الصحفي السوري أحمد أبو سعدة في حوار مع وكالة زاجل الارترية للأنباء - الحلقة الأولى

سماديت كوم Samadit.com

حاوره الأستاذ: باسم القروي المصدر: وكالة زاجل الأرترية للأنباء

• حزب العمل كان مدسوساً على جبهة التحرير وتصرفاته ضد الإسلاميين تثير الشجون.

أحمد عبدالفتاح أبو سعدة• القائد عثمان سبي مات مقتولاً لصالح ضياع هوية الوطن الأرتري.
• كنت ضد مشروع تجنيد الفتيات قسرًا وضد مشروع (فري قدلي).

نحن أمام ما يزيد عن 77 سنة أدبرت من عمر الصحفي المصور السوري صديق الثورة الأرترية الأستاذ أحمد أبو سعدة، أورثت ضعفاً ومرضاً ووحدة وألماً ومع ذلك لا يزال يتقد حماسة وحباً لأرتريا ونضالها، ليس سهلاً أن تناضل في بلاد غير مألوفة لديك، تتسلق جبالها الوعرة، وتخوض بك قدماك الفيافي، ويتهددك فيها آفات الألغام، و الجوع والظمأ و التيه والخوف. وبعد عظيم من الصبر الطويل والنضال المرير تصبح التجربة اليوم عذبة تروى لتعبر على الأقل عن وجهة نظر شخصية كان فاعلها جزئاً من النضال الأرتري، وشاهد عين يرى أنه يتقي الله في الرواية وهو يتعايش مع خواتم عمره المديد إن شاء الله طرقنا الباب فأذن لنا ورحب باللقاء دون أن يكون بيننا تعارف سابق، ولا صحبة حاضرة وقال: يكفي أنكم أرتريون وتعملون من أجل الوطن العزيز أرتريا.

وعلى الرغم من وضع الصديقة سوريا المأزوم - فرج الله كربتها - وجدته مهموما بأرتريا كاهتمامه بوطنه، يذكر الأشخاص والأحداث والأماكن والأفكار ويعبر بشفافية أحياناً وبدلوماسية أحيانا أخرى ويثير بعض أجوبته الشاهدة شهية الاختلاف حولها بين متهم بحجة تاريخية ومتعصب بعنصرية مدافعة للأشخاص الفاعلين التاريخين مثل شاهدته عن سيرة حزبي العمل والشعب في الثورة الأرترية وشاهدته عن قتل عثمان سبي - رحمه الله - بفعل فاعل، وعن ثمار الثورة.. وعن دور الدين في الساحة الأرترية..
والحوار مع الأستاذ أحمد أبي سعدة لم يكتمل لأن بعض أجوبته أثارت أسئلة أخرى جديدة دفعت بها إليه فقد وعد أنه سوف يجيب على الأسئلة الإضافية..وانتظرت طويلاً لكنه شغل عنها بصوارف قاهرة حسب تبريره في تواصله الدائم معي.. ولا زال الوعد الصادق منتظرًا والفأل الحسن متوقعاً.. وكسبًا للزمن استعجلنا بالشروع في نشر المقابلة على حلقات لعل بقية الأجوبة غير المولودة تدرك السابق المنشور.

نحبك يا صديق الثورة والتاريخ والنضال الأستاذ أحمد أبو سعدة..استقبل باقة ورد مضمخة بالعطور الأصيلة..اسمح لنا نطرق بابك لإجراء هذا الحوار مع وكالة زاجل الارترية للأنباء نفتح صفحات من كتاب الماضي والحاضر.

أهلا بكم يا أشقائي وأرسل لكم باقة من الزنبق البلدي السوري وباقة أخرى من يا سمين الشام، لكم حبي وتقديري ويا مرحباً.

أستاذ أحمد طمئنا عليك، نتمنى الخير والصحة والتوفيق.. طمئنا كيف أنت صحة وأهلاً وطيبَ حالٍ في زمن البلاء والفتن في سوريا العربية الأبية ؟

والله أعيش ظروفاً قاسيةً وليس معي أحد فأسرتي كلها خارج سوريا وليس معي سوى الله وقلة قليلة لا يتعدون شخصين أو ثلاثة من أصدقائي فأنا أعاني من الوحدة والألم والمرض فقد بترت ساقي اليمنى وليس هناك من معين سوى الله، هذا هو وضعي.

