القيادي المناضل إبراهيم محمود منتاي في حوار مع زينا - الحلقة الأولى

حاوره الإعلامي الأستاذ: باسم القروي  المصدر: وكالة زاجل الارترية - زينا

• الاخوان المسلمين فضل على الثورة الأرترية فقد خدمونا دون اشتراط الولاء والانتساب إلى جماعتهم.

• أنا خريج مدرسة حرقيقو التي تخرج منها عثمان سبي وقد درسني فيها وجندني لصالح الثورة.

• هاجرت إلى مصر ضمن الدفعات الأولى التي كان يرسلها عثمان سبي تهريبا مع التعاون مع الإخوان المسلمين في السودان.

• فشلت الثورة لأن المسلمين كانوا ممزقين بفعل تخلفهم والمسيحيين كانوا كتلة واحدة متعاونة.

ضيف ”زينا“ اليوم ذو نكهة خاصة إذ تقلب بين ميلاد الثورة الأرترية وابتلاءاتها الأولى، وبين العهد ما بعد الاستقلال وفي كل كان له رأي متفرد ناضل من أجله، ودرس من أجله، وعمل في عدة مناصب ثورية من أجله، وأعرض عن الدخول في أرتريا بعد الاستقلال تحت حكم الجبهة الشعبية من أجل مواقفه الخاصة ورؤاه؛ على الرغم من أن كثيرًا من رفاقه قادهم تنظيماتهم إلى الاستسلام والعودة الذليلة، حسب رأيه، وعلى الرغم من أنه يعيش مرارة خسارة النضال كما يراه و يعتقد أن الحق لا يضيع، وأن عهد الجبهة الشعبية باطل ولا دوام لباطل.

ثلاث وسبعون عاماً مضت من عمره، هي سنون لم تمر على جسمه عابرة سبيل راحمة، وإنما كانت قاسية على عظمه وجلده، تسطر بوضوح عذابات البلاء، فما ظنك برجل يعاني قسوة الغربة بدل الوطن الدافئ، منزوٍ على نفسه، قابع في تذوق الذكريات الأليمة. ولا يخلو من بوارق متفائلة ينتظرها على يد الجيل الجديد. قابلته عبر وسيط يعرفه فكانت المفاجئة السارة أن وافق على المقابلة واشترط أن تكون وجهاً لوجهٍ دون وسائط تقنية حديثة قال: ليس له هاتف ذكي ولا يتعامل مع الشبكة ولا يتابع الأحداث إلا عبر أشخاص مقربين ومع ذلك وجدته يتعايش مع الأحداث المتسارعة بألم ويدرك تفاصيلها وقال تعليقا عليها: ذهب بنا أفورقي إلى إثيوبيا من جديد دون تقدير لكل تضحيات الشعب الأرتري، ويرى أن الأحداث في المنطقة ليست من صناعة الأنظمة المحلية وإنما توجه دولي استعماري يستخدم الأنظمة المحلية عدة الشغل.

وأكد الضيف أن المد الصليبي واضح المعالم،في الأحداث ويدعو الشعب الأرتري إلى الوقوف الصلب ضد مشروعات الاستيطان الجديد حتى لو كان ذلك عبر وسائل رادعة للمستوطنين المجلوبين إلى غير أرضهم بعد طرد السكان الأصليين فحدث واحد رادع يوقف الزحف الجائر حسب رأيه.

حديث الضيف الكريم تضمن توثيقاً دقيقاً حسب رؤيته لأحداث عايشها منذ الخمسينات وحتى الآن. وقد تدفق الجسم النحيل بمعلومات ثرة، وآراء جريئة تربط الحاضر بالماضي، وكانت خلف نظارته عيون متعبة مرهقة تراجع تاريخاً من البلاء مرهقه. لم ينه حديثه السلسل المتدفق لكني أعلنت إنهاء المقابلة نعم تعبت وانقطعت أسئلتي فاتقنا على مراجعة الأجوبة بعد تحريريها.

مضت مدة قليلة - أيام - وقد ساقني الوفاء بالوعد إليه بعد تحرير المقابلة وطباعتها فراجع الأجوبة وأقر وعدل ثم أمضاها للنشر. وقال: في جعبتي كثير غيرها.. ولأن المقابلة طويلة قسمناها إلى أربع حلقات تنشرها ”زينا“ تباعا إن شاء الله.

