من عادات وتقاليد بني عامر

بقلم الباحث الأستاذ: سلمان المزروعي العامري

في شهر رمضان: كان الرجال يفطرون سويا في "الديوان" الشق مع كبير العشيرة، أو عند أحد زعماء

الحي الذي يسكن فيه مجموعة من عائلات وعشائر بني عامر، حيث أن القبيلة لم تكن كلها في منطقة جغرافية واحدة، بل عبارة عن تجمعات تفصل بين كل تجمع مسافة معينة قد يصل بعضا ما بين 5-13 كيلومتر..

فكان لكل تجمع (حي) زعيم أو كبير له دور في فض المنازعات، وله شق يتسامرن فيه، وعندما يقترب موعد الافطار يبدأ الرجال بالتجمع في الشق وكل واحد منهم يحضر معه نوع معين من طعام بيته، ويراقبون غياب الشمس ولم يكن في ذلك الزمان ميكروفون ولا تيار كهربائي، فعندما يرون غياب الشمس يقول أحدهم "أوجبت" أي حان وقت الإفطار فيقوم المؤذن برفع الآذان، ثم يناولون الماء، ويصلون صلاة المغرب، ثم يجلسون على طعام الإفطار.وبعد ذلك يحتسون القهوة، ويتسامرون ويتحدثون لفترة طويلة من الليل..

أما بقية البيوت فكانوا يتبادلون آنية الطعام بينهم، قبيل موعد الإفطار، والجدير بالذكر هنا أن مساكنهم كانت قريبة من السواحل وبعيدة عن المدن وبالتالي ليس قريبون للمساجد، ولذلك كانوا يقيمون الصلاة جماعة عند كبير الحي..

أما صلاة الجمعة فكانوا يذهبون إلى المساجد الموجودة في القرى الكبيرة أو المدن الأقرب لتجمعاتهم..

الأعياد:

ففي عيد الفطر كان الرجال الأقرب من ناحية الأب، يتجمعون ويسيرون سويا لزيارة أرحامهم من منطقة إلى أخرى، ويبدؤون ذلك عقب صلاة العيد والتي تكون في الغالب بعيدة عن تجمعاتهم، أنا صلة الرحم البعيدة فكانوا يذهبون إليها على ظهور الإبل أو الخيول، فيعايدون صلة رحمهم..
أما ليالي العيد وخاصة في أوقات المساء كان الشبان ينشدون القصيد والدحية، ويعزفون على الربابة، ويقيمون الدبكة أيضا ويكون ذلك في الساحة المقابلة للحي وتخرج النسوة يجلسن أمام بيوتهن يراقبن هذا الاحتفال عن بعد، ولا يسمحون للأغراب بمشاركتهم هذا الحفل الخاص، وتستمر طيلة ليالي العيد، وفي ساعات العصر يقيمون سباق الهجن والخيول، ويرفعون رايات بيضاء من قماش جديد على بيوتهم في صباح أول يوم في الأعياد..

في عيد الأضحى :وبعد الصلاة مباشرة، يذهب كل منهم إلى بيته ويذبح أضحيته ثم يقسمها ثلاثة أقسام، ويبدأ الرجال بتوزيع اللحوم أولا على الفقراء وميسورو الحال من الأقربون والجيران، ثم يهدون صلة الرحم والأصدقاء، ويزورون أرحامهم ويعتبرون صلة الرحم من أول الضروريات والمهمات التي يجب القيام بها، كما يقيمون الاحتفالات كما في عيد الفطر.

ومن عاداتهم الخاصة أثناء ذبح الأضحية يحرصون على أن يذبحونها في مقدمة البيت لا خلفه، وألا يلوحون بالسكين أمام الأضحية، وكذلك عدم طهي الطعام إلا في مقدمة البيت (أمامه)..

الزواج:

حرص أبناء القبيلة كلهم وفي جميع مناطق تواجدهم، على أن يتزوج ابن العم ابنة عمه، وله الحق في أن ينزلها من الهودج يوم زفافها بالقوة، وإذا لم يكن لها ابن عم فمن نفس العائلة، وان لم يكن من العائلة فمن بطون وعشائر القبيلة، فأما تزويج القبائل الأخرى، فكان ممنوعا البتة، هذا ما كان سابقا وأما اليوم وان بقي له بعض الأثر إلا أن هذه العادة قد أخذت تتلاشى..