أنت تحب أرتريا حباً عميقًا،عبرتْ نضالاتك عن هذا الحب، وكتاباتك الغزيرة، والأرتريون يحبونك حبًا عميقاً وربما لا يحسن كثير منهم التعبير عن هذا الحب لقلة أدواتهم لكنهم قد غرس فيهم حبك لأنك خدمت قضيتهم، قلماً ورصاصاً ودعماً.. فكيف ولد حب ارتريا فيك وأنت بعيد الديار حيث تفصل بين دمشق التي تسكنها، وأسمرا التي تناصرها البحارُ والقفاُر يا أستاذ أحمد ؟

ليس هناك شيء بعيد لا بحار ولا قفار أمام الحب النابع من الاحترام ومع احترامي للشعب الإرتري الذي أعطيته معظم سني حياتي كوني شعرت بظلم الإنسان الإرتري من خلال بعض من الشباب والشابات الذين التقيتهم بوطني سوريا، هؤلاء الشباب والشابات كنت أشعر عندما أنظر إليهم إن في داخل أعينهم ألماً دفيناً، ألم ومعاناة كبيرين وكوني كنت أعتنق فكرًا أممياً ومن إيماني بأن على الإنسان أن يناضل ويعمل بأي مكان تتطلبه حرية الإنسان، كنت أرى في وجوه الشباب والشابات الذين كنت ألتقيهم الحزن مكحلاً أعينهم ونبرات صوتهم تنم عن الألم الدفين، هل معقول وأنا الإنسان الذي يؤمن بأن الإنسان خلق لمساعدة الإنسان في أي مكان يظلم فيه كان رؤيتي لهؤلاء الشباب والشابات هو الخيط الذي أوصلني إلى معاناة الشعب الإرتري من الاحتلال من هنا أزيلت كل العوائق الجغرافية التي ذكرتموها في سؤالكم، الإنسان للإنسان أينما وجد وأينما كان، هذا هو الرابط الذي دفعني لأن أكون إلى جانب الشعب الارتري صاحب العيون الحزينة والصوت المكبوت الذي يغلفه الألم ألا يكفي للإنسان أن يقف بجانب إنسان عيناه مليئة بالحزن والخوف،ألا يكفي للإنسان أن يقف مع صوت يشوبه الحزن والتردد، ألسنا نحن بشرًا، هذا أولاً وثانياً إن الروابط التاريخية وممثلة في بعض الشباب الإرتري الذي ذهب وحارب في فلسطين عام 1948 ولو كانوا عدداً بسيطاً إلا أنهم كانوا يعبرون عن ضمير الشعب الارتري.

كنت جزءاً من الساحة الإرترية ثورةً نضالاً وفكرًا وسياسةً.. وقرأت لك أنك من مؤسسي حزب العمل الإرتري في جبهة التحرير الأرترية فجهدك الجميل غير منكور لصالح قضية أرتريا الأرض والإنسان والتاريخ.. فهل تذكر لنا فيم أخطأتَ ؟ وتشهد أمام الله أنه لوعاد الزمان بك لم تكن لتفعل ذلك مرة أخرى ؟ فالاعتراف بالحقيقة من مكارم المروءة.

أولاً: أنا رجل وطني وارتباطي بالثورة الإرترية كان نابعًا من وطنيتي التي عشتها من خلال تاريخنا الوطني العربي السوري ومعاناتنا من الاستعمار الذي قاتله شعبنا على سنوات طويلة، فأنا لم أعمل مع حزب العمل ولا مع غيره وأنا أريد أن أقول لكم شيئًا إن بعض القادة الشباب الارتريين قابلوا أحد المسؤولين الكبار في سوريا وطلبوا منه أن ينتموا إلى حزب البعث، هل تعلمون يا أشقائي ماذا كان رد هذا المسؤول المهم،أقول لكم هذا الكلام بعد سنوات طويلة من حدوثه، قال لهم: حرروا وطنكم وانتموا بعدها فكرياً عقائديًا لمن تشاءون، الآن حرروا الوطن وهكذا كان، أما إنني عملت مع من عمل على تأسيس حزب العمل فهذ غير صحيح وأنا كنت ضد أي تنظيم فكري سياسي سوى تنظيم يكون الفكر الوطني هو الأساس فيه، فانا لست من المؤسسين ولا من المؤيدين رغم إنني كنت معتنقًا ومنظمًا في الحزب الشيوعي السوري لكن ما ينطبق على ارتريا لا ينطبق على سوريا فسوريا دولة مستقلة وحرية انتقاء الإنسان لفكر يناسبه ويعتقد بأنه يساهم في رفع شأن بلده أما أن يكون في بلد يرزح تحت الاستعمار والتخلف من أمية وغيرهاوقد أثبتت التجربة أن الفكر الاشتراكي الماركسي لا يصلح لكل شعب وهذا ما رأيناه في تبعثر الاتحاد السوفياتي علينا ان نتمسك بالخاصية الوطنية وهذا ما كنت أنادي به في أرتريا، فلست من مؤسسين حزب العمل رغم كل ما كان يقال عني وأنا أكتب الآن للتاريخ وللحقيقة.