انت من الرعيل الاول وفي سيرتهم عبرة وعظة وقدوة. ماذا تقول سيرة المناضل ابراهيم منتاي ؟

التعريف: اسمي ابراهيم محمود منتاي من مواليد 1945 بعد الحرب العالمية الثانية في مدينة قندع ونحن أهل القرى ما كان لدينا شهادات ميلاد ولهذا فالعمر تقدير ولا سند له إلا استنباط من أحداث كان يذكرها أهلنا يقولون فلان مولود في عام الحريق أو سنة القحط أو.. فأنا مولود حسب كلامهم في سنة الحرب بين الإيطاليين والحلفاء وهو ما يساوي 1944م. وفي القاهرة نقصنا سنة من العمر من أجل القبول للدراسة التي كانت تشترط العمر الصغير ومن هنا صار تاريخ الميلاد في الوثائق 1945م فهو الحجة الآن.

ومن حيث النشأة: نشأت في مدينة قندع.. درست الخلوة في قندع ثم تحولت إلى مدرسة كيكيا في حرقيقو وهي تعتبر ضواحي مصوع فأنا صناعة حرقيقو درست في مدرستها وبيئتها وعثمان صالح سبي درس فيها كذلك بداية ثم أكمل في أديس أبابا.

ماذا تذكر عن بداية غرس الثورة في نفسك:

عثمان سبي رحمه الله شاهد أثناء دراسته في إثيوبيا مسلميها مظلومين فتعاطف معهم إذ ما كان لديهم من حقوق المواطنة شيء كانوا مهمشين مظلومين فعثمان سبي بداية لم يكن لديه مشروع أرتري وإنما كان يهتم بأمر المسلمين جميعًا في الحبشة كان مشروع عثمان كبيرا ً.

عثمان درس هو ورفاقه في اثيوبيا وبعد ذلك رجعوا إلى أرتريا فأنشأ منا في حرقيقو خلايا صغيرة تعمل لصالح التعليم والثورة وكنا صغارًا في المدرسة خلال عام 58م تقريبا وأنا دخلت المدرسة وعمري 10 سنين تقربيا حيث ولدت 44 تقريبا والمدرسة كان فيها نشاط سياسي مضاد لإثيوبيا واضحاً ونحن تربيتنا تربية دينية وكان عندنا المعهد الديني ومدارس ابتدائية والمدرسة كان يديرها سودانيون أولاً اما الذين درسونا فكانوا ارتريين خريجي المدرسة نفسها والمنهج كان سودانياً والمعهد ديني وكان أهلياً لم يكن نظامياً ومؤسسه أفغاني وعاش وتزوج ومات في ارتريا اسمه غوث الدين. عشنا في هذه الأجواء تغرس فينا السياسة والنضال.

كان التطور والنمو الإيجابي للعمل الثوري والتعليمي ؟ وهل من دور للإخوان المسلمين إيجابي تجاه النضال الأرتري ؟

نحن بدأنا في خلايا صغيرة وكان لنا جمعية اسمها (جمعية العروة الوثقى) في المدرسة نفسها كان يرأسها محمود سبي وصالح أخوه وهما مناضلان قديمان ومعهما مناضلون قدامى. الأستاذ محمود سبي أكبر من أخيه عثمان عمراً وهم أسسوا جمعية العروة الوثقى في حرقيقو وكان سبي يركز على التعليم لان إثيوبيا كانت تحارب التعليم الإسلامي و المسلمون ما كان عندهم الحق أن يدخلوا المرحلة الثانوية في عهد هيلي سلاسي والمعهد ما كان عنده مستويات بس نفس المرحلة مثل المدرسة أساس فقط، و كان لعثمان سبي تفكير وتطلع لتأهيل الطلاب خريجي المدرسة والمعهد وضمن مساعيه الطيبة أنه دخل السودان سرًا من حرقيقو و تواصل مع الاخوان المسلمين على رأسهم الشهيد الصادق عبد الله عبد الماجد رحمه الله واتفق معهم على إرسال طلاب من أرتريا وكان عليهم استقبالهم وتجهيزهم للعبور إلى مصر لمواصلة الدراسة. وبدأ المشروع عمليًا حيث أرسل عثمان سبي دفعات من خريج المدرسة والمعهد إلى السودان تهريبًا.

وكان يستقبلها الشيخ الصادق وكل الاخوان المسلمين ناس عثمان خالد الضوء - الله يرحمه - كانوا يستقبلون طلابنا الذين كانوا يرسلون على شكل دفعات وكان الإخوان المسلمون يقومون بواجب استقبالهم وإرشادهم وتوفير الزاد لهم وتحويلهم إلى مصر عبر الصحراء والمواصلات كانت اللواري ويدخلون مصر تسللا تهريباً كما دخلوا السودان تهريباً.

