مشروع المنخفضات طرح استعماري قديمٌ متجدد

سماديت كوم Samadit.com

أجرى الحوار الأستاذ: باسم القروي

التقت وكالة زاجل الأرترية للأنباء (zena) الأستاذ أبا محمد علي محمد محمود أمين الأمانة السياسية بالحزب الإسلامي الأرتري

للعدالة والتنمية في حوار مطول ومثير حول رأي الحزب في قضايا مبادرة المنخفضات والوحدة الوطنية والمسافة بين الإسلاميين المتباعدين في فصائل متدابرة وعلاقة حزبه بجماعة الإخوان المسلمين العالمية وما يردده بعض خصومهم من وجود نقاط تلاقي بينهم وبين النظام... فإلى تفاصيل الحوار:

تقوم ضجة في الساحة السياسية الأرترية بسبب مشروع المنخفضات... الفكرة بين القدم والجدة... كيف يراها الأستاذ علي محمد محمود ؟ وما الجهات التي تدعم مثل هذه المشروعات في رأيكم ولصالح من ؟

في البدء أشكر الأخوة في وكالة زاجل الأرترية للأنباء (zena) على هذا اللقاء، وعلى جهودهم الإعلامية وتركيزهم على أخبار الوطن ومجريات الأحداث داخل ارتريا.

بالنسبة لسؤالكم المتعلق بمشروع المنخفضات ففي البدء أؤكد على حق كل شخص أو مجموعة في تبنى الفكرة أوالمشروع الذي تراه مناسباً لتحقيق أهداف وطنية عامة أو شخصية، فلا حجر على أفكار أو مبادرات أي أحد، ومن حق الآخر قبول أو رفض تلك المبادرات والمشروعات، هذا من حيث المبدأ. بيد أن المشروع عندما يتعلق بقضية مشتركة تهم الجميع مثل قضية الوطن الذي هو حاضنة الجميع فإن المناقشات تكون صريحة تتعدى المجاملات، ولا يكفي فيها سلامة القصد وحسن الظن. مشروع المنخفضات مشروع قديم متجدد تبنته برطانيا في فترة تقرير المصير حتى تعيق به مشروع الاستقلال الذي كانت تتبناه الرابطة الإسلامية، ثم ساندته أثيوبيا في عهد منقستو حتى تجهض به أو تشكك على سقف مطالب الثورة الأرترية، وتسوقه اليوم عدد من دوائر ومراكز دراسات غربية، ربما كمقدمات لما هو قادم ضمن اتفاقية (سايكس بيكو) جديدة، ولمن لم يتمكن من الإطلاع فقد تم حشد تلك الدراسات في رسالة دكتوراه للباحث عمار محمد من جامعة النيلين توصل من خلال تلك الوثائق قديمها وحديثها أن أرتريا ستتلاشى لصالح مشروع التقسيم.

مشروع المنخفضات في نسخته الجديدة لا يحمل حلاً سريعاً للمشكلة التي دفعت بالأخوة لتبني هذا المشروع، وهو اسقاط نظام أسياس أفورقي الذي دفع الجميع لركوب المركب الصعب، وإنما اكتفى المشروع بوضع متاريس أمام إنسيابية الوحدة الوطنية مستقبلاً، وسبب المزيد من الإحباط للجماهير التي لا تعرف كثيراً عن دندنة هؤلاء المثقفين، كما يدفع بكل جهة لتبحث الحل لمشكلتها منفردة وهذا ما يثلج صدر العدو.

المنطقة المعنية بالمشروع هي قلب النضال لوحدة أرتريا واستقلالها لإتساعها وتنوعها وقيادتها للمراحل التاريخية، وما أصابها من ظلم وإجحاف كان على قدر مكانتها التاريخية والإستشرافية، فلماذا يصر البعض على تحجيمها وانكفائهاعلى ذاتها، ومقارنة مشروع المنخفضات بأطروحات القوميات يعتبر اختزالا ًمخلاً لهذا المشروع.

