطن لا يرحم ولا يكافئ من أجرم فى حقّ الشعب وسيادته ولكن السؤوال المهم هنا من الذى يفند الأخطاء ومن الذى ومن المظلوم ومن الذى يفصل فى ذالك فى المقام الأخير... إلى أن نصل إلى إقامة دولة القانون وتفنّد كل الأخطاء وكلّ التجاوزات والهفوات ويقول الطن كلمته سوف نبقى نترحم على شهدائنا وموتانا وخاصة من ماتوا وإستشهدوا دوننا... وسوف نحزن لفراقهم...

وحتّى لا تفهم أنّنى أدافع هن من إرتكب جرما أو خطأ أو هفوة ولكننى أدافع عن حقهم فى أن نرثيهم إن رحلوا وأن نذكرهم ونكافئهم إن كانوا أحياء... أما الصلح والتصالح الوطنى وطرح قصّة مظاليم الثورة أولا ثمّ مظاليم الدولة ثانية تنتظر قيام دولة القانون فى إرتريا عاجلا غير آجل وحينها لكل حادث حديث ولك شكرى وإمتنانى على تفاعلك وإبداء الرّاى فى الوقت الذى شحّ فيه حديث الصراحة شكرا ثانية الأخ الهميم نصر الدين خيار من القاهرة...

أخيك عبدالفتاح ودّ الخليفة - بورتن المملكة المتّحدة 24 يناير 2022 الساعة 11: 30
رد
Top
X

Right Click

No Right Click