انحصر دور الاخوان في الاستضافة والدعم والإرشاد ولأن لهم هيكلاً تنظيميا مترامي كانت المهمة سهلة حيث يتم تحويل الدفعات من الخرطوم إلى محطة ومن محطة إلى محطة أخرى في مدن الشمال و كل محطة يصلونها بخطاب وتوجيه يوجب على أهل المحطة تقديم الخدمة اللازمة، نعم شغل الإخوان كان منظمًا وكان فيه الإخلاص وحب الخير لأرتريا والرغبة في دعم قضيتها ولم يكن من مناشطهم طلب الولاء منا والانضمام في الجماعة.

من كان يستلم الطلاب الأرتريين هل لإخوان مصر رابط تنظيمي مع إخوان السودان لتلقي الطلاب القادمين من أرتريا وتقديم الخدمة اللازمة لهم.

لا. كانت مهمة إخوان السودان تنتهي بإدخال الطلاب إلى حدود مصر التي كان فيها اتحاد طلاب أرتري يقوم باستقبال الطلاب القادمين ويرعاهم ويرشدهم ويستخرج لهم مستنداً وبموجبه يستلمون بطاقة لاجئ من مكتب الأمم المتحدة بالقاهرة.

ولم يكن من شروط إخوان السودان الانتماء إلى الإخوان المسلمين في مصر أو وجوب التواصل معهم وإنما كانت الخدمة لله ونصرة للقضية الأرترية والطلاب كانوا مختارين في الانتماء الفكري والسياسي والسلوكي ولهذا تشعبت انتماءاتهم لاحقاً فمنهم من مشى للإخوان أو الجبهة أو حركة تحرير أرتريا كل واحد يختار ما شاء وخدمهم الاخوان و ما فرضوا عليهم أن يكونوا منهم تنظيمًا وانتماءً بل كان همهم الأكبر مساعدة هؤلاء الطلاب في دخول مصر للتعليم وبعدها كانت تأتي مهمة التصرف وكان اتحاد طلبة ارتريا مهمته أنه يتولى شؤون الطالب وهو اتحاد عام لا علاقة له بإثيوبيا ثم دخلت فيه الصراعات فهذا جبهة و هذا حركة. و مع ذلك ظل يقوم بخدمة الطلاب إنه كان يساعد بإعطاء مستند معتبر يذهب به الطالب الأرتري إلى إدارة الوافدين في مصر وبموجب ذلك تمنحه وثيقة التي بموجبها تمنح وزارة الداخلية إقامة لهذا الطالب الأرتري.

ذهبت إلى القاهرة ضمن هذه الدفعات المهاجرة بالتهريب ؟

نعم دخلت السودان في الدفعة الثانية أو الثالثة حسب ما أذكر.

أدوار قمت بها في الثورة ؟

كنت اول ارتري في لبنان، اشتغلت في الاعلام وفي القاهرة شغلت منصب نائب رئيس اللجنة الفرعية لجبهة تحرير الارترية وتعتبر اللجنة الفرعية بعد المجلس الأعلى السلطة التنفيذية الثانية أما أعضاء المجلس الأعلى فكانوا ثلاثة وهم إدريس محمد آدم وعثمان سبي وإدريس قلايدوس. وفي لبنان كنت ممثل الجبهة المتحدة منذ سنة 68، وفي فترة مسكت إدارة مكتب عدن ومن متاعب هذه الفترة كان الصراع واضحاً بين أجنحة المجلس الأعلى وأنا كنت ممثلاً لقوات التحرير الشعبية (وفي نفس الوقت كنت مندوب قوات تحرير في منظمة التحرير الفلسطينية في حركة فتح) وكنت أيضا مستشار لعثمان سبي رحمه الله.