أنت شاهد على الثورة.. وتعلم أن الثورة الأرترية أتت من عمق الشعب أصيلة.. فكيف أتت الأحزاب الشيوعية الأرترية في النضال الأرتري ؟ وما آثارها الإيجابية والسلبية في الساحة الأرترية ؟

لم يكن هناك أحزاب وإنما فقط حزب العمل وكان لجبهة التحرير الإرترية وحزب الشعب كان للجبهة الشعبية، وأقول لكم شيئاً إن كثيرًا من المواطنين الإرتريين كانوا يسألونني ماهو حزب العمل وشو هي الشيوعية نحن لا نعرف غير وطننا إرتريا وعدونا إثيوبيا فمعظم من قابلتهم من الإرتريين كانوا رافضين لفكرة وإنشاء حزب العمل وهذا الحزب كان عبارة عن لغم وطعم ابتلعه بعض من كان له رأي متطرف، أما بالنسبة لحزب الشعب فقد كان مطية للوصول إلى الشعار الذي يقول (اشتغل باليسار لتصل إلى اليمين) وإذا نظرنا الآن إلى نظام الحكم في ارتريا فماذا تجد، هل تجد الاشتراكية والماركسية أما تجد اليمين المتطرف الطائفي.

أنت تكرر في كتابتك أن المرحوم عثمان صالح سبي تم اغتياله،وابنه فراس عثمان صالح سبي ذكر الشهادة نفسها في لقائه مع وكالة زاجل الأرترية للأنباء.. من قتل الزعيم عثمان سبي في رأيك يا أستاذ أحمد ولماذا ؟

أولا القائد عثمان فعلا قتل قتل ومن كان له مصلحة في ذلك فهو الذي قتله وعلى فكرة إن القائد عثمان هو رجل وطني عربي ولهذا قتل أما من قتله فأنتم تعلمون ذلك.

هل كافأك الارتريون بزواج من فتيات الثورة رفيقات النضال لتكسب القضية صديقاً وصهراً ورفيق نضال ؟ وهل تعرف من اللهجات الأرترية المحلية شيئاً يعينك على التواصل مع الشعب ؟

كان لي الشرف أن أتزوج من إمرأة إرترية لكنني عندما ذهبت كنت متزوجاً وعندي أولاد، وبالنسبة للشق الثاني من السؤال فأنا أعرف بعض الكلمات من بعض اللهجات ولم تكن تلك اللهجات تعيقني من التواصل مع الشعب لأني كنت أتواصل مع الشعب والثوار باللغة العربية التي هي لغة الشعب الإرتري.

رأيك في تجربة الثورة الأرترية حول:

التجنيد الإجباري للأطفال:

أرفض هذا الأمر وأنا ضده وجبهة التحرير الارترية لم تمارس هذا العمل ولم تجند أطفالا مطلقاً.

التجنيد الإجباري للفتيات:

أنا ضده خاصة إننا في مجتمع مغلق والعادات والتقاليد لا تسمح وجبهة التحرير الارترية لم - تمارسه بينما الجبهة الشعبية هي التي كانت تجند الفتيات ولغاية الان.

مشروع أطفال ثمار الثورة (فري قدلي):

كان اسم هؤلاء الأطفال (منجوس) يعني الشبل وللأسف أن يحصل أمر كهذا وخاصة في مجتمع كالمجتمع الارتري المحافظ وأنا كنت ومازلت وسابقى ضد هذا الأمر وللأسف هذا جاء مع الفكر الماركسي وتحت مقولة الجنس تتناوله وقت الحاجة.. للأسف.

إجبار اللغة العربية على الانسحاب من ساحة النضال والحكم لصالح لغة الحاكمين (التقرنية):

هذا غلط وهذا يؤكد عنصرية النظام، لكن لن يستطيعوا تغيير عادات وتاريخ الشعب الإرتري فالشعب الإرتري هو جزء من الأمة العربية والأمة العربية لغتها العربية وهذا أمر طارئ في محاولة إخراج اللغة العربية.

