المناضل ود قشش فى حديث الذكريات - الجزء الرابع

حاوره الإعلامي الأستاذ: أبوبكر عبد الله صائغ - كاتب وصحفي ثقافي مهتم بالتأريخ

أين كنت خلال سنوات الحرب الأهلية، من هم قادة الكتائب الذين كنتم معهم،

وهل تتذكر بعض أسماء الشهداء ؟

كما هو معروف بعد الأنتهاء من المؤتمر للأول لجبهة التحرير الإرترية صدر قرار بضرب القوى التي لم تشارك في المؤتمر، وهذا القرار الذي أصدرته القيادة دون الرجوع للجماهير أو الجيش هو السبب في إندلاع الحرب الأهلية المشؤومة، الرصاصة الأولي في معارك الحرب الاهلية في تقديري إنطلقت في منطقة "رورا ماريا" والمعارك إمتدت لتشمل كافة المناطق، وأخيراً إنحصرت المعارك والمواجهات بين الجبهتين في أقصي الساحل الشمالي، والذين كانوا يقودون جيش الجبهة في تلك الفترة هم المنماضلون:-

• عبد الله إدريس،
تسفاي تخلي،
محمود حسب،
حسين خليفة حامد محمود،
وأخرون...

وشاركت في معظم معارك الحرب الأهلية في الساحل وأتذكر خلال معارك "قرقر" نحن كنا قبلها في منطقة "عيت" وقررت القيادة خوض معارك ضد قوات التحرير الشعبية، وتحركنا لتنفيذ الهجوم، وفعلاً وصلنا الى منطقة "قرقر" وخضنا معارك طاحنة فيها ضد قوات التحرير الشعبية وأنا كنت أقود فصيلة وكان معي عبد الله طقاي.

في تلك المعركة فقدنا عدد 48 شهيد، وكما خضنا معارك أخري ضد قوات التحرير الشعبية في مناطق "تبح" وفقدنا فيها أيضاً عدد 15 شهيد من طرفنا.

ومعارك "قرقر" الأخيرة كان معنا فيها من القيادات : محمود حسب وتسفاي تخلي، أخيراً التحق بهم عبد الله إدريس وشارك في المعركة مباشرة وأصيب في رجله بجروح، وتلك المعركة، أي معركة "قرقر" كانت هي المعركة الحاسمة في الحرب الأهلية، الشهداء من الجانبين كانوا كثر، ونحن كنا نرابط لحماية جثث شهداءنا وهم أيضاً كانوا يرابطون أمامنا لحماية شهداءهم، وظلت جثث الشهداء من الجانبين في أماكنها، لأن لا أحد يستطيع من الجانبين للدخول لساحة المعركة لأستخراج الجثث. وبقينا على هذا الحال حتى تدخلت بيننا قوات من الجيش السودانى.

وأتذكر جيداً الان حين صدرت الأوامر لفصيلتى بأن أقوم بحراسة الجثث من مكان مرتفع، وبقينا على حراسة الجثث لمدة تزيد على 24 ساعة، ورائحة الجثث المتناثرة كانت تزكم الأنوف، وبدأت الجثث تتعفن، وحين علمت القيادة بأوضاعنا المزرية نتيجة لرائحة الجثث أرسلوا لنا كمية كبيرة من السجائر، وكنا نشرب السجائر على طول الوقت، حتى نتفادي الرائحة الكريهة التي كانت تفوح علينا من الجثث، ومن تلك المعركة والاوضاع التي نتجت عنها تعلمت تدخين السجائر، واخيراً جاءت القوات السودانية لتفصل بين الجانبين، وصدرت الينا الأوامر من القيادة بوقف إطلاق النار وعدم التعرض القوات السودانية التي ستصل لتفصل بين الجانبين، ومن على البعد شاهدت وأنا أرابط بفصيلتى القوات السودانية تدخل الى ساحة المعركة لتفصل بيننا، وفجأة لمحت جنود من قوات التحرير الشعبية يتسللون الى ساحة المعركة في وسط قيادات الجيش السوداني الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية، وابلغت أفراد الفصيلة بهذا الوضع، وقالوا لي ماذا نفعل ؟

وقلت لهم أطلقوا عليهم الرصاص دون إستثناء وفتحنا عليهم النار، ومسؤلي الجيش السوداني هربوا الى الخلف وشاهدت أحد المقاتلين من قوات التحرير الشعبية يقع أرضاً في ساحة المعركة، وكان الهدف من تسلل بعض الجنود التابعين لقوات التحرير الشعبية الي ساحة أرض المعركة هو تجميع الأسلحة والمعدات الأخري التي توجد لدي الشهداء، وخاصة جنود الجبهة لأن عددهم كبير والأسلحة التي توجد بحوزتهم كانت كثيرة ومتطورة، والقوات السودانية حين دخلت الى أرض المعركة كانوا يرفعون علم، وقيادات عسكرية من الجبهة ذهبو إليهم وقال لهم ماذا تريدون ؟

وتبادلوا الحوار بينهم وبين قيادات الجبهة وأخيراً إتفق الجانبان على ضرورة إخلاء الجيش من ساحة المعركة وجنود من قوات التحرير الشعبية كما أوضحت لك سلفاً ذلك.

وبعد تراجع السودانين الى الخلف، جاء إلينا جنديين من الجبهة أرسلهم تسفاى تخلي وقالوا لي لماذا خالفت الأوامر وفتحت النيران عليهم ؟

إلى اللقاء... في الجزء القادم

Top
X

Right Click

No Right Click