ما موقف الحزب الإسلامي من مشروع المنخفضات ؟

في البدء الحزب الإسلامي لا يشكك في وطنية وحرص القائمين على المشروع حسب الأسماء المعلنة.

الإ أن الحزب الإسلامي ليس مع هذا المشروع لعدة أسباب:-

أولاً: إن المشروع يحمل بداخله بذرة تفتيت أرتريا مع أن هذا أحسب ليس قصد القائمين عليه، فإن قوى أخرى إقليمية ودولية متربصة ستجد فيه مآربها، فيمكن أن تتلقفه وتنميه وستجد من بني جلدتنا من يكون مطيتهم إما جهلاً أو عمالة، وما أظن أن الأخوة الذين طرحوا الفكرة يملكون القدرات اللازمة التي تحول دون انحرافها عن مقصدها، هم فقط أطلقوها "ويسهر الخلق جراها ويختصم" بل أنهم لم يكلفوا أنفسهم عنت القيام بالتمهيد لها وبلورتها، وإقناع من ينتمون إلى المنطقة المعنية بها، كما أن استعجالهم والسرية التي أحاطوا بها مشروعهم، وكأنهم يسابقون به شيئاً قادماً، وانحصاره في عدد قليل من الكوادر أربك الساحة، وألقى بظلال من الشكوك حول مرامي المشروع. وبما أن الحزب الإسلامي مع وحدة ارتريا أرضاً وشعباً فان اي منفذ قد يكون مدخلاً لتفتيتها يحاول تجنبه.

ثانياً: أن هذا المشروع يحول المنافسة والصراع إلى صراع داخلي فيفوت المصالح المرجوة والمتوخاة من قيام هذا المشروع، وبوادره ماثلة للعيان على مواقع الإنترنت. ما أوردته الوثيقة من مظالم وتهميش وسيادة ثقافة ودين وقومية معينة نحن معه، وقد فصلته وثيقة إبراهيم مختار قبل هذا، وتبنته القوى السياسة والمدنية المعنية بذلك في ملتقى الحوار الوطني 2010م وفي مؤتمر أواسا 2011م.

الحل كما يراه الحزب الإسلامي هو طرح الثنائية الدينية والثقافية في أرتريا بشكل شفاف وبدون مواربة، وعندها يسلم الوطن ويستقر النظام السياسي والاجتماعي ويأخذ كل ذي حق حقه دون إقصاء وتهميش. وأقصر الوسائل للقضاء على النظام الدكتاتوري ومؤيديه هو حشد جميع الطاقات، ودعم المظلات السياسة المشتركة بصدق وتجرد بالفكر والمال والرجال.

يشهد الموقف الأرتري المعارض تشظياً مستمراً حتى بين الحركات الإسلامية التي تفرخ أجنحة منشقة عنها والحزب الإسلامي متهم من بعض قوى المعارضة الإسلامية أنه يعيق وحدة الإسلاميين الأرتريين متأثرًا بمرارات الماضي في حين كان قادراً أن يستوعب الجميع في وحدة إسلامية شاملة... أصادقة هذه التهمة أم كاذبة ؟

ما يحدث في الساحة الأرترية وفي ضفة المعارضة خاصةً هو أقل من طموح الجماهير، مع أن السياسيين يدركون ما تعانيه المعارضة من نقص حاد في وسائل النضال الفاعلة سياساً وعسكرياً وإعلامياً. أما إتهام الحزب الإسلامي بأنه ضد وحدة الإسلاميين أو أنه لا يعمل لها بالصورة المطلوبة فهذا تجني، كما أن تهمة أن الحزب يعيش تحت ضغط تأثير الماضي فتكذبها الخطوات التي تمت بعد الإنشقاق، فقد جرت حوارت صريحة وشفافة ما بين الإسلاميين أفضت إلى اتفاقات وعمل مشترك وإن لم يصل إلى درجة الوحدة الإندماجية. وللذين يقرأون نقول إن ما تضمنه بيان الإنشقاق من مسوغات الإنشقاق، فقد تجاوزوه الإخوة الذين كتبوه إما قولاً أوفعلاً من خلال مشاركتهم في التحالفات السياسية مع العلمانيين. فليس من طبعنا في الحزب الإسلامي أن نقتات المرارات مع أي من التنظيمات السياسية دع عنك مع إخواننا الذين تربطنا بهم حقوق جمة تتجاوز الدنيا إلى الآخرة، وليس زعيم القوم من يحمل الحقدا.