حدثنا عن الدراسة والصراع السياسي هل استطعت أن توفق بينهما ؟

بعد وصولي مصر دخلت في الأزهر وتحصلت على الإقامة وكنا عايشين في مدينة البعوث وقد أكلمت في القاهرة الثانوية العامة تخصص القسم الأدبي مما أهلني للقبول في كلية التجارة بجامعة القاهرة إلا أني تعثرت في مادة الرياضيات البحتة والمحاسبة وشق علي فهم المادة فرسبت فقلت أحاول مرة أخرى وقلت عايز أحول إلى تخصص آخر. وأنا كنت في اللجنة الفرعية في الجبهة وبمجهودي الخاص مشيت إلى الجزائر للدراسة، وصلت الى الجامعة ودخلت في مشاكل مع الجبهة والسياسة وانقساماتها داخل المجلس الأعلى وما كنت مع سبي ولا مع غيره لكن بحكم الانتماء (الاقليمي) اعتبروني من انصار سبي وأنا بقىت محايداً وعندما كنت رئيس اللجنة الفرعية للاتحاد في القاهرة نسجت علاقات مع الناس كان عندي علاقات مع الاعلاميين المصريين ومع اليساريين المصريين والصحفيين، منهم: محمد عودة وأمين رضوان وغيرهم.

استثمرت علاقاتي فأخذت ثلاث رسائل من:

د. فوزري السيد رئيس اتحاد عمال العرب إلى رئيس اتحاد عمال الجزائر

أ. محمود أمين العالم عضو قيادي في الاتحاد الاشتراكي المصري إلى أ. جلول ملائكة عضو مكتب سياسي لحزب جبهة التحرير الجزائرية ورئيس مكتب حركات التحرر.

أ. محمد عودة كاتب سياسي في جريدة الجمهورية - مصر - إلى رئيس تحرير مجلة المجاهد الجزائرية.

كانت هذه الرسائل مفتاح تواصل إيجابي لي في الجزائر ساعدتني على بناء علاقات طيبة مع قطاعات كبيرة وقد استقبلني الرفاق هناك في الجزائر بناء على الرسائل الشافعة من أعلام مصر الإعلاميين والكتاب المعرفين فدخلت الجامعة كلية الآداب قسم الاجتماع وهذه كانت رغبتي.

هل تواصل نشاطك السياسي في الجزائر:

كنت أول أرتري يصل الجزائر ويدخل الجامعة التي بقيت فيها حتى عام 1967م والجزائر كانت دولة مهمة طالعة من الثورة منتصرة على فرنسا. وكانت فرصة كبيرة أن أبدأ النشاط فيها سياسياً فتواصلت مع شخصيات كبيرة في البلد وكانت مقبولا لأني الأرتري الوحيد ثم أني أتيت برسائل من شخصيات مصرية لها صدى واسع في الجزائر. فتواصلت نشاطاتي في القاهرة بنشاطاتي الجديدة في الجزائر وكان عثمان سبي رحمه الله يتواصل معي وأنا تربيتي إسلامية درست القرآن والحديث وفي الليل نصلي التراويح في المسجد وكنا على هذا الخير محافظين.

لكن تيار اليسار جرفنا في القاهرة، وهو كان تيار شعارات أكثر منه تيار قناعات فمشيت في القاهرة مع التيار الموجود وكان معي ادريس عبد الله يرحمه عضو المجلس الاعلى وعثمان سبي وإدريس قلايدوس اليساري كان في تلك الفترة...

وقد تساءلت نفسي: أنا في القاهرة التي فيها ألف ارتري كان عندي فيها نشاط سياسي والجزائر التي ليس فيها ولا أرتري ما يكون عندي فيها ؟ ما معقولة هذه.! والجزائر دولة طالعة من الثورة كان لديها زخم ودور. وكان ذلك مبررا لي ودافعا للتواصل مع النخبة في الجزائر لنسج علاقات لصالح الثورة الأرترية.

وبينما انا كذلك فوجئت أن الصراعات الأرترية جلبت شخصاً إلى الجزائر ممثلا للثورة دوني فأنا اتهموني بأني مندوب سبي ولم يكن كلامهم صحيحًا في حقي ولا في حق سبي.

لاحظت أن نشاطه يتعارض مع نشاطي فنصحته أن يكمل الخطوات التي أنا وصلت إليها ولا يبدأ من الصفر لكنه لم يحفل برأي واعتبرني طالبا صغيرا وقال لي اهتم بدراستك، روح شوف شغلك. قلت له: أنا كنت في القاهرة نشيطاً سياسيًا فكيف لا يكون لي نشاط في الجزائر وهي بلد ثوري منتصر وليس فيها أرتريون ؟

ممثل المجلس الأعلى عثمان على أحمد الذي أرسله: إدريس محمد آدم وإدريس قلايدوس رد علي: أنا بنفسي أقابل المسئولين. ومن حكايات تلك الفترة أن الجزائرين سألوني هل أنتم عرب أو أنتم أفارقة فقلت: نحن جغرافياً في أفريقيا ولكن ثقافياً عرب ونحن نعتبر العالم العربي هو مدخلنا للعام كله.

