الأستاذ الفنان التشكيلي محمود دبروم وبين حنين الوطن وتجاعيد الزمن

بقلم الأستاذ: عبدالقادر نائب

يقول المبدع كابلي في إحدى روائعه:

كنت في حفله ليلة احكي الريد وأغني

شفت هناك جميلة تسرح بالتمني

كانت حلوه كيف... كانت سمحه كيف...

اقول ألوان خميله ام أصداء لفني...

******   ******   ******   ******

استهل مقالي هذا بهذا المطلع لأغنية الكابلي، لأنني، فعلا كنت في حفلة ليلة... ورأيت هناك جميل.. جميل في خلقه وأخلاقه... جميل في فنه وعلمه... جميل في تواضعه وإنسانيته... جميل في كل شيء... نعم في كل شيء...

كان حلو كيف!!! وكان سمح كيف!!!

لقد تقاطر أفراد الجالية الإرترية بلندن إلى مقرها بمركز النجاشي في أمسية ولا أمسيات مثلها... من أرواع لحظات وأجملها، قضيناها في حضرة من تهوى أنفسنا... في حضرة قامة بقامة بلدي... في حضرة من تتعطل لغة الكلام والأحرف في محياه، وتستبدل بلغة الجمال والحب لتخاطب أفئدتنا وأهواؤنا وأعيننا فنه وجماله... وروحه السامية... إنه أستاذنا الجميل دبروم الذي احتفينا به في مساء الأحد... في 9 من أكتوبر من عام 2016... في مدينة لندن... الفنان دبروم يجبرك بتواضعه وفنه أن ترفع له القبعة وتنحني له إجلالا وتقديرا...

رأيت الحبَّ يسري على قدميه في أطراف القاعة وعمقها، من كل من سار هناك من الجنسين من شباب وشيب... الجميع يريد أن يعبر عن حبه وتقديره لهذا العملاق، ولسان حال الجميع كأنه يكرر أنت كنزنا ولا يمكن أن نفرط فيك... وأنه فعلا كنز لا يقدر بثمن وجميعنا يتلهف ليعانق صاحب الحس المرهف دبروم... لم نشعر بالوقت وتمنينا أن تمتد بنا الساعات لنحلق معه في فنه الراقي الواقعي... وكما قال عن نفسه إنه يميل للفن الواقعي أكثر وإن كان يرسم أيضا أنواعا أخرى...

ومما زان الأمسية تلك الرسائل المسجلة التي أعدها لنا المنظمون للحفل شهادات من شخصيات فنية وثقافية وجميعهم قامات نفتخر بهم... شاهدنا كلمة الفنان المبدع الأستاذ سليمان بخيت من السويد والذي قال عنه دبروم إنه يرى فيه شبابه وأشاد بفنه الجميل... وكذلك من أروع المداخلات كانت من الولايات المتحدة من الأستاذ إبراهيم إدريس الذي تناول في كلمته الضافية المعبرة عن علاقته وصداقته بالفنان المحتفى به، ومما ذكر: أن المناضل القدير نيلسون مانديلا في زيارته لجدة قد وقف على إحدى لوحات الأستاذ دبروم وعبر عن دهشته بتلك اللوحة. وعلمنا من الأستاذ دبروم أن تلك اللوحة هي لوحة "عروس البحر" أو لؤلؤة البحر" وقال عنها إنها من أجمل لوحاته ولمن يحالفه الحظ وزار جدة أن يذهب إلى متحف عبد الرؤوف خليل ويرى بأم عينيه ذلكم الجمال. وأوصى الأستاذ إبراهيم إدريس عن كيفية تخليد فن الأستاذ دبروم من خلال صنع موقع للمحافظة على إرث ونتاج الأستاذ.

ثم رسالة صوتية من الشاعرة والكاتبة الصحفية الأستاذة حنان مران من أستراليا، قالت عن الحفل: إنه لمسة وفاء لفنان نقل بريشته ثقافة وطن كامل... والرسم موهبة عالمية الاستيعاب مفهوم اللغة، لا تحتاج إلى كثير تراجم وتنقل كل وجوه الحقيقة العارية أو الخيال الباهية بألوان زاهية، وفكر عميق... ودور دبروم في نقل الهوية الإرترية إلى أفاق رحبة عبر لوحاته الفنية من محيطها الإرتري... وإنه قيمة ثقافية وفنية يستحق التقدير والاحتفاء.

ورسالة أخرى من الشاعر يبات علي فايد من الخرطوم قال فيها إنه مسرور مشاركة الجالية في تكريمها للفنان الكبير دبروم كما ثمن وأكد على مكانة الفن الدبرومي في رفعة وذوق الإنسان الإرتري وتأثيره الإيجابي في واقع حيواتنا عبر نتاج فنه الثرى.

ثم كانت هناك هدية معطرة من الشاعر صالح طه الملقب "بظميان غدير" قصيدة خاصة للفنان دبروم تحت عنوان "الريشة السمراء" بهذه المناسبة، جاء فيها:

للريشة السمراء
يرتحل القصيد
نتسلق المعنى فيندلع النشيد
منها التقاء الضد فيها نشوةٌ الحبشي
حين يلتحف الهيام ويبتغي الحلم البعيد
اللوحة اختصرت عذابات وبسمات شريدة
ومباهجًا ما نالها الطفل السعيد
فيها نعاينُ نهرَ أغنية بها فنّ فريد
تتلذذ الألوان حين مزجتها
ونعانق الأضداد كي ترقى وتمتهن الصعود
دبروم خذ أحلامنا صغها فنونا
خالداتٍ إننا نهوى الخلود
خذ دمعنا الليلي وارسمه لينصفنا الوجود
سلمتْ أناملك الأنيقة
حين تهمي كي يصافحنا السعود
ولفنّكِ السحري تجتمع الحشود
للفن نبعٌ ليس ينضب
للون نفحٌ قد تسربْ
قد أبدعتْ كفاك كونا فاخرًا
فلك التحية لك الثناء لك التفاتات الورود

أجل لك التحية والثناء سيدي الفاضل... لك التفاتات الورود

وفي ختام الحفل قدمت أسرة المحتفى به هدية كعكة تتوسطها رسمة الحنين للوطن وهدية أخرى من جمعية الآباء الإرتريين في لندن

وفي الختام أود أن أتقدم بالشكر الجزيل للقائمين على هذا الحفل المميز والإعداد الجيد في جمع المادة الجميلة الأنيقة وضح فيها الجهد المضني والمتأني... وترتيب هذا الكم من الشهادات من أحباب وأصدقاء دبروم... ولمقدم الحفل الأستاذ الصديق إبراهيم الحاج كل الاعجاب في تجليه ومحاورته بمهارة فائقة للفنان المبدع الأستاذ دبروم.

Top
X

Right Click

No Right Click