في تاريخ الحركة الإسلامية الإرترية الحديث يتهمكم البعض بأن موقفكم أقرب للنظام والتلاقي معه في نقاط مشتركة ولو وجدتم فرصة مثل هذه لتلقفتموها بقبول راضي!! فهل أنتم كذلك ؟

من حيث المبدأ اعتقد أن الكثيرين يعلمون أننا من حيث أطروحاتنا الفكرية ومبادئنا وخلفيتنا السياسية، ومن الدماء التي أريقت بيننا وبين الشعبية، ومن عدد المعتقلين في سجون النظام من المنتمين إلينا فكرياً، يتأكد أن مساحة الاختلاف بيننا والشعبية أبعد، بعكس تنظيمات أخرى لا تتعدى مساحة الاختلاف بينها والشعبية كرسي الحكم فقط. وما يقوله البعض من نقاط مشتركة بيننا وبين الشعبية إذا كان يعني بها ما يتعلق بالوطن ككل، فنقول له: نحن كتنظيم سياسي نفرق بين القضايا المشتركة التي هي رحم بين كل الأرتريين بمللهم ونحلهم، وبين خصوصيات كل تنظيم، فأي موقف يتعلق بوحدة أرتريا واستقلالها، أو ما من شأنه إعلاء الوطن نؤيده بغض النظر عن مصدره. أما إذا كان يتحدث عن مبادرات وفرص يتيحها نظام الشعبية لنا أو لغيرنا من التنظيمات السياسية فليطمئن الجميع، أن هذا النظام غير معني بجمع الصف الوطني، ولو كان يتمتع بهذه الصفة لعمل على إنقاذ الشباب الأرتري الذي أصبح عبرةً ومثلاً من شدة ما يتعرض له من مخاطر، وبيع بالجملة والمفرق وكأنه قطعان من الماشية. ثم أن الحزب الاسلامي لا يعتقد بنجاح أي مبادرات أو عمل وطني مستقبلي فاعل خارج إجماع المعارضة.

خلال 2013م وهذا العام مر النظام الأرتري بهزة عنيفة من داخله لكن المعارضة فشلت في استثمار الحدث لصالحها الأمر الذي مكن النظام من تصفية غير راحمة من خصومه في الداخل بين سجن وقتل... ما تقييمك ؟

أوافقكم الرأي بان عام 2013 و 2014م كان عاماً مميزاً بالمقارنة لما سبقته من أعوام فقد تعرض النظام الأرتري إلى هزة جاءته هذه المرة من مأمنه، وهي كانت بالون إختبار يتوقع أن تتبعها هزات أخرى أكثر قوةً وتأثيراً. وعملياً لم تتمكن المعارضة من استغلال الحدث كما ينبغي، ومع هذا فمن الإنصاف أن نقر بأن ما يحدث من حراك في الداخل والخارج فإن الفضل فيه بعد الله يعود إلى المعارضة التي صمدت بالرغم من نقص المعينات، وخذلان الأصدقاء، وعجز الشعب الأرتري نتيجة ظروفه من تقديم ما يلزم من دعم وتأييد لها، وظلت تقدم الوعي والأمل للجميع مما يشجع الشعب بمستوياته وأطيافه المختلفة للقيام بأدوار معارضة للنظام الدكتاتوري كل حسب مجاله واستطاعته.