فمن عاداتهم في الزواج ألا يتزوجون بين العيدين ويعتبرون ذلك غير موفقا ويقد يكون زواجا فاشلا..
ومما ذكر حول طريقة الزواج فكان العريس لا يرى عروسه، وربما هي أيضا لم تعلم إلا يوم تجهيزها، وكان العريس يأخذ العروس من بيتها في هودج على ظهر الجمل، ويودعها أبوها أو أخوها، ولا يحضر ذويها طعام الغداء أو وليمة الفرح، وخاصة من رجال عشيرتها الأقربون مثل الأب أو الإخوة، حتى ولو كان العريس ابن عمها اللزم.

أما الاحتفال بيوم الزفاف فكان أهل العريس يقيمون ليالي الدحية والدبكة وسباق الهجن، كما كانوا يحملون العريس ويصفقون له وينشدون هتافات جماعية له ويسمونها الزفة، ويلوح الشبان بالسيوف في ساحة الاحتفال، ويكون طعام أو وليمة العرس في ظهيرة يوم الزفاف نفسه..

المسكن والملبس:

كانت قبيلة بني عامر بجميع عشائرها يسكنون في بيوت الشعر التي تصنع من شعر الماعز، ويبنون من الطين الممزوج بالقش بيوتا يسمونها (البايكة) توضع فيها الحبوب والغلال ولوازمهم الضرورية للمواشي أو يجعلونها كمخازن لمستلزماتهم، كما كانوا ينشئون بيتا للضيافة يكون على بعد من بيوت الأخرى ويسمونه الشق أو الديوان..

أما الملابس فكان الرجل يرتدي سروال فضفاض واسع، يربط عليه حزام، ويضع فيه خنجره،وقميص ويلف رأسه بالعقدة (الحطة أو الكوفية) ووظيفتها حماية الرأس من حر الشمس في الصيف، والبرد القارص في الشتاء، ثم الثوب الطويل (الجلابية) والعقال والحطة والعباءة ويتم ارتداء هذه الملابس في المناسبات الخاصة والعامة، أما النساء فكن يرتدن القناع الطويل الذي يغطي الرأس حتى بداية الساقين، وتسمى القنعة وتكون سوداء اللون وتحتها غطاء آخر إسمه الشاشة ولونها أبيض، وغطاء الرأس المنديل، ثم الداير الذي يغطي ساقيها إضافة للبنطال، كما كن يرتدين الثوب الطويل المطرز وكان لونه أسود عليه تطريز أحمر وأخضر، أما غطاء الرأس والجسد فكما هو الأول..

الحرفة الاقتصادية:

عملت قبيلة بني عامر في بداية نشأتها في رعي الأغنام والماعز والإبل بشكل رئيسي ومارسوا حرفة الزراعة المتنقلة (البسيطة) التي تعتمد على مياه الأمطار، كما عملوا في النقل عبر طرق القوافل مستخدمين الإبل وسيلة أساسية..

ثم عملوا في المرحلة الثانية وخاصة ممكن سكنوا شمال فلسطين في زراعة وغرس الكروم وخاصة العنب والتين وعملوا على تربية الأبقار وصناعة اللبن والأجبان والسمن، وفي سيناء عملوا في الزراعة البعلية والمروية، إلى جانب الرعي مع أن هذه الحرفة أخذت بالاضمحلال بشكل تدريجي لاختلاف طبيعة المنطقة المورفولوجية والتطور العمراني..

قليل منهم يعملون في صيد الأسماك وخصوصا في قطاع غزة، وآخرين يعملون في التجارة والمشروعات التحتية والمحال التجارية في الوقت الحالي، كما اتجه الكثير منهم وخاصة في الستينات من القرن المنصرم وحتى اليوم إلى طلب العلم وقد اثبتوا تفوقهم في هذا المجال..

عادات وتقاليد متنوعة (قل واندثر معظمها):

1. التشاؤم عند سماع نعيق البوم وخاصة إذا نعق فوق البيت، فتقوم المرأة بضرب صفيحة أو حديدة لتخرج منها صوت ثلاثة مرات وتتلو بعض الآيات القرآنية أو الأدعية مثل اللهم إنا نجعلك في نحورهم أو ما شابه.

2. التشاؤم من ملاقاة شخص يحمل إناءا فارغا، ويقولون أنه فال سيء.

3. التشاؤم من العودة المفاجئة عندما يكون الشخص قاصدا طريق معين فيحدث ظرف طارئ يعيده إلى البيت.

4. منع دخول اللحم النيئ على المرأة النفاس، حيث يعتقدون أن ذلك يضر بالطفل والأم على السواء.

Top
X

Right Click

No Right Click