ما أسباب الحروب الأهلية الأرترية في رأيك ؟ هل للفكر العربي والجهد العربي المشتت المتناحر بين سوريا والعراق ودول الخليج علاقة بتلك الحروب دعماً وتأجيجاً ؟

أولاً: علينا ألا ننسى أن أول بندقية ظهرت في الساحة الإرترية كانت عربية سورية كما علينا أن نعترف ونقول مؤكدين إن إرتريا تحررت بمال وسلاح عربي وبدماء إرترية، وأنا أقول شيئاً واحداً رغم الخلافات بين سورية والعراق إلا أنهما كانا متفقين دوماً في دعم الثورة الإرترية، أرجو ألا يرمى بالغلط على الدول العربية في موضوع خلاف الثوار والحروب الأهلية في البلد، أنا أريد أن أسالكم سؤالاً واحدًا ألم يكن اليمن في يوم الأيام أثناء الثورة الإرترية هو مخزن الثورة من السلاح والمواد الغذائية وغيرها ألا تكفي جزيرة كمران في البحر الأحمر أنها كانت قاعدة لتخزين السلاح وغيره لا ترموا الغلط على الدول العربية، إبحثوا عن من قاتل جبهة التحرير الارترية ذات الخط الوطني ومن كان وراء تمويل الفئة التي قاتلتها، في تاريخ 1993/11/13 نشرت صحيفة إرتريا الحديثة في العدد رقم 29 وبالخط العريض تقول الأمين العام للجبهة الشعبية يتماثل للشفاء ويلتقي بيريز...

ثانيا: إرسال الرئيس أسياس أفورقي للعلاج في إسرائيل لا يعني السوريين، وانتقدت الحكومة السورية بتاريخ 1993/1/11 أن يعالج الأمين العام للجبهة الشعبية في اسرائيل وقد قالت صحيفة تشرين الناطقة بلسان الحكومة السورية في تعليق لها: إن البيان المقتضب الصادر عن الحكومة الارترية والذي يتحدث بخجل عن علاج الأمين العام للحكومة الارترية المؤقتة في اسرائيل... إن الذي كتب في ارتريا الحديثة لم يقرأ الجريدة السورية ولم يشاهدها بل أمليت عليه هذه الكلمات إملاء من قبل المسؤولين الارتريين، أليس من المؤسف أن يذهب السيد أسياس أفورقي ليعالج في اسرائيل وهذا شئ مؤلم ومرير لأن صوت القنابل الاسرائيلية التي دمرت وذبحت وقتلت الشعب الارتري لايزال صداها يرن في الآذان، وبهذه المناسبة حضرني هذا الموقف إن عزرائيل عندما أراد أن يقبض روح إبليس قال له إبليس راجيا:اطلب من الله عز وجل أن يطيل عمري ولما سأله عزرائيل عن السبب قال له إبليس - حتى اجمع معي قوم الكافرين - إن العداء من قيادة الجبهة الشعبية للعرب والعروبة كان منذ تأسيسها فعلينا ألا نحمل العرب تبعية ما جرى في ارتريا لأن قيادة الشعبية هي المسؤولة.

حزب العمل كان يقود الثورة جبهة التحرير.. وقد آذى القادة الإسلاميين وعذبهم أشد العذاب أمثال الشيخ حامد تركي والشيخ محمد إسماعيل عبده.. ما الدوافع في رأيك لمثل هذه القسوة الشديدة على مخالفين فكرًا ومشاركين ثورة ونضالاً ؟ شهادتك أمام الله ماذا تقول ؟

حسبي الله ونعم الوكيل، حزب العمل كان مدسوسا على جبهة التحرير والكلام في ذلك يثير العواطف والشجون فلا أريد الكلام به وأن نتخذ من الماضي العبرة فلا شيئ يدوم إلا الصحيح ودخول حزب العمل إلى الساحة الارترية كان من أكبر الأخطاء التي ارتكبت، والذي حدث وللأسف الشديد أن تبنى بعض الأخوة في جبهة التحرير ومن أمثال المرحوم الزين ياسين وإبراهيم توتيل الفكر الماركسي وقد جرتهم العاطفة بأن الجبهة الشعبية قد أسست حزب شيوعي أسمته حزب الشعب الثوري وقد أخذوا المثل الذي يقول مافي حدا أحسن من حدا وهكذا كان...

Top
X

Right Click

No Right Click