العمل الإرتري المعارض في دورالهجرة غير قادر على إحداث تغيير إيجابي لأنه بعيد من الميدان الحقيقي ولأنه مشتت في كيانات تنظيمية هشة ولأنه غير مدعوم مادياً وسياسياً وعسكرياً والمعارضة الداخلية مقموعة بعنف فمن أين تحمل بشائر الأمل ؟

حقائق التاريخ، وتطورات الأوضاع داخل أرتريا، والحراك الذي بدأ ينتظم المهجر فطفق يستقطب فئات عدة ظلت تنتظر أن يأتي التغيير من الآخرين دون أن تبذل من جانبها عرقاً أو مالاً، إما بسوء المتابعة أوبسبب الانشغال بقضاياها الشخصية، أو بتقديرها أن الأمر لم يصل إلى هذا الحد، لأن السيل لم يبلغ الزبى ولم يدخل دارها، ولأن الحراك كالضوء نطاقه يتسع يوماً بعد يوم فإن الظلام يندحر، والقيد ينكسر.

ينظر بعض الناس إلى أن النظام الأرتري نجح في توحيد أرتريا شعباً وتراباً في حين أن تشظى المعارضة تحت تأثيرات المناطق والقبائل والأديان لا يدعو إلى التفاؤل... ما تعليقك ؟ وهل من ضمانات مطمئنة عقب سقوط النظام الحالي ؟

العكس هو الصحيح فان كل ما تراه من سلبيات هو نتاج وإفراز نظام الشعبية فممارساته الطائفية والشوفينية والدكتاتورية دفعت بكل واحد أن يدافع عن ثوابته وحقوقه الدينية والثقافية والقومية وغيرها. وأنا مطمئن بزوال هذا النظام والإتيان ببديل وطني ديمقراطي يحقق العدل ويتيح الحريات، سيتحقق الإستقرار والوحدة وبالتالي التنمية، لأن إرتريا بمجملها وبتكاملها تتمتلك قدرات اقتصادية كبيرة يمكن أن يعيش إنسانها عزيزاً كريماً بل ومرفهاً أيضا إذا ما وجد إدراة نزيهة، ولأن أي شخص يحمل أدنى وعي لا يمكن أن يحصر نفسه في قبيلة أو قومية، وأمامه الوطن ممتد بخيراته وإمكاناته وتنوعه يمكن أن يفيد منه نفسه وقبيلته وفكره. ثم إني أثق بقدرة الأرتريين على الإتفاق إذا ما تركوا لأنفسهم، وفي مؤتمر أواسا أنموذج حي فمع أن المؤتمرين جاءوا من مشارب مختلفة إلا أنهم أثبتوا قدرتهم على الإتفاق فيما يحفظ وحدتهم ووطنهم، فاتفقوا على ميثاق وطني واحد، وعلى برنامج المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام، وعلى مسودة دستور يدرسها المجلس الوطني بعد زوال النظام، كما تم الاتفاق على قيادة المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي في مرحلته الحالية. وفوق هذا فالحوار في اواسا في حد ذاته كان قيمة حضارية تحسب للإرتريين.

بناء على قواعد الدين وأسسه المتينة كان من المتوقع أن يكون الإسلاميون الأرتريون قدوة فاضلة لغيرهم في الوحدة والتماسك لكن واقعهم الماثل يدعو إلى القلق على مستقبل الوطن في حال التمكين الإسلامي على يدهم فهل من ضمانات ؟