هذا الجواب كان حقيقة لكنه ما كان يدرك الوضع السياسي الراهن ولهذا كانت إجابة عثمان علي احمد أفضل حيث قال لهم في جلسة أخرى سألوه عما قلت لهم فأجاب: لا،لا نحن مش عرب، نحن أفارقة. فاستهواهم جوابه لأن الجزائر كانت أقرب إلى فرنسا من العالم العربي في ذلك الوقت. والمأخذ عليه أنه اجتهد في تجاوزي ولم يبدأ مما وصلت إليه من علاقات إيجابية وذلك لأنه جاء على خلفية صراعات بين أعضاء المجلس الأعلى وتهم وشكوك.

هل استطعت التوفيق بين الدراسة والخوض في الصراعات السياسية ؟

بخصوص الدارسة والتأهيل في الجزائر فقد تعرقلت نتيجة صراعات واعتبروني (زول سبي) فعوديت في الجزائر بشبهة أنا مندوب عثمان سبي. وذهبت إلى سوريا للدراسة بعدما سحبت أوراقي والتقيت بالسوريين وبسياسيين من دمشق كانوا في الجزائر كان عندهم علاقة بمكتب تحالف الجزائر وسمعوا كلام في الصراع بين الارتريين بخصوص عروبة أرتريا أو أفريقيتها وكنت أعرف الثقافة العامة فقط فالقوميون سمعوا أني أقول بعروبة أرتريا فطلبوا التحدث معي وتقديم الخدمة. اجتمعنا في قهوة يجتمع فيها كل المتكلمين بالعربية دايرين يضموني معاهم وقالو في برنامجنا أي قضية عربية. هم ساعدوني فمشيت لسوريا زمن الصراع وجوزيف أعطاني رسالة للفندق الذي سأنزل فيه فاستقبلني هؤلاء خدمة للقوميين العرب وقد أعطاني صاحب الفندق 50 ليرة وبدا لي أن الأمر كان مرتباً بدقة لخدمتي.

والعروبة نفعت ؟

نعم العروبة نفعت في مثل هذه الخدمات وفي الحصول على الجواز الدبلوماسي العراقي فقد تحصلت عليه قبل ما يتحصل عليه عثمان سبي وأي عضو قيادي آخر ولهذا حسدني كثيرون وغاروا فعادوني وأنا خدمتهم وخدمة القضية الأرترية بهذا الجواز الدبلوماسي.

كم جوازاً استخدمت في حياتك ؟

دبلوماسي عراقي وصومالي.

ما قصة الجواز الدبلوماسي..كيف تحصلت عليه قبل غيرك من المسئولين ؟

بعد عودتي من الجزائر إلى سوريا وأنا أريد الدراسة فيها أخذني الجماعة من الفندق إلى البيت وعثمان سبي ما كان موجود وقال لي: روح لبنان إلى أن تفتح الجامعة وأعطاني 300 ليرة ووحدي في لبنان خلقت علاقات وتواصلت مع الجرائد والصحافة لكن من بين هؤلاء الذين كنت أقابلهم ناس حزبيون بعيدون، فانا جوازي صومالي وهو كان أجنبي ويعتبر فترة للسياحة فقط 15 يوم وترجع فانا ما أقدر أقعد فالصحفيون اللذين عملت معهم علاقات في النهاية هم لديهم انتماءات حزبية من الجزائر فجاء (على غنام) أحد كبارهم وكان هو الذي ذهب الى الجزائر بعد نجاح الانقلاب فيها ونجح في العراق فصار عنده قيادة هناك فجاء الى لبنان في مهمة رسمية فالتقى بالقيادة القطرية لدى لبنان فناقشوا قضيتي فهم يعتبرونها قضية عربية فحدثوه عن اول رجل ارتري اسمه ابراهيم شاب صغير كدا وهو متحمس ومتصل بيننا فقال: إبراهيم هذا أنا خليتو في الجزائر، فاتصلوا بي وقالو انت تعرف (على غنام) فقلت نعم فسألوا عن عنواني وأخبرتهم فجاؤا إلي وبعدها جاء إلى البلد محمد سليمان وقالو هذا يحمل جواز صومالي وهو مطارد فقال: ارسلوه إلي فاخبروني وذهبت إليه فقال: الجماعة مبسوطين منك ووصوني عليك وأعطيته صوري. في هذه الفترة كانت هناك مشكلة صراع المجلس الاعلى والعراقيون استدعوا عثمان سبي طرفًا وحيدًا والمجلس الأعلى طرفا آخر ضده ليصلحوا بينهم. وأنا كنت كلمت عثمان سبي وهو في سوريا بأن عندي علاقة مع على غنام في الجزائر فهو اتصل بسوريا موصيًا بخدمتي وقال: ابراهيم هذا لازم يأتي إلي وأما جوازي فبعد شهرين لم أستلمه على الرغم من صدور الجواز وذلك لأنه تم تسليمه الى المكتب والمكتب انقسم بين سبي وخصومه فماطل في تسليم الجواز لأنهم اعتبروني من أنصار سبي.ويبدو أنهم غاروا كيف استلم الجواز الدبلوماسي قبل القادة الكبار ويبدو أن الجواز يعزز موقف سبي ضد خصومه لأنهم يعتبروني زول سبي.