بفضل الله الخلاف بين الحركات الاسلامية الأرترية، في غالبه كان حضارياً حيث لم ترق فيه الدماء، ولم يحدث فيه التدابر طويلاً، فالوحدة في إطار حركة الجهاد كانت ضمن تجارب العمل الإسلامي الأرتري استفاد منها في المراحل التالية، فالحركات الإسلامية الأرترية اليوم تتمتع بوعي وإدراك سياسي، متفوقة على مثيلاتها في العالم العربي، فهي تعرف واقع مجتمعها بتنوعه وثنائياته، وتدرك أولوياتها وقدراتها، ومعيار مستوى تعاملاتها مع الحليف والمنافس والمعادي في إطار المعارضة والنظام، وهكذا تراها قد انخرطت في العمل السياسي الأرتري المعارض بكل تشكلاته واختلافاته الفكرية والسياسية، وقبلت ببرنامج الحد الأدنى كما قبل به الآخرون. لم تتبرم من أن يترأس المعارضة علماني أو مسيحي أو وثني أو غيره ما دام جاء عبر وفاق وطني، وهذا يعتبر مران لكل الساحة الأرترية ولتنظيمات المعارضة على وجه الخصوص. وهذه النظرة وهذا التعامل من قبل التنظيمات الإسلامية لم يأت من ضعف، فالتنظيمات الإسلامية إن لم تكن الأقوى ـ تواضعاً ـ بين التنظيمات المعارضة فليست هي الأضعف، ولهذا جاءت مواقفها متسقة مع قناعاتها وفهمها. أما قبولها ببعضها البعض فمن باب أولى إن هيئ الله لها الفرصة في الحكم، فوعيها السياسي يعصمها من الاإزلاق في أي حمأ مسنون بعد حماية الله لها.

هل من فروق سياسية واضحة بين الإسلاميين والعلمانيين بخصوص الوحدة الوطنية الأرترية شعباً وتراباً ؟

مما يحمد للشعب الأرتري وقواه السياسية أن القضية المركزية عنده حاضرة فلا تستخفه الصوارف، مهما كان طغيان المستعمر وشراسته، ومهما كان ظلم ذوي القربى أشد مضاضة، ولذا لا توجد أي أصوات نشاز في حق الوطن وحبه، كما لا تجد من يشكك في دور كل الشعب الأرتري في تحقيق الإستقلال الوطني، ولا من يجادل في تنوعه الديني والثقافي. وهذا ما سهل على المعارضة أن تعمل بصورة جماعية، وتتفق على كثير من الموضوعات والمواقف، ولذلك تجد أن اختلافاتها تنحصر بصورة عامة على المناصب وليس على المبادئ والمواقف. فلا اختلاف بين الإسلاميين وغيرهم بخصوص وحدة أرتريا أرضاً وشعباً.

حديثك حول الإسلاميين الأرتريين وتقاربهم متفائل جداً يخالفه الواقع الذي يظهر تباعد المسافة بين بعض أطرافهم إلى درجة التناحر بين القيادات أو التخاذل في المواقف والتحالف مع الخصوم ضد بعضهم ونكث العهود التي تبرم بينهم ويعبد بعضهم الله بالإنتقام من مخالفيه فكراً وتنظيماً... وما تعرفه أنت في هذا الباب كثير فعلى أي شيء تبني تفاءلك. نريد حديثاً شفافاً واضحاً يقنع لكم المتابع ؟

ماقلته أنا تسنده الوقائع وليس محض تفاؤل، ولم يصل الأمر بين الإسلاميين إلى التناحر والتدابر، وإذا كان هناك من تباين في وجهات النظر في بعض القضايا فهذا شيئ طبيعي، فلسنا نسخة كربونية من بعضنا، فلكل اجتهاده فيما يسعنا فيه الإجتهاد، وهذا يحدث حتى داخل الحزب الإسلامي حيث تحسم القضايا بالشورى والأغلبية، ولعل قادمات الأيام تثبت ما نقول.

في رأي الكثيرين يتصل الحزب الإسلامي الأرتري للعدالة والتنمية من الناحية الفكرية بالإخوان المسلمين مثل اتصال الحركات الإسلامية الأرترية الأخرى بالجماعات السلفية والطوائف الصوفية بنظيراتها في الدول العربية الأمر الذي يبرر مخاوف الأحزاب الوطنية العلمانية تجاه الإسلاميين بتهمة أن العمل للوطن يأتي في مؤخرة أولوياتكم وأن الطائفية مهددة للوحدة الوطنية... ماذا تقول ؟

علاقات التنظيمات السياسية والفكرية في أرتريا سواء كانت إسلامية أو يسارية أو علمانية أو غيرها بمثيلاتها في العالم أجمع لا يعتبر من المثالب، بل هو إضافة مهمة للوطن بأسره، من حيث سعة العلاقات، وتنوع التجارب والمناخاة، وأرتريا الدولة في حالة شفائها من داء الانعزالية والدكتاتورية سوف تنفتح على العالم أجمع مشرئبة بعنق طويل ألى المستقبل والمصالح بعين لماحة دون أن يكون الفكر المغاير عائقاً في الاستفادة المؤكدة، وهي بحاجة إلى الجميع لتنطلق من عقالها.

أما أن قضية الوطن تأتي في آخر أولوياتنا فهذا غير صحيح ولم يقل به أحد من شركائنا من التنظيمات الوطنية، وقد خبرونا على مدى سنوات من العمل المشترك، وقد كنا دوماً عنصر توفيق وتأليف، حتى أن مرونتنا الزائدة من أجل الإجماع الوطني هي في رأي الذين لا يملكون فقهاً سياسياً ناضجاً من المسلمين مستهجنة. وللعلم فان الحركة الإسلامية الأرترية تتهمها بعض الحركات الإسلامية في العالم العربي بأنها موغلة جداً في الوطنية، فهي تفاصل لمجرد وجهة نظر تمس أرتريا. وسيظهر هذا إذا كتب تاريخ الحركة الاسلامية الإرترية. أما أن الحركات الإسلامية طائفية فهذا فهم معلول لأن الطائفية أن تكون أفكارك مبنية على احتقار ما يعتنقه الآخرون، أو تحض على الكره وأذى الآخرين، ونحن نحترم قناعة الآخرين، أن توسم بالطائفية لمجرد الإنتماء الديني أو الفكري أو المذهبي أو السياسي فهذا إسمه اغتيال لحرية وخصوصية الفرد، وضد حقوق الإنسان التي تقرها المواثيق الدولية، نحن في الحركات الإسلامية نتنافس مع الآخرين حول برنامج سياسي ينطلق من مرجعيتنا، وأكيد إن لكل واحد من أحزابنا السياسية مرجعيته، والإ فهو يبني على شفا هار. ولا يمكن من أجل أن أسلم من تهمة الطائفية أن أغير إنتمائي الديني، وللعلم فإن الدين في أرتريا متأصل جداً في وجدان الشعب وفي تفاصيل حياته فالذين يحاولون ازاحته من الحياة يقفزون على الواقع.

ما الكلمة التي تختم بها هذا اللقاء ؟

إن كان من كلمة أختم بها فإني أقول للشعب الأرتري قاطبة أبشر فإن ليل الظلام أوشك أن يزول فإن لكل طاغية نهاية.

وكلمة للشباب الذي يخرج من أرتريا إلى المجهول ويموت من غير غاية لماذا لا يكون لموتكم معنى ؟ بإنقاذكم الشعب الارتري من هذا الطاغية وهو فرد وإن تدثر بالقوة والأمن، وتخطوا أسماءكم في سجل الخالدين وكما يقول المتنبي (فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍحَقِيرٍ *** كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍعَظيمِ).

وكلمة للمثقفين والإعلاميين والسياسيين من بني جلدتنا لا تنحرفوا بالصراع عن وجهته فحري بكم أن تكونوا عوناً لبعضكم، ويداً على من سواكم، ولا توغروا صدور بعضكم فلا فكاك لكم عن بعض، وما يطمع اليه عدوكم أن يكون بأسكم بينكم شديد.

على هامش النص:

تعريف بالأستاذ/ علي محمد محمود (أبو محمد)

1. تخرج في جامعة أمدرمان الإسلامية تخصص التربية والتوجيه.

2. عمل عضواً قيادياً في الاتحادات الطلابية فرع الخرطوم.

3. انتمى للحركة الإسلامية الأرترية منذ عام 1976م.

4. تقلد المناصب فيها المناصب التالية:

أمين أمانة العلاقات الخارجية.

أمين أمانة الإعلام.

مستشار سياسي للأمين العام للحزب.

أمين الأمانة السياسية.

Top
X

Right Click

No Right Click