محمد سليمان سأل عن مصير الجواز بعد أن تأخر تسليمه لصاحبه فسأل:مندوبكم هذا في لبنان ووضعه صعب وإخوانا وصوا عليه وإنا اخرجت له الجواز فسلموه له. وبهذا التوجيه استلمت الجواز من يد عثمان سبي.وثارت ثائرة الخصوم لسبي فقالوا: عثمان سبي كل الممثلين له يجعلهم من أولاد مصوع وضمن التهم على سبي أن إبراهيم محمود ممثل له في لبنان وهو شاب صغير وطالب لم يكمل الدراسة ويحصل على الجواز الدبلوماسي..وتصاعدت التهم والتأويلات السالبة لكل فرصة تتاح لنا ولكل إنجاز نحققه.

هل شاركت في الميدان حروباً مع الثوار ضد المستعمر ؟

لا، أنا كنت مشغولا في الجانب السياسي والإعلامي وموجه من التنظيم للعمل في الخارج وكنت أزور الميدان في المناسبات والمؤتمرات فقط، بينها حضورها مؤتمر التنظيم الموحدة وقبلها مؤتمر قوات التحرير الشعبية. فقد عرفت الميدان عبر هذه المناسبات فقط لأن عملي كان في الخارج.

فشلتم يا رعيل الثورة..اعترف ؟

نحن كمسلمين فشلنا لأسباب موضوعية و لأسباب ذاتية لأننا لسنا طائفة واحدة وكتلة واحدة وكمسلمين كطائفة مش واحد. والمسيحيون كطائفة شيئ واحد، هم كتلة واحدة لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم شي واحد أما نحن فلهجاتنا وعاداتنا مختلفة. هذه الأسباب الذاتية بجانب هذا نحن كمسلمين ما كان عندنا مشروع ولا هدف والمسيحيون كان عندهم هدف ومشروع نحن كنا عاطفيين والمسيحيون حددوا استراتيجيتهم وتكتيكاتهم. وعلى سبيل المثال أذكر أنا كنت رئيس اللجنة الفرعية في القاهرة وعندما جاءت تعليمات من المجلس الاعلى يقولون اكتبوا بيان بهذه المناسبة نكتبه نحن بالعربي وهذا البيان ما يطلع باللغة العربية إلا اذا ترجم للتجرينية لماذا لان المسيحيين ما كانوا مشاركين بل كانوا ضد الثورة منذ الوقت ذاك. وبشكل عام يعني نحن لم يكن لدينا أي رؤية وأي استراتيجية موحدة هم يتحدون تجاه مطلب ويضغطون وأبناء المسلمين يختلفون فيقف بعضنا معهم ليقوى استراتيجيتهم الموحدة فيمضي قرارهم وموقفهم ولهذا كنا نترجم بياناتنا إلى التجرنية مع أنه لا يوجد مترجمون لنا لعقلة عدد الناطقين باللتجرنية فكنا نرسل النص العربي إلى طلبة ناطقين بالتجرينية بينهم شخص اسمه خيار حسن كانوا يحترمونه جدًا لكي يترجمه بالتجرينية فلهذه الدرجة نحن كنا مشوشين. والصراع أحسب أن أسبابه بين المسلمين كانت التنافس في الزعامة لا غير نعم الصراع على الكراسي فقط.

و كان من نقاط ضعفنا أن السواد الأعظم من المسلمين رعاة أو أميون وكدا ولهجاتهم مختلفة وقبائلهم، وقد استغل المسيحيون هذا الوضع وحاولوا أن يفرقوا بيننا وقد نجحوا.

تـابـعـونـا... فـي الـحـلـقـة الـقـادمـة

Top
X

Right Click